أخبار

تأنيث الصيدليات.. وصفة بلا علاج!

ضعف الراتب وساعات الدوام وبيئة العمل عقبات تواجه الخريجات.. والحل في ذمة «الصحة» و«العمل»

العمل في الصيدليات لزال مقتصرا على الذكور حتى الأن(تصوير: موسى الأحمري)

حسين هزازي (جدة) h_hzazi@

اختلاف ساعات الدوام والمزايا المادية والطموح الوظيفي الذي تقدمه وزارة الصحة للصيدلانيات السعوديات داخل المنشأة الصحية، وضع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في مأزق كبير بعد قرارها تأنيث نشاط العمل في الصيدليات الأهلية. وكشفت عدد من الصيدلانيات لـ «عكاظ» أن الشركات تقدم 50% فقط من رواتب القطاع الحكومي رغم تأديتهن نفس المهام الوظيفية، وخضوعهن لساعات الدوام الطويلة التي تصل إلى 9 ساعات. وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أقرت تأنيث نشاط عدد من المحلات التجارية؛ إذ حددت المرحلة الثالثة، تأنيث العمل بالصيدليات، اعتبارا من مطلع عام 1438هـ، وذكرت الوزارة أن توظيف السعوديات في المحلات التجارية المحددة في القرار، لا يتطلب الحصول على تصريح مسبق منها أو من أي جهة أخرى، غير أنها ألزمت هذه المحال بتعديل أوضاعها بما يتوافق مع أحكام القرارات الصادرة من الوزارة في هذا الشأن.

ووضع قرار العمل تأنيث المحال النسائية في تواريخ محددة، مثل الصيدليات التي حددت لها الأول من عام 1438هـ، فيما منعت أن تعمل المرأة قبل التاسعة صباحاً أو بعد الـ11 ليلاً دون إلزام بذلك، وقصرت العمل في المحال النسائية على السعوديات، ووضعت غرامات على تشغيل الوافدات.

فيما يُقصد بالمحلات القائمة بذاتها – سواء المتخصصة أو المتعددة الأقسام- تلك المحلات الواقعة خارج المراكز التجارية المغلقة أو المراكز التجارية المفتوحة، والموجودة في الشوارع والطرق الرئيسة.

وتقول خريجة الصيدلة فاطمة هزازي، من جامعة أم القرى، إنها واجهت صعوبة كبيرة جداً في الحصول على وظيفة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وما زالت حتى الآن تبحث عن مكان أفضل لتخصصها، مشيرة إلى أن رواتب القطاع الحكومي لا توازي رواتب القطاع الخاص، فهناك فرق شاسع بينهما، إذ إن الحكومية أعلى بكثير.

وأضافت هزازي أن هناك فرقا أيضاً في ساعات الدوام، فالحكومي يقتصر الدوام فيه على 6 ساعات، أما القطاع الخاص فيمتد إلى 8 ساعات وأكثر، ورغم أنها خريجة صيدلة ومن المفترض أن يكون المكان المخصص لعملها «الصيدلية» إلا أنها تؤكد أن العمل في القطاع الخاص لا يتناسب مع شهادتها وقدراتها الوظيفية، وتطمح في الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي تتناسب مع مؤهلها وقدرتها الوظيفية.

الوظائف لا تتناسب مع الشهادة

من جهتها، أكدت عاملة أخرى في مجال الصيدلة بالقطاع الخاص «فضلت عدم ذكر اسمها» أنها خريجة جامعية بدرجة البكالوريوس في تخصص الصيدلة من جامعة سعودية حكومية معترف بها، ومع ذلك واجهتها صعوبات كبيرة في الحصول على وظيفة تتناسب مع شهادتها، رغم نقص التوظيف والحاجة داخل المستشفيات الحكومية، موضحة أن رواتب القطاع الحكومي أكثر من رواتب القطاع الخاص، لذلك تجد معظم موظفات القطاع الخاص يعملن بشكل مؤقت مع البحث بجدية عن وظيفة حكومية، إضافة إلى أن ساعات الدوام في القطاع الخاص أكثر من الحكومي، لافتة إلى أنه لا يوجد مجال في القطاع الخاص لتحسين وضع الموظف مهما كان الطموح رغم أن العمل في القطاع الحكومي شبيه بالقطاع الخاص.

من جانبها، ترى الصيدلانية وعد الحجاجي، وهي خريجة بكالوريوس من جامعة أم القرى، أنها لم تواجه أي صعوبات في التوظيف، وأشارت إلى وجود فرص متميزة في القطاع الخاص ليست كثيرة ولكن يمكن اقتناصها والعمل فيها وبها عوائد ورواتب جيدة ومنها التأمين الطبي، مؤكدة أن ساعات الدوام بالنسبة في عملها في القطاع الخاص متوافقة مع ساعات العمل في القطاع الحكومي وهي ثمان ساعات، أما طبيعة العمل في القطاع الخاص فهي تختلف وحسب الوظيفة، سواء في صرف أدوية في الصيدليات أو في إدارة الجودة والتطوير أو في مصانع الأدوية أو التسويق للأدوية بين الأطباء وزيادة الاستهلاك في الشركات.

