كتاب ومقالات

الأعداء الافتراضيون!

عبير الفوزان

بالأمس القريب عندما دخل الإنترنت إلى حياتنا وأشغلتنا المواقع الإلكترونية التفاعلية والثرثرة في الثقافة والأدب وسوق الأسهم، لم تكن السياسة في بداية الألفية الثانية شغلا شاغلا، بل كان الأدب، حيث كتاب و(قدح) من القهوة هما المسيطران على المشهد.. اليوم اختفى الكتاب وظهرت الوثائق والصور الحقيقية وحتى المزورة.. وتعدى التوثيق من هاجس ليصبح أسلوب حياة.. وتراجع الأدب بأنواعه والثقافة بمكوناتها ليتصدر الاقتصاد والسياسة على المشهد العالمي.. فحتى العجوز التي لا تفك الحرف وتقطن في قرية جبلية أو هجرة قصية فإنها تعرف الربيع العربي.. وترمب.. وإيران.

بالأمس القريب كان بالإمكان أن يهدد شاب فتاة بصورة تظهر نصف وجهها، وربما جنى على حياتها كلها بسبب صورة لنص وجه!.. أما اليوم فأسلوب التهديد اختلف مع أسلوب النبش الجديد، حيث أصبح البحث تسلية متاحة تكفلها لك حروف وأزرار.. فحسابك في تويتر، أو الفيس بوك ينضح بما في قدحك السابق.. فلا مفر بوجهك ولا نصفه!

بالأمس القريب كانت الحكومات تهدد بعضها برموزها.. بمحاولة استجلاب صور فاضحة، أو حبك قصص ماجنة ليكون الرمز بطلها.. أما اليوم فالصور والقصص المفبركة وحتى الحقيقية منها لم تعد تجدي بعد أن تم انتخاب الرئيس دونالد ترمب، على الرغم ما قيل عنه من قصص ماجنة وحكايا يندى لها الجبين، وحتى ما قاله هو في العلن عن المرأة والمهاجرين.. وحلفاء حلف الأطلسي..

بالأمس القريب كان الأعداء متخفين.. يلدغون كالأفعى.. أما اليوم وعلى منصات التواصل الاجتماعي يواجهك جيش من الأعداء الافتراضيين.. حسابات كثيرة لو أطلقت عليك وكانت حقيقة لمزقتك شر ممزق.. لكنها في الحقيقة أشبه ما تكون لعبة من وهم!

abeeralfowzan@hotmail.com