حين كانت «القناة الثانية» منفى للآخر
ولكم الرأي
الأحد / 06 / ربيع الثاني / 1439 هـ الاحد 24 ديسمبر 2017 01:24
سعيد السريحي
الذين عاصروا بدء بث التلفزيون السعودي قبل ما يزيد على نصف قرن، يتذكرون أن السياسة التي اتبعتها قنواته في كافة مدن ومناطق المملكة، حيث كان لكل مدينة دائرة تلفزيونية خاصة بها، فللرياض تلفزيونها ولجدة تلفزيونها ولمكة والمدينة والدمام وهكذا دواليك، كانت سياسة تلك القنوات جميعها ترتكز على تقديم ظفيرة متكاملة من الأعمال المنتمية للثقافة المحلية والعربية والعالمية، لا تنفصل فيها ثقافة عن أخرى ولا تنعزل فيها معالم حضارة عما سواها، في تلك القنوات. تابع المشاهدون المسلسلات العالمية الشهيرة آنذاك مثل بونانزا وكومبات وفيوري والمسلسل الكوميدي لوسي، وكان برنامج من كل بحر قطرة الذي يقدمه سامي عودة نموذجا لتداخل الثقافات وتكاملها.
وظلت هذه هي السياسة المنفتحة على العالم مستمرة ومعمولا بها حين توحدت قنوات المناطق في قناة واحدة، حتى ظهرت القناة الثانية التي تم تخصيصها للبث باللغة الإنجليزية سنة 1983، وكانت علامة على إقامة جدران فاصلة بين الثقافات والحضارات المختلفة، ذلك أنها لم تكن تعني الاهتمام بثقافة الآخر وتخصيص قناة خاصة به وله، وإذا كانت القناة الأولى موجهة للمواطنين فإن الجمهور المستهدف من القناة الثانية إنما هم الأجانب المقيمون في المملكة.
ذلك ما ينبغي علينا أن نتفهمه وندركه إذا ما وضعنا تاريخ بدء بث القناة الثانية سنة 1983 في سياقه الثقافي والاجتماعي، وهو السياق المرتبط بصعود مد التشدد واستحكام الانغلاق وسيادة فكر يدعو إلى نبذ الآخر وإعلان البراءة منه ومما ينتجه من ثقافات، لم تكن القناة الثانية تعني اهتماما بالآخر ولغته وثقافته وإنما كانت منفى مهذبا ودبلوماسيا لهذا الآخر، كانت القناة الثانية تعني تطهير القناة الأولى من كل ما ينتمي للآخر لغة وفنا وحضارة وفكرا، ولكي نطمئن إلى ما ذهبنا إليه علينا أن نتذكر أن إنشاء القناة الثانية تزامن مع التشدد الذي شهدته القناة الأولى، حيث تم منع بث ما كانت تبثه من أغان ومقاطع موسيقية وتوقف ما كانت تؤسس له من مسرح التلفزيون الذي كان من أهم منجزات التلفزيون السعودي في الفترة التي مرت بين تأسيسه وانغلاقه على نفسه.
في هذا الإطار يمكن لنا أن نتفهم قرار وزير الثقافة والإعلام بتعليق بث القناة الثانية، وهو قرار نتطلع إلى أن ينعكس إيجابا على القناة الأولى، بحيث تعود إلى ما كانت عليه قناة منفتحة على مختلف الثقافات والحضارات والأمم، وحين تنتهي فترة تعليق القناة الثانية تعود لكي تشكل رافدا جديدا للثقافة التي لا تنعزل عن المشاهدين السعوديين بلغة واحدة تلعب دور الجدار الفاصل، قناة تكرس بدورها الانفتاح على الآخر في الوقت الذي تقدم فيه للمشاهد السعودي ما يغريه بمثل هذا الانفتاح والتقبل للثقافات المختلفة.
وظلت هذه هي السياسة المنفتحة على العالم مستمرة ومعمولا بها حين توحدت قنوات المناطق في قناة واحدة، حتى ظهرت القناة الثانية التي تم تخصيصها للبث باللغة الإنجليزية سنة 1983، وكانت علامة على إقامة جدران فاصلة بين الثقافات والحضارات المختلفة، ذلك أنها لم تكن تعني الاهتمام بثقافة الآخر وتخصيص قناة خاصة به وله، وإذا كانت القناة الأولى موجهة للمواطنين فإن الجمهور المستهدف من القناة الثانية إنما هم الأجانب المقيمون في المملكة.
ذلك ما ينبغي علينا أن نتفهمه وندركه إذا ما وضعنا تاريخ بدء بث القناة الثانية سنة 1983 في سياقه الثقافي والاجتماعي، وهو السياق المرتبط بصعود مد التشدد واستحكام الانغلاق وسيادة فكر يدعو إلى نبذ الآخر وإعلان البراءة منه ومما ينتجه من ثقافات، لم تكن القناة الثانية تعني اهتماما بالآخر ولغته وثقافته وإنما كانت منفى مهذبا ودبلوماسيا لهذا الآخر، كانت القناة الثانية تعني تطهير القناة الأولى من كل ما ينتمي للآخر لغة وفنا وحضارة وفكرا، ولكي نطمئن إلى ما ذهبنا إليه علينا أن نتذكر أن إنشاء القناة الثانية تزامن مع التشدد الذي شهدته القناة الأولى، حيث تم منع بث ما كانت تبثه من أغان ومقاطع موسيقية وتوقف ما كانت تؤسس له من مسرح التلفزيون الذي كان من أهم منجزات التلفزيون السعودي في الفترة التي مرت بين تأسيسه وانغلاقه على نفسه.
في هذا الإطار يمكن لنا أن نتفهم قرار وزير الثقافة والإعلام بتعليق بث القناة الثانية، وهو قرار نتطلع إلى أن ينعكس إيجابا على القناة الأولى، بحيث تعود إلى ما كانت عليه قناة منفتحة على مختلف الثقافات والحضارات والأمم، وحين تنتهي فترة تعليق القناة الثانية تعود لكي تشكل رافدا جديدا للثقافة التي لا تنعزل عن المشاهدين السعوديين بلغة واحدة تلعب دور الجدار الفاصل، قناة تكرس بدورها الانفتاح على الآخر في الوقت الذي تقدم فيه للمشاهد السعودي ما يغريه بمثل هذا الانفتاح والتقبل للثقافات المختلفة.