ثقافة وفن

قراءة ما تقرأه شفاه المذيعة كريستيان بيسري

عمر بوقاسم *

جميعنا يثق بجدرانه الأربعة، بالفطرة..

يثق بأن لها قوة خارقة..

قوة عجيبة..

قوة سحرية..

قوة.. قوة..

تحميه وتحمي أحلامه..،

تماما مثل هذه الجدران التي أتعايش معها، واثق بها..!

من الطبيعي أن يكون ليس لها ظل، ومن غير الطبيعي أن يكون لها ظل..!، حقيقة لا أذكر أني رأيت ظلا لها،

لا أعرف سر هذه المعادلة،

ولكنني مؤمن بها، نعم، مؤمن بهذه المعادلة..،

: ليس للجدران ظل..!،

جدراني لونتها لتحميني وتحمي أحلامي،

بنيت عرضها وارتفاعها لتحميني وتحمي أحلامي،

جعلتها ملتصقة ببعضها لتحميني وتحمي أحلامي.. ولكن لا أرى لها ظلا

جميعنا يثق بجدرانه الأربعة، بالفطرة..

* * * * *

أدركت مؤخرا بأن الموسيقى، الموسيقى التي تصل لعمق الروح، تحتاج لهذه الجدران الأربعة ولقوتها الخارقة والعجيبة والسحرية..

أدركت هذا وأنا في حالة الصمت المسائي، الذي يرافقني، نعم، غالبا ما يرافقني هذا الصمت المسائي يوما سأكتب عنه الكثير.. الكثير..

عادة أسور هذا الصمت المسائي بموسيقى لسيمفونية ما..

بالرغم أنني لا أحرص على معرفة اسم السيمفونية أو من مؤلفها،

وغالباً اختارها بعشوائية..!،

يكفيني أن تكون منسجمة مع صمتي – طبعاً أنا أجيد خلق هذا الانسجام -.. الموسيقى التي تصل لعمق الروح، لقوة الجدران الأربعة لتنتشر في كل الجهات وكأنها تنبعث من مسامات هذه الجدران.. الجدران تساعدني على الاسترخاء والإصغاء..، شاشة الـ (دي اتش) 40 بوصة، تتوسط أحد هذه الجدران الأربعة،

غالبا يكون وضع الصوت على «كاتم»..،

.. لن يلهني الصمت أو الموسيقى، الموسيقى التي تصل لعمق الروح، عن متابعة ما يعرض على هذه الشاشة..!، وبقوتها الخارقة والعجيبة والسحرية هذه الجدران الأربعة أيضا لن تلهني على قراءة شفاه المذيعة الجميلة كريستيان بيسري بقناة العربية الحدث وهي تقرأ عاجل الأخبار بمهارة، مؤكد لن أعجز على قراءة ما تقرأه شفاه كريستيان بيسري وما يوجع عينيها مما تقرأه «الأمم المتحدة: تحذر من أن تجارة الرقيق في ليبيا قد تشكل جريمة ضد الإنسانية».، «الأمم المتحدة: سكان الغوطة يأكلون القمامة ويناوبون أطفالهم على تناول الطعام».، «دبلوماسيون: مجلس الأمن يبحث قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».

* * * *

وبالصمت وبالموسيقى، الموسيقى التي تصل لعمق الروح، أكمل هذا الشتات الذي يتقرصن على ذاكرتي ويوحدني بعام 1988م بصوت الشيخ إمام وبصوت مارسيل خليفة وأحمد قعبور وأميمة خليل وبكل الأصوات المهزومة في ذاك الزمن، نعم، أصوات مهزومة..، أوهمتني بأنني العربي المنتصر.. وأن العربي أخ للعربي.. «واه يا عبد الودود يا رابص على الحدود ومحافظ على النظام»، «منتصب القامة أمشي مرفوع الهامتي أمشي»، «أناديكم أشد على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم..»، «يه يه يه.. يا شوارع بيروت الحرب اليومية يا مخزن هم..»..

خُدعنا.. خدعنا.. خُدعنا بأن ثوراتنا ربيع لنا وخلاص لنا،.. نعم، خدعنا فلم تكن ثوراتنا ربيعا لنا وخلاصا لنا..!

* * * *

إيران الفارسية.. إيران المجوسية.. إيران الإثنا عشرية، تريد أن تبتر عروبتنا بصواريخها الباليستية وبراميل الأسد.. لن تخدعني وتخدرني هذه الأصوات المهزومة مرة أخرى وتلهيني..، فقد انتشيت بنشوة المنتهى بصوت الرصاصة الأولى لعاصفة الحزم، لعاصفة سلمان بن عبدالعزيز لعاصفة تنتصر لعروبتنا لعاصفة تبتر «الإثنا عشرية»..

ستكون لنا ثورة..، نعم، ستكون لنا ثورة..

وستكون لنا أصوات تغني ونغني بها ومعها.

* كاتب وشاعر