الخاص أعلى وأكثر

بدورها، أبانت خريجة الصيدلة من جامعة ابن سينا سارة القرني، وهي تخصص إكلينيكي، مواجهتها لصعوبات كبيرة

في الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي، لكن تختلف مع زميلاتها بخصوص الراتب، فهي ترى أن راتب القطاع الخاص أعلى من راتب الجهات الحكومية، وساعات الدوام هي أكثر أيضا، إذ تصل إلى 9 ساعات، وتطمح في إدارة قسم في شركة أدوية وهي متدربة الآن في برنامج صيادلة المستقبل التابع لشركة أدوية سعودية.

وقالت خريجة صيدلة من جامعة أم القرى (فضلت عدم ذكر اسمها): واجهتني صعوبات كبيرة في إيجاد وظيفة، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، مشيرة إلى أن رواتب القطاع الخاص تقل 50 % من رواتب القطاع الحكومي وهذا فرق شاسع، تسبب في جعل طموح كل خريجات الصيدلة مقتصرا في البحث عن الوظيفة الحكومية، مؤكدة أن عمل الصيدلانيات في المستشفيات الحكومية لا يتجاوز 6 ساعات وفي شركات القطاع الخاص يتجاوز 8 ساعات، ما دفعها للطموح في مواصلة دراساتها العليا.

تباين بين الحكومي والخاص

وتؤكد صيدلانية تعمل في مستشفى حكومي في جدة، أن هناك توسعا في تأنيث الصيدليات وهو مكان مناسب للمرأة، مشيرة إلى أنه لا يوجد فرق بين رواتب الجنسين، مطالبة ببدلات أخرى تتناسب مع طبيعة العمل، وأوضحت أن هناك نقصا داخل الصيدليات ويجب استحداث وظائف وتشغيلها متسائلة عن مصير صيادلة وزارة الصحة والخريجين الجدد.

وأضافت أن دور الصيدلية الفعلي هو التفاعل المباشر مع الطبيب في حال وجود خطأ بالوصفة أو وجود تعارض في إعطاء بعض الأدوية وغيرها، كما أن طبيعة العمل مرهقة وساعات الدوام طويلة، وبعض التخصصات في الصيدلة لا يعطى المشرف عليها بدل إشراف كمشرفي السلامة الدوائية ومشرفي المضادات الحيوية والمشرف على مركز معلومات الأدوية أسوة بباقي التخصصات، موضحة أن مميزات العمل في الصحة (الحكومي)، تكمن في ثبات وظيفة الصيدلي والأمان الوظيفي، والدخل شهري ثابت، والتأمين اجتماعي، والارتقاء في وظائف الوزارة خلال سنوات الخدمة، ومن سلبيات العمل في الصحة ضعف الدخل الشهري نسبيا مقارنة بالمجالات الأخرى، احتمالية

اختلاف مجال العمل بعمل غير متعلق بالصيدلة، عدم القدرة على الاستفادة من تراخيص الصيدلي والتي تسمح له بفتح صيدليات أو مستودعات للأدوية.

وفي سياق متصل، تبين صيدلانية تعمل في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة أن العمل ضمن برامج التشغيل الذاتي (المستشفيات العسكرية /‏ الجامعية /‏ المدن الطبية /‏ بعض مستشفيات وزارة الصحة العاملة بنظام التشغيل) له مميزات، منها الدخل الشهري المرتفع، اكتساب مهارات أكثر في مجال المهنة، تأمين اجتماعي، ومن سلبياته أنه نظام عقود وساعات دوام طويلة وعمل مرهق، مشيرة إلى أنها غير محبذة لعمل الصيدلانيات السعوديات في الأحياء لأسباب أمنية، واحتمالية تعرضها للسطو المسلح وغيره، مفضلة تفعيل نظام العمل الجزئي بـ «نصف الراتب»، وأنه لا يوجد تفاوت في رواتب الصيدلاني أو الصيدلانية داخل القطاع الحكومي، مقترحة وجود حوافز للمجتهدين والمشرفين.

رواتب الصيدلانيين أعلى

فيما قالت طبيبة صيدلانية تعمل في مستشفى الحرس الوطني، إنها تلمس توسعا في توظيف النساء كصيدلانيات في المستشفيات الحكومية والعسكرية أكثر من شركات الأدوية، مشيرة إلى أن ساعات العمل تصل إلى 9 ساعات في المكان التي تعمل فيه، ولفتت إلى أن راتب الصيدلي الذكر في المستشفيات العسكرية أعلى بكثير من راتب الصيدلانية بغض النظر عن سني الخبرة، مؤكدة أن الرواتب غير مجزية، إذ لا يوجد بدل خطر لمن يعمل في تحضير الأدوية الكيماوية ولا يوجد بدل عدوى لمن يقوم بالتثقيف الدوائي للمرضى أثناء خروجهم من المستشفى وبدل النقل يكاد لا يذكر (٤٠٠ ريال فقط) ومعظم الموظفات يعانين من تجميد رواتبهن من أكثر من خمس سنوات بدون علاوات سنوية، فيما وظائف الصيدلانية في المستشفيات العسكرية تعتبر شحيحة وأقل نسبة في التوظيف بين الجهات الأخرى.

مشيرة إلى أن تعيين الصيدلانيات في المدارس الحكومية يعتبر واحدة من فرص العمل التي ممكن إتاحتها نظرا لاحتياج المدارس لذلك تماما كاحتياجهن للممرضة أو دكتورة، معتقدة أن توظيف الصيدلانيات في الأحياء مناسبة بشرط تكون داخل المجمعات التجارية.