كتَّاب لـ«عكاظ»: من يمتلك «نص» الحياة سيجد طريق الكتابة
السؤال: هل هي الكم «المسفوح» في المواقع الإلكترونية وسخافات المجلات البراقة؟
الأحد / 27 / ربيع الثاني / 1439 هـ الاحد 14 يناير 2018 02:55
أروى المهنا (الرياض) arwa_almohanna@
يتساءل الكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس: ما إذا كانت الكلمة تستطيع أن تكون فعلاً حقيقياًَ!
«عكاظ» سألت كتَّابا عن مدى إيمانهم بالكلمة وكونها تعمل عملا حقيقيا، إذ يرى الروائي العراقي علي الحديثي أنه «برغم أن الكلمة لم تصبح فعلا حقيقيا إلا القليل جدا، وربما النادر قياسا مع كمية ما كتب، إلا أن هذا النادر كان رسالة مفادها أن الكلمة يمكن أن تكون فعلا حقيقيا لو وجدت الروح الحقيقية التي تبحث عن حريتها.. عن ذاتها.. عن وجودها.. الكلمة بذرة يجب أن تسقى بصدق مشاعرنا لتغدو شجرة مثمرة».
وحول الصدى الحقيقي الذي يبحث عنه من خلال الكتابة، يشير إلى كل أحد منا في داخله شيء يبحث عنه «لا أظن أننا نعرف ماهية هذا الشيء، فنحن بكلماتنا نحوم حوله، نحاول أن نعرف ملامح ذلك الشيء المبهم بلا جدوى.. لهذا نحن نكتب ونكتب وسنبقى نكتب لنصل إليه ولن نصل».
فيما ترى الروائية السعودية فاطمة الحميد أن ثمة حياة ينبغي أداؤها بشكل يومي وكأننا منوّمون مغناطيسا «هنالك حياة عن نفسي أجهد في ألا تكون نسبة الأعباء المفروضة علي فيها أكبر من تلك التي أُشغفُ بها على الأقل. والحياة الثانية والتي هي أكثر صمودا بالنسبة لي، هي حياتي المتكئة على منضدة الكتابة، وبلا تحكم كامل بما أكتبه».
ونبهت إلى التواجد بالإصرار والصبر التامين، وفي مكانين مختلفين في الشكل والمضمون هو جوابها لسعدالله ونوس المُضِيء من تُربته على حسب وصفه «الكلمة فعل حقيقي، نعم هي كذلك معظم الوقت لا يتوقع المرء ما القادم منها ليكتمل في جملة، وما الذي سيخفيه المحو أو الالتباس، فثمة ما يتغير من حولك وفي داخلك طوال الوقت، وأقول لك بخصوص الصدى الذي أبحث عنه هو أني أحب الأشياء الصغيرة تحت المجهر، أحب العالم الذي أعثر عليه داخل عالم في بطن عالم وهكذا...كل ما يبدو بحجم كون تحت عدسة مكبرة يجذبني أكثر مما هو بيّن للجميع»، مضيفة «الصدى الذي أبحث عنه وأريده مدويا هو صدى الأشياء الصغيرة التي لا تُرى من قبل الآخرين وأراها أنا بكل وضوح».
فيما ذهب الروائي السوري فادي عزام إلى وصف «برتولد بريخت» بحرفية مسرحية عالية مشهداً مذلاً للعلم والكتابة أمام محاكمة الجهل والخرافة يجعل بطله غاليليو يقول بهمس لم يسمعه أحد من لجنة المحلفين والقضاة من كهنة السياسة والدين: «رغم ذلك فهي تدور»، موضحا أن «غاليليو أودع كتاباته التي نجت من المداهمة والمصادرة عند أحد تلاميذه طالباً منه الهرب إلى أرضٍ تستطيع تقبل هول فكرة أن الأرض تدور حول الشمس رأى التلميذ المتحمس في موقف أستاذه تنازلاً وجبناً، فصاح في وجهه: الويل لأمة تخلو من الأبطال. فردّ العالم الجليل بهدوء: يا بني الويل لأمة تحتاج إلى أبطال».
والسؤال اليوم هل الكتابة هي هذا الكم المسفوح في مواقع النت وسخافات المجلات البراقة؟ أم هي ما يسطره أصحاب زوايا الرأي في الجرائد العربية وهم يسوّقون مشاريع على مقاس دولنا المتخمة بالعنف واللاشرعية؟، هل الكتابة هي ما ينشر في الإعلام المفّصل، بخطوطه الحمراء المتشابكة، حتى غدت سلات المهملات أصدق الأماكن في غرف التحرير؟ مؤمناً أن الكتابة الصادقة ستحمي نفسها «الحاجة للكتابة ليست بطراً، إنها حاجة بيولوجية ونفسية للبشر الطبيعيين. حرية التعبير كما يعرفها كل من قُتل أو سُجن من أجلها لا يمكن تكميمها مهما امتلكت سلطات التفتيش من وسائل لكم الأفواه ومصادرة الكتابة»، منبهاً إلى أنه من يريد التعبير سيجد الوسيلة.«نتذكر هنا فيلم (الماركيز دي ساد)، إذ تحاول السلطة الدينية والسياسية منعه من الكتابة فتقوم بحبسه، يهرّب أوراق مقالاته من السجن، فيمنعون عنه الحبر، يكتب بالنبيذ فيمنعون النبيذ، يبدأ الكتابة بدمه، فيصادرون الريشة. يثقب أصابعه ويخط بها على الشراشف والإملاءات، فيجردونه حتى من ملابسه، فيكتب ببرازه على جدران زنزانته» مؤكداً إلى أن من يملك إرادة القول لن يقف في وجهه أحد لا سجون ولا مناف ولا حتى موت، فقط من يمتلك نصَّ الحياة سيجد الطريق إلى الحياة. إنها الكتابة، إن كانت حقيقية فهي تفعل كل شيء على حسب وصفه.
