كذب «المحللون» ولو صدقوا!
الأربعاء / 21 / محرم / 1429 هـ الأربعاء 30 يناير 2008 20:53
تركي العسيري
.. يا فرحة ما تمت!
قالها جاري المشتغل في الاسهم, وهو يرى اللون الاحمر القاني (يلتهم) الشاشة أمامه, ثم أردف: لم نصدق أن السوق تعافى قليلا حتى عاد الى سقمه القديم!
ويخيل إليّ أن سوق الاسهم السعودية مصاب بمرض نفسي يدعى (الفصام) أو "بنقص المناعة" الذي لا يمكن التعافي منه, فما أن تلوح في الافق علامات التعافي والاخضرار حتى تنتكس حالته ويعود إليه "سقمه", ينثر الدم الاحمر على شاشة التداول في اشارة الى عدم قدرته على مجابهة الأنواء والإشاعات والأخبار المشبوهة.
ما يجري في سوق الاسهم أمر يحير لم نعرف كنهه, وبتنا ضحايا لأقوال هؤلاء المحللين, وملاك مكاتب الاستشارات المالية.. الذين "يترززون" صباح مساء على الشاسة حتى حفظنا الوان سحناتهم, ورنة اصواتهم, وقاموسهم اللفظي الذي يبشروننا من خلاله على ان سوق الاسهم استرد عافيته وخرج من غرفة العناية الفائقة.. وأصبح شابا قويا قادرا على التحدي و"الصمود والتصدي", وأن عام (2008) هو عام النمو والرخاء والارباح.
لكن الملاحظ أن بداية العام لا تشي بأي فرج, ولا أي شفاء من العلة القديمة, بل مازال يرزح تحت وطأتها, ولايستطيع الفكاك منها أو التخلص من آثارها.
(ويبدو لي ايضا – والله أعلم – أن هؤلاء المحللين بابتساماتهم اللافتة يفهمون في كل شيء إلا في قضية الاسهم).. بدليل أن كل توقعاتهم كانت تصب بعكس المؤشر تماما.
فكثيرا ما قالوا لنا إن سوق الاسهم يعيش اليوم افضل حالاته, وإنه يركب موجة صاعدة لا يمكنها أن تتوقف أو تعود "القهقرى" لانها ستجابه بجيش من نقاط المقاومة و"الدعم اللوجستي" التي ستقف في وجه أي هبوط.. لكن الواقع يقول غير ذلك بحيث ان نقاط المقاومة تلك والتي (دوخونا) بها من خلال الفضائيات والصحف تحولت الى (كباري) تسهل موجة الانحدار.. ولم تعد هناك مقاومة "ولا ما يحزنون".. بل هناك "جرف هار" يستقبل المؤشر بكل ترحاب.
يوم الثلاثاء الاسود الذي خسرت فيه سوق الاسهم 999.5 نقطة والايام التي قبله والتي جاءت بعده، مؤشر حقيقي على أن السوق لدينا سوق هش, ولا يخضع لمقاييس علمية أو منطلقات مقنعة.. وإلا ما معنى ذلك إذا كان الوضع الاقتصادي المحلي يعيش أفضل حالاته على الاطلاق.. اسعار بترول مرتفعة, اقتصاد متين ومتنام, أرباح عالية بالمليارات تحققها الشركات والبنوك.. إذن أين الخلل؟
ولو افترضنا جدلا وقبلنا بالمؤثرات الخارجية كالخوف من ركود الاقتصاد الامريكي.. فلماذا انحدرت سوق الاسهم السعودية في الفترة الماضية (2006) تحديدا حتى وصلت الى بوابة الـ(6000) نقطة بينما البورصات والاسواق المالية العالمية تحقق وقتها الارباح والصعود ولم نتأثر بذلك!
لست خبيرا اقتصاديا, ولكنني أزعم أنني امثل شريحة لا يستهان بها من صغار المستثمرين, الذين يريدون ان يعرفوا بالضبط ماذا يجري في سوق الاسهم لدينا.. لماذا لا يخرج علينا مسؤولو هيئة سوق المال ليبددوا حيرتنا مما يحدث.. بدلا من أن يتركونا "نهبا" لأقوال المحللين الذين يتحدثون عن كل شيء إلا عن العلة التي يعانيها السوق.. وأظن أنه حان الوقت ليخرج علينا المسؤولون عن السوق ليفسروا لنا بكل شفافية ومهنية السر في ما يحدث, والا فان علينا أن نسحب استثماراتنا, وليتصارع "الهوامير" واسماك القرش في ما بينهم.. بدل ان يتصارعوا على غلتنا نحن اسماك الساردين الضعيفة ويلتهمونا – والموت ملتهمنا جميعا – ونعود كما ولدتنا امهاتنا "عرايا" خالين من الذنوب والآثام والمدخرات.. والله المستعان!!
