هزيمة هتلر والرايخ الثالث تغلق الستار على هيمنة 400 سنة أوروبية
الحرب الكونية الثانية جنون الرايخ ..مأساة القرن العشرين (الحلقة الاخيرة)
السبت / 15 / ربيع الثاني / 1427 هـ السبت 13 مايو 2006 19:26
ترصدها:عهود مكرم
تحت قيادة الجنرال ألامريكي دوايت د. أيزنهاور تم انزال 619 ألف جندي من جنود الحلفاء على شواطئ النورماندي يوم 6 يونيو 1944مع مظلة جوية بالغة الحد وبدأ التحرك باتجاه الصومعة الاوروبية وتم تحرير باريس في 25 أغسطس ووصلت قوات الحلفاء المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا- مع قوات من الكومنولث - وفرنسا الى بروكسل في سبتمبر وفي أكتوبر احتلت مدينة آخن الألمانية على الحدود البلجيكية.
يقول المؤرخ الألماني البروفيسور نوربرت فراي بأن حملة نورماندي فاقت أى تصور في الحرب العالمية الثانية و فاقت في حجمها وتكتيكها حملة ستالينجراد....و أنها كانت بداية الهزيمة التى سحبت البساط من تحت أقدام زعامة أوروبية استمرت 400 سنة لتدخل الولايات المتحدة لأول مرة بهذا الحجم القارة الاروبية ويتحول ميزان القوى على مدى سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ليبقى بين الولايات المتحدة من جانب والاتحاد السوفييتي من جانب آخر الى تاريخ انهيار سور برلين...وبدء الانتفاضة الشعبية في دول أروبا الشرقية في نوفمبر 1989م. ويرى أن عملية الانزال على شواطئ الأطلنطي أدت الى انهيار الكيان السياسي المعنوي للرايخ حتى أن هتلر تحدث في 30 يناير 1945 عن القدر المخيف.
وعودة الى اجتياح قوات الحلفاء للاراضي الاروبية بدأت قوات الفيرماخت تتقهقر لتترك من ورائها - الارض المحترقة - فالجنرالات الألمان كانت خطتهم ألا تتمكن قوات التحالف الدولية بقيادة القائد الأعلى أيزنهاور من عبور الكبارى وعلى هذا الاساس قام الجنود الألمان بتفجير ما يزيد عن 40 كوبريا بين بازل السويسرية وأميريش الألمانية ما عدا كوبري واحد فقط لم يفجر وهو كوبرى مدينة ريماجن على ضفاف الراين...وحسب ما جاء على لسان رئيس أركان حرب قوات أيزنهاور الجنرال فالتر بيديل سميث أن كوبرى ريماجن حدد مسار الحرب...
كيف ذلك : يقول د. فراي أنه في ظهر يوم 7 مارس 1945 وصلت القوات الأمريكية الى منطقة الراين وتمكنت دون أى مقاومة من العبور على كوبري ريماجن والوصول الى داخل المدينة الأمر الذي أدى الى تحرير 10آلاف من المواطنين الألمان وانقاذهم من مجاعة حقيقية... فيما اعتبر آخرون أن دخول القوات الأمريكية هزيمة لهم. ويواصل: قائد القوات الألمانية في المدينة كان قد تلقى أوامره بأن يستعد لتفجير الكوبري الشهير ولكن عليه أن ينتظر قليلا ويبدو أن هذا الانتظار حسم الحرب ضد هتلر.
الهزيمة وانتحار هتلر
في هذا التوقيت... فبراير 1945 كانت قوات ستالين الجيش الأحمر قد أستردت القرمز من الألمان وبدأت تتحرك باتجاه برلين حتى وصلت الى منطقة نهر الاودر 70كم قبل العاصمة..
وبدأ تشكيل - كماشة - حول المدينة اذ تحركت قوات «الجبهة الاوكرانية» بقيادة مارشال ايفان كونيف واحتلت وسط برلين في نفس الوقت نزحت قوات جبهة روسيا البيضاء بقيادة المارشال جيورجي شوكوف وانتصرت على قوات الفيرماخت لدى معركة زيلوفر الشهيرة واحتلت شمال المدينة.
تعرضت القوات السوفييتية الى مقاومة ألمانية كبيرة ومعارك وسط المدينة وتمكنت قوات الجيش الأحمر من الوصول الى قلب برلين....
في هذه الاثناء كانت جستابو الرايخ الثالث تتعقب كل ألماني يفر من الالتحاق في قوات مقاومة الغزو السوفييتي كما ظلت ماكينة الدعاية ود. جوبلز ببث معلومات كاذبة عن أسلحة مخبأة تنوي الفيرماخت اخراجها لقلب الصفحة لصالحها وفي يوم 30 أبريل كان واضحا أن الهزيمة لا رجعة فيها قام هتلر بتقليد أنشنة «شباب هتلر» وسام الصليب المعكوف والتقى في يوم 20 أبريل يوم مولده ال 56 في مبنى مستشارية الرايخ مع د. جوبلز وبورمان نائبه الوحيد وفي هذا اللقاء كان الحديث ما زال يدور حول النصر المرتقب فيما اعتبر هتلر وفاة الرئيس الأمريكي روزفيلت في 12 أبريل هي ساعة الحظ للرايخ الألماني. أما شبير وزير التسلح والمهندس المعماري للرايخ وجورينج قائد قوات الجستابو ووزير الداخلية ثم القائد العام للقوات الجوية و هيملير قائد القوات الخاصة ال س س - المخابرات -وصاحب فكرة ابادة اليهود والعرقيات غير الآرية ومخطط معسكرات الابادة والمحارق وفون ريبنتروب وزير الخارجية وكارل دونيتس قائد القوات البحرية.. كل هؤلاء تركوا الفوهرير في برلين وغادروا مع عائلتهم الى منطقة جبال الألب حيث مقر هتلر في مدينة برشتسجادن على الحدود مع النمسا. ويواصل البروفيسور فراي موضحا أن الأحداث تلاحقت بشكل لم يتصوره قادة الرايخ الثالث ففي يوم 30 أبريل ينتحر هتلر بعد فقدان الأمل... وسيطرة كاملة لقوات الحلفاء على برلين.
وفي يوم 2 مايو سلمت قوات الفيرماخت المتبقية في المدينة أسلحتها لقادة الحلفاء وفي يومي 8 و9 مايو 1945 وقع المارشال فيلهالم كايتل وثيقة تسليم جميع القوات الألمانية دون شروط..وبالتالي هزيمة ألمانيا....
كعكة النصرومعاهدة يالتا
الهزيمة كانت أكثر من مروعة... المدن الألمانية شهدت هجرة داخلية كان أبطالها النساء والأطفال والعجائز... الرجال باتوا عملة صعبة... اما سقطوا في حروب هتلر الاحتلالية والتوسعية... أو جرحوا أو اعتقلوا من الأمريكيين والأنجليز والسوفييت بعد هزائم الجيوش الثلاث في أراضي الاتحاد السوفييتي... المدن الألمانية دمار شامل في كل مكان.... وخيبة أمل على جميع الوجوه....
أما وجوه قادة الدول المنتصرة على ألمانيا فقد كانت أكثر اشراقا وبدأت تستعد لتقسيم الرايخ فيما بينهم وكانت معاهدة يالتا الشهيرة هي التى حددت النظام الدولي الجديد وقوتين عظمتين هما الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة...
بعد ذلك أجرى ستالين استعدادات مهولة لاستقبال القادة الغربيين في شبه جزيرة يالتا.. حيث يقول المؤرخون ان اجتماع يالتا كان الاجتماع الثالث بعد موسكو وطهران للثلاثة الكبار وهم : ستالين وروزفيلت وتشرشل....
جاء روزفيلت الى يالتا وفي ذهنه كسب الاتحاد السوفييتي وستالين بالطبع من أجل انشاء الأمم والمتحدة ومجلس الأمن والدول ذات العضوية المستديمة في المجلس مع تطلع الى منطقة آسيا لتصبح فيها الهيمنة الدولية في يد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وهو في هذا الأمر في حاجة الى ستالين حتى يمكنه اعلان الحرب على اليابان. في المقابل أراد ستالين استرجاع الاراضي السوفييتية التى استولت عليها اليابان خلال الحرب الروسية اليابانية في 1904و1905م وكان ستالين يطمع في المزيد.
وفي صالون قصر ليفاديا حيث كان يستقبل القيصر الروسي نيكولاي الثاني ضيوفه خطط كل من ستالين وروزفيلت الحلف الثنائي فيما بينهما دون اشراك تشرشل.
كان تشرشل أضحوكة الاثنين... بسبب افراطه في تناول الخمر..
اما روزفيلت كان شديد المرض حتى أن ياوره هاري هوبكنس كان قد صرح أمام ستالين أنه لا يعرف اذا كان «أنكل جو» (روزفيلت) يتابع المفاوضات أو يفهم نصفها منوها بأن روزفيلت ينادي بالسلام والتقدم. ويقع منتجع يالتا في شبه جزيرة القرمز التي أصبحت اليوم تتبع أوكرانيا وهناك بدأت الاستعدادات لاستقبال الضيفين الأمريكي والبريطاني بقيام رئيس المخابرات السوفييتي لورنتي بيريا الذي كان يطلق عليه ستالين: «هيملير بتاعنا» ببناء طرق وبنية تحتية في عملية انشائية كاملة أطلق عليها الاسم الحركي « عملية الوادي» واستمرت العملية 35 يوما تم فيها رصف الشوارع حتى يتمكن الرئيس الأمريكي روزفيلت من الوصول الى يالتا في رحلة بالسيارة تستغرق 5 ساعات من مطار زاكي الى يالتا - 140 كم - تركت فيها الحرب آثارها... وحتى لا تطول الرحلة على تشرشل كان ستالين قد خصص استراحة في وسط الطريق من زاكي الى يالتا لراحة رئيس الوزراء البريطاني حيث قدمت له المشروبات والكافيار.
العالم بعد الهزيمة
الضيافة السوفييتية كانت أكثر كرما... وفي الوقت الذي دارت فيه المفاوضات حول تقسيم « العالم» بعد هزيمة ألمانيا كان المضيفون السوفييت يقدمون السيجار أشكالا وأنواعا للقادة الثلاثة:
المارشال ستالين كان يفضل سيجار بابيروسي ماركة هرسيجوفينا فلور
الرئيس الأمريكي روزفيلت كان يدخن « كامل»
أما تشرشل فكان يفضل سيجار هافانا
ورغم الاختلاف بين ثلاثتهم فان قاسما مشتركا كان يجمعهم وهو كرههم لهتلر والحكم النازي...
وفي الاجتماعات التى استمرت من 4 فبراير الى 11 فبراير1945 في يالتا اتفق كل من روزفيلت وستالين وتشرشل على الآتي:
-اعلان رسمي بتسليم ألمانيا النازية والهزيمة والعمل على تنقية البلاد من العدو النازي.
-احتلال الرايخ الألماني من الدول المنتصرة باشراك فرنسا ووضع ألمانيا تحت حماية الحلفاء.
-حسب ما ورد من قبل في معاهدة طهران يتم تسجيله في معاهدة يالتا وهو تقسيم العاصمة برلين الى أربع مناطق تحت حماية الدول المنتصرة
-تشكيل لجنة من الحلفاء للضغط على ألمانيا لدفع تعويضات
- السوفييت يحصلون على شرق بولنده الى خط كورزون بينما تضم بولنده أراضي ألمانية تصل الى خط الاودر والنايسه.
-التزام السوفييت باجراء انتخابات حرة (الأمر الذي لم يحدث الى انتهاء حقبة الحرب الباردة)
-السوفييت يخرجون منتصرين من الحرب العالمية الثانية بعد ضم أجزاء كبيرة من أروبا الشرقية والبلقان الى الاتحاد السوفييتي الأمر الذي جعل 100 مليون مواطن أروبي تحت سلطة السوفييت.
-الاتحاد السوفييتي يتوافق مع روزفيلت ويعلن خلال 90 يوما من استسلام ألمانيا النازية الحرب على اليابان.
-التزام الدول بتحقيق السلام العالمي والتنمية والتقدم واعلان انشاء منظمة الأمم المتحدة في أكتوبر 1945 في سان فرانسيسكو.
والخلاصة : أن يالتا أعطت الكثير من الصلاحيات للسوفييت والولايات المتحدة الأمريكية ضاربة عرض الحائط بالمصالح الاروبية...
محاكمات نورنبرج
في يوم 20 نوفمبر 1945 بدأت محاكمة رؤوس السلطة في عهد هتلر في قصر العدالة القاعة 600 فى مدينة نورنبرج الألمانية بناء على اتفاقية لندن ومن قبلها اجتماع سان فرانسيسكو حيث قام الرئيس الامريكي ترومان باختيار القاضي بالمحكمة العليا روبرت. جاكسون ليرأس محاكمات نورنبرج.
وكانت اتفاقية لندن المبرمة في 26 يونيو 1945قد نصت وبناء عن تقرير لجاكسون بضرورة ملاحقة مجرمي الحرب من دول المحور الاروبي ( ألمانيا وايطاليا) ومعاقبتهم بناء على التهم الموجهة اليهم وهي حسب ما ورد في حيثيات المحاكمة :
-جرائم ضد الحرية
-جرائم حرب: القتل والنهب وأخذ الرهائن والتعذيب والعبودية
-جرائم ضد الانسانية الملاحقة والتعذيب والقتل بسبب الأصل العرقي والديانة أو التوجه السياسي. بجانب اجراء اختبارات طبية لعوامل الوراثة على المعتقلين. وقد مثل 21 سياسيا ألمانيا أمام المحاكمة الدولية الاولى من نوعها في التاريخ الحديث وعلى رأسهم : جورينج وهيس ودونيتس وشبير ( د. جوبلز وزير الدعاية كان قد انتحر هو وزوجته وأولاده)
وحول محاكمات نورنبرج قال ريتشارد فون فايتسكر رئيس الجمهورية الألماني الاسبق والطالب الذي شارك في هيئة الدفاع عن والده في محاكمات نوربرج : في البداية يقول لنا فايتسكر أن والده كان سفيرا للرايخ في الفاتيكان وذلك في عام 1943 وتمكن مع الوالدة من الحصول على حق البقاء في الفاتيكان بعد انتهاء مهمته بنهاية الحرب الى أن تمكن من العودة الى ألمانيا.
ويضيف: التقيت والدي في نورنبرج في شتاء 1945-46 بعد استدعائه من الحلفاء ليدلي بأقواله كشاهد في محاكمة مجرمي الحرب كنت توجهت الى نورنبرج مع اثنين من أصدقائي ويراودنا شعور بأن «عدالة الدول المنتصرة» فرضت على ألمانيا.. كنا شبابا وكان يشغلنا أن تبقى عملية ملاحقة النازيين في يد الدول المنتصرة لأننا كنا على قناعة أنها مسؤولية الألمان يحاكموا مرتكبي الجرائم أمام المحكمة...
امتثل والدى أمام المحكمة وعاد بعدها الى روما ثم سمح له الامريكيون والفرنسيون بدخول المناطق التى تحت حمايتهم فعاد مع والدتي الى ألمانيا...
لكن الوضع تغير حين أستدعي والدى في عام 1947 مرة ثانية أمام محكمة نوربرج وتم بعد ذلك اعتقاله ومكث في الاعتقال الى عام 1950.
أما التهمة الموجهة فكانت الى أي مدى شارك جهاز الموظفين في المصالح الحكومية والضباط في دعم النظام النازي..؟ هذه التهمة وجهت الى والدي بجانب 20 متهما آخرين ولكن آراء وأقوال هؤلاء ال 21 شخصا كانت متفاوتة الى حد أن وسائل الاعلام أطلقت اسم «الاتوبيس» على هذه المحاكمة.
ويواصل فايتسكر أن أقوال فون ريبنتروب وزير الخارجية في الرايخ والتى أشار فيها أن والدي نجا من القبض عليه من قبل الجستابو بعد محاولة الاتقلاب على هتلر في يوليو 1944 لأنه كان بعيدا عن موقع السلطة النازية ,, حيث كان في ذلك الوقت بموقعه في روما وهي منطقة دخلت في نطاق مسؤولية الحلفاء... هي التي أدت في النهاية بجانب أقوال هاليفاكس وزير الخارجية البريطاني.... الى الافراج عنه..
ويتابع فايتسكر قوله: أن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني كان قد صرح في كلمة ألقى بها في البرلمان في لندن : أن عملية القبض ومحاكمة فايتسكر ( والدي) في نورنبرج هو خطأ قاتل من الادعاء الأمريكي.
يقول المؤرخ الألماني البروفيسور نوربرت فراي بأن حملة نورماندي فاقت أى تصور في الحرب العالمية الثانية و فاقت في حجمها وتكتيكها حملة ستالينجراد....و أنها كانت بداية الهزيمة التى سحبت البساط من تحت أقدام زعامة أوروبية استمرت 400 سنة لتدخل الولايات المتحدة لأول مرة بهذا الحجم القارة الاروبية ويتحول ميزان القوى على مدى سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ليبقى بين الولايات المتحدة من جانب والاتحاد السوفييتي من جانب آخر الى تاريخ انهيار سور برلين...وبدء الانتفاضة الشعبية في دول أروبا الشرقية في نوفمبر 1989م. ويرى أن عملية الانزال على شواطئ الأطلنطي أدت الى انهيار الكيان السياسي المعنوي للرايخ حتى أن هتلر تحدث في 30 يناير 1945 عن القدر المخيف.
وعودة الى اجتياح قوات الحلفاء للاراضي الاروبية بدأت قوات الفيرماخت تتقهقر لتترك من ورائها - الارض المحترقة - فالجنرالات الألمان كانت خطتهم ألا تتمكن قوات التحالف الدولية بقيادة القائد الأعلى أيزنهاور من عبور الكبارى وعلى هذا الاساس قام الجنود الألمان بتفجير ما يزيد عن 40 كوبريا بين بازل السويسرية وأميريش الألمانية ما عدا كوبري واحد فقط لم يفجر وهو كوبرى مدينة ريماجن على ضفاف الراين...وحسب ما جاء على لسان رئيس أركان حرب قوات أيزنهاور الجنرال فالتر بيديل سميث أن كوبرى ريماجن حدد مسار الحرب...
كيف ذلك : يقول د. فراي أنه في ظهر يوم 7 مارس 1945 وصلت القوات الأمريكية الى منطقة الراين وتمكنت دون أى مقاومة من العبور على كوبري ريماجن والوصول الى داخل المدينة الأمر الذي أدى الى تحرير 10آلاف من المواطنين الألمان وانقاذهم من مجاعة حقيقية... فيما اعتبر آخرون أن دخول القوات الأمريكية هزيمة لهم. ويواصل: قائد القوات الألمانية في المدينة كان قد تلقى أوامره بأن يستعد لتفجير الكوبري الشهير ولكن عليه أن ينتظر قليلا ويبدو أن هذا الانتظار حسم الحرب ضد هتلر.
الهزيمة وانتحار هتلر
في هذا التوقيت... فبراير 1945 كانت قوات ستالين الجيش الأحمر قد أستردت القرمز من الألمان وبدأت تتحرك باتجاه برلين حتى وصلت الى منطقة نهر الاودر 70كم قبل العاصمة..
وبدأ تشكيل - كماشة - حول المدينة اذ تحركت قوات «الجبهة الاوكرانية» بقيادة مارشال ايفان كونيف واحتلت وسط برلين في نفس الوقت نزحت قوات جبهة روسيا البيضاء بقيادة المارشال جيورجي شوكوف وانتصرت على قوات الفيرماخت لدى معركة زيلوفر الشهيرة واحتلت شمال المدينة.
تعرضت القوات السوفييتية الى مقاومة ألمانية كبيرة ومعارك وسط المدينة وتمكنت قوات الجيش الأحمر من الوصول الى قلب برلين....
في هذه الاثناء كانت جستابو الرايخ الثالث تتعقب كل ألماني يفر من الالتحاق في قوات مقاومة الغزو السوفييتي كما ظلت ماكينة الدعاية ود. جوبلز ببث معلومات كاذبة عن أسلحة مخبأة تنوي الفيرماخت اخراجها لقلب الصفحة لصالحها وفي يوم 30 أبريل كان واضحا أن الهزيمة لا رجعة فيها قام هتلر بتقليد أنشنة «شباب هتلر» وسام الصليب المعكوف والتقى في يوم 20 أبريل يوم مولده ال 56 في مبنى مستشارية الرايخ مع د. جوبلز وبورمان نائبه الوحيد وفي هذا اللقاء كان الحديث ما زال يدور حول النصر المرتقب فيما اعتبر هتلر وفاة الرئيس الأمريكي روزفيلت في 12 أبريل هي ساعة الحظ للرايخ الألماني. أما شبير وزير التسلح والمهندس المعماري للرايخ وجورينج قائد قوات الجستابو ووزير الداخلية ثم القائد العام للقوات الجوية و هيملير قائد القوات الخاصة ال س س - المخابرات -وصاحب فكرة ابادة اليهود والعرقيات غير الآرية ومخطط معسكرات الابادة والمحارق وفون ريبنتروب وزير الخارجية وكارل دونيتس قائد القوات البحرية.. كل هؤلاء تركوا الفوهرير في برلين وغادروا مع عائلتهم الى منطقة جبال الألب حيث مقر هتلر في مدينة برشتسجادن على الحدود مع النمسا. ويواصل البروفيسور فراي موضحا أن الأحداث تلاحقت بشكل لم يتصوره قادة الرايخ الثالث ففي يوم 30 أبريل ينتحر هتلر بعد فقدان الأمل... وسيطرة كاملة لقوات الحلفاء على برلين.
وفي يوم 2 مايو سلمت قوات الفيرماخت المتبقية في المدينة أسلحتها لقادة الحلفاء وفي يومي 8 و9 مايو 1945 وقع المارشال فيلهالم كايتل وثيقة تسليم جميع القوات الألمانية دون شروط..وبالتالي هزيمة ألمانيا....
كعكة النصرومعاهدة يالتا
الهزيمة كانت أكثر من مروعة... المدن الألمانية شهدت هجرة داخلية كان أبطالها النساء والأطفال والعجائز... الرجال باتوا عملة صعبة... اما سقطوا في حروب هتلر الاحتلالية والتوسعية... أو جرحوا أو اعتقلوا من الأمريكيين والأنجليز والسوفييت بعد هزائم الجيوش الثلاث في أراضي الاتحاد السوفييتي... المدن الألمانية دمار شامل في كل مكان.... وخيبة أمل على جميع الوجوه....
أما وجوه قادة الدول المنتصرة على ألمانيا فقد كانت أكثر اشراقا وبدأت تستعد لتقسيم الرايخ فيما بينهم وكانت معاهدة يالتا الشهيرة هي التى حددت النظام الدولي الجديد وقوتين عظمتين هما الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة...
بعد ذلك أجرى ستالين استعدادات مهولة لاستقبال القادة الغربيين في شبه جزيرة يالتا.. حيث يقول المؤرخون ان اجتماع يالتا كان