«عكاظ» سألت كتَّابا عن مدى إيمانهم بالكلمة وكونها تعمل عملا حقيقيا، إذ يرى الروائي العراقي علي الحديثي أنه «برغم أن الكلمة لم تصبح فعلا حقيقيا إلا القليل جدا، وربما النادر قياسا مع كمية ما كتب، إلا أن هذا النادر كان رسالة مفادها أن الكلمة يمكن أن تكون فعلا حقيقيا لو وجدت الروح الحقيقية التي تبحث عن حريتها.. عن ذاتها.. عن وجودها.. الكلمة بذرة يجب أن تسقى بصدق مشاعرنا لتغدو شجرة مثمرة».
وحول الصدى الحقيقي الذي يبحث عنه من خلال الكتابة، يشير إلى كل أحد منا في داخله شيء يبحث عنه «لا أظن أننا نعرف ماهية هذا الشيء، فنحن بكلماتنا نحوم حوله، نحاول أن نعرف ملامح ذلك الشيء المبهم بلا جدوى.. لهذا نحن نكتب ونكتب وسنبقى نكتب لنصل إليه ولن نصل».
فيما ترى الروائية السعودية فاطمة الحميد أن ثمة حياة ينبغي أداؤها بشكل يومي وكأننا منوّمون مغناطيسا «هنالك حياة عن نفسي أجهد في ألا تكون نسبة الأعباء المفروضة علي فيها أكبر من تلك التي أُشغفُ بها على الأقل. والحياة الثانية والتي هي أكثر صمودا بالنسبة لي، هي حياتي المتكئة على منضدة الكتابة، وبلا تحكم كامل بما أكتبه».
ونبهت إلى التواجد بالإصرار والصبر التامين، وفي مكانين مختلفين في الشكل والمضمون هو جوابها لسعدالله ونوس المُضِيء من تُربته على حسب وصفه «الكلمة فعل حقيقي، نعم هي كذلك معظم الوقت لا يتوقع المرء ما القادم منها ليكتمل في جملة، وما الذي سيخفيه المحو أو الالتباس، فثمة ما يتغير من حولك وفي داخلك طوال الوقت، وأقول لك بخصوص الصدى الذي أبحث عنه هو أني أحب الأشياء الصغيرة تحت المجهر، أحب العالم الذي أعثر عليه داخل عالم في بطن عالم وهكذا...كل ما يبدو بحجم كون تحت عدسة مكبرة يجذبني أكثر مما هو بيّن للجميع»، مضيفة «الصدى الذي أبحث عنه وأريده مدويا هو صدى الأشياء الصغيرة التي لا تُرى من قبل الآخرين وأراها أنا بكل وضوح».
فيما ذهب الروائي السوري فادي عزام إلى وصف «برتولد بريخت» بحرفية مسرحية عالية مشهداً مذلاً للعلم والكتابة أمام محاكمة الجهل والخرافة يجعل بطله غاليليو يقول بهمس لم يسمعه أحد من لجنة المحلفين والقضاة من كهنة السياسة والدين: «رغم ذلك فهي تدور»، موضحا أن «غاليليو أودع كتاباته التي نجت من المداهمة والمصادرة عند أحد تلاميذه طالباً منه الهرب إلى أرضٍ تستطيع تقبل هول فكرة أن الأرض تدور حول الشمس رأى التلميذ المتحمس في موقف أستاذه تنازلاً وجبناً، فصاح في وجهه: الويل لأمة تخلو من الأبطال. فردّ العالم الجليل بهدوء: يا بني الويل لأمة تحتاج إلى أبطال».
والسؤال اليوم هل الكتابة هي هذا الكم المسفوح في مواقع النت وسخافات المجلات البراقة؟ أم هي ما يسطره أصحاب زوايا الرأي في الجرائد العربية وهم يسوّقون مشاريع على مقاس دولنا المتخمة بالعنف واللاشرعية؟، هل الكتابة هي ما ينشر في الإعلام المفّصل، بخطوطه الحمراء المتشابكة، حتى غدت سلات المهملات أصدق الأماكن في غرف التحرير؟ مؤمناً أن الكتابة الصادقة ستحمي نفسها «الحاجة للكتابة ليست بطراً، إنها حاجة بيولوجية ونفسية للبشر الطبيعيين. حرية التعبير كما يعرفها كل من قُتل أو سُجن من أجلها لا يمكن تكميمها مهما امتلكت سلطات التفتيش من وسائل لكم الأفواه ومصادرة الكتابة»، منبهاً إلى أنه من يريد التعبير سيجد الوسيلة.«نتذكر هنا فيلم (الماركيز دي ساد)، إذ تحاول السلطة الدينية والسياسية منعه من الكتابة فتقوم بحبسه، يهرّب أوراق مقالاته من السجن، فيمنعون عنه الحبر، يكتب بالنبيذ فيمنعون النبيذ، يبدأ الكتابة بدمه، فيصادرون الريشة. يثقب أصابعه ويخط بها على الشراشف والإملاءات، فيجردونه حتى من ملابسه، فيكتب ببرازه على جدران زنزانته» مؤكداً إلى أن من يملك إرادة القول لن يقف في وجهه أحد لا سجون ولا مناف ولا حتى موت، فقط من يمتلك نصَّ الحياة سيجد الطريق إلى الحياة. إنها الكتابة، إن كانت حقيقية فهي تفعل كل شيء على حسب وصفه.