تلفاكس: 076221413
قالها جاري المشتغل في الاسهم, وهو يرى اللون الاحمر القاني (يلتهم) الشاشة أمامه, ثم أردف: لم نصدق أن السوق تعافى قليلا حتى عاد الى سقمه القديم!
ويخيل إليّ أن سوق الاسهم السعودية مصاب بمرض نفسي يدعى (الفصام) أو "بنقص المناعة" الذي لا يمكن التعافي منه, فما أن تلوح في الافق علامات التعافي والاخضرار حتى تنتكس حالته ويعود إليه "سقمه", ينثر الدم الاحمر على شاشة التداول في اشارة الى عدم قدرته على مجابهة الأنواء والإشاعات والأخبار المشبوهة.
ما يجري في سوق الاسهم أمر يحير لم نعرف كنهه, وبتنا ضحايا لأقوال هؤلاء المحللين, وملاك مكاتب الاستشارات المالية.. الذين "يترززون" صباح مساء على الشاسة حتى حفظنا الوان سحناتهم, ورنة اصواتهم, وقاموسهم اللفظي الذي يبشروننا من خلاله على ان سوق الاسهم استرد عافيته وخرج من غرفة العناية الفائقة.. وأصبح شابا قويا قادرا على التحدي و"الصمود والتصدي", وأن عام (2008) هو عام النمو والرخاء والارباح.
لكن الملاحظ أن بداية العام لا تشي بأي فرج, ولا أي شفاء من العلة القديمة, بل مازال يرزح تحت وطأتها, ولايستطيع الفكاك منها أو التخلص من آثارها.
(ويبدو لي ايضا – والله أعلم – أن هؤلاء المحللين بابتساماتهم اللافتة يفهمون في كل شيء إلا في قضية الاسهم).. بدليل أن كل توقعاتهم كانت تصب بعكس المؤشر تماما.
فكثيرا ما قالوا لنا إن سوق الاسهم يعيش اليوم افضل حالاته, وإنه يركب موجة صاعدة لا يمكنها أن تتوقف أو تعود "القهقرى" لانها ستجابه بجيش من نقاط المقاومة و"الدعم اللوجستي" التي ستقف في وجه أي هبوط.. لكن الواقع يقول غير ذلك بحيث ان نقاط المقاومة تلك والتي (دوخونا) بها من خلال الفضائيات والصحف تحولت الى (كباري) تسهل موجة الانحدار.. ولم تعد هناك مقاومة "ولا ما يحزنون".. بل هناك "جرف هار" يستقبل المؤشر بكل ترحاب.
يوم الثلاثاء الاسود الذي خسرت فيه سوق الاسهم 999.5 نقطة والايام التي قبله والتي جاءت بعده، مؤشر حقيقي على أن السوق لدينا سوق هش, ولا يخضع لمقاييس علمية أو منطلقات مقنعة.. وإلا ما معنى ذلك إذا كان الوضع الاقتصادي المحلي يعيش أفضل حالاته على الاطلاق.. اسعار بترول مرتفعة, اقتصاد متين ومتنام, أرباح عالية بالمليارات تحققها الشركات والبنوك.. إذن أين الخلل؟
ولو افترضنا جدلا وقبلنا بالمؤثرات الخارجية كالخوف من ركود الاقتصاد الامريكي.. فلماذا انحدرت سوق الاسهم السعودية في الفترة الماضية (2006) تحديدا حتى وصلت الى بوابة الـ(6000) نقطة بينما البورصات والاسواق المالية العالمية تحقق وقتها الارباح والصعود ولم نتأثر بذلك!
لست خبيرا اقتصاديا, ولكنني أزعم أنني امثل شريحة لا يستهان بها من صغار المستثمرين, الذين يريدون ان يعرفوا بالضبط ماذا يجري في سوق الاسهم لدينا.. لماذا لا يخرج علينا مسؤولو هيئة سوق المال ليبددوا حيرتنا مما يحدث.. بدلا من أن يتركونا "نهبا" لأقوال المحللين الذين يتحدثون عن كل شيء إلا عن العلة التي يعانيها السوق.. وأظن أنه حان الوقت ليخرج علينا المسؤولون عن السوق ليفسروا لنا بكل شفافية ومهنية السر في ما يحدث, والا فان علينا أن نسحب استثماراتنا, وليتصارع "الهوامير" واسماك القرش في ما بينهم.. بدل ان يتصارعوا على غلتنا نحن اسماك الساردين الضعيفة ويلتهمونا – والموت ملتهمنا جميعا – ونعود كما ولدتنا امهاتنا "عرايا" خالين من الذنوب والآثام والمدخرات.. والله المستعان!!
تلفاكس: 076221413