كتاب ومقالات

القارعة على الأبواب تقرع

عين الشمس

عبدالعزيز معتوق حسنين

بسم الله الرحمن الرحيم.. «القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة». القارعة هي القيامة كالطامة والصاخة والحاقة والغاشية، وتوحي بالقرع واللطم فهي تقرع القلوب بهولها، والسورة كلها عن هذه القارعة حقيقتها وما يقع فيها وما تنتهي إليه، فهي تعرض مشهدا من مشاهد القيامة. ذكرت في الأسبوع الماضي أن تفشي الكذب بين الناس هو من العلامات الكبرى للقارعة أي يوم القيامة، ففعلا وفق الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، وما هو واضح أمام الجميع أن القارعة أصبحت على الأبواب تقرع، المشهد المعروض في السورة هو مشهد هول تتناول آثاره الناس والجبال، فيبدو الناس في ظله صغارا ضئالا على كثرتهم، فهم كالفراش المبثوث مستطارون مستخفون في حيرة الفراش الذي يتهافت على الهلاك، وهو لا يملك لنفسه وجهة يذهب إليها فيقول «يومئذ» أين المفر، فكثرة سكان كوكب الأرض الذين تعدوا سبعة مليارات من البشر هي من العلامات الكبرى للقارعة.

القارعة من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع، وهي كلمة مؤذية ومؤلمة ولاذعة فقرعتهم قوارع الدهر، ثم نسمع أن 23 دولة أجازت الزواج المثلي. سبحانه عز وجل في كتابه أنزل كلمة «يومئذ» 23 مرة، فهل هذه صدفة؟ لا والله، لا صدفة في كتاب الله فهو حق لا يعلوه حق، فالزواج المثلي من العلامات الكبرى للقارعة.

ويعتبر الزواج المثلي في الشريعة الإسلامية من أشنع المعاصي والذنوب وأشدها حرمة وقبحا وهو من الكبائر التي يهتز لها عرش الله جل جلاله، من علامات القارعة في الإسلام كثرة القتل، فعن أبي هريرة قال: قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قلت: وما الهرج؟ قال القتل»، رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه.

ومن علامات الساعة الغفلة وهي ما يجعل الإنسان يبطئ حركته، ويقلل سعيه، ويقصر جهده، وضد الغفلة الانتباه، فالمتنبه هو الذي يسرع الخطى، ويكثر سعيه، ويزيد جهده ومن ثم كان الوعي هو الإدراك الكامل للأمور، والتصرف معها بحكمة، والناس مع الله تعالى بين مغشي عليه وغافل، ومن لا يزال يحاول استرداد وعيه وعيا كاملا. الوعود الكاذبة هي من علامات القارعة لأجل ذلك فإن القارعة تذكير الإنسان بما يجب عليه عمله، قبل أن يفوت وقت العمل، فهي سورة أقرب إلى قرع آذان المؤمنين؛ لكي يعملوا فيكثروا من الحسنات بما يثقل معه ميزان حسناتهم يوم القيامة، وتنبههم إلى هاوية جهنم؛ خشية أن يسقطوا فيها إذا خف العمل، فهذه السورة بمثابة تذكرة خفيفة على الطريق لمن غفل؛ كي يتنبه ويجدّ السير، ويحسن العمل، ويسرع الخطى. يقول سبحانه على لسان موسى: «وعجلت إليك رب لترضى».. ولذلك كان الخطاب فيها للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: «وما أَدراك».. الآية، لكي يذكر أمته بما ذكره الله به، لأجل تذكير الإنسان بما يجب عليه عمله، قبل أن يفوت وقت العمل. فإذا عادت أولى القبلتين إلى أيدي اليهود قرعت القارعة، والله أعلم.

للتواصل (فاكس 0126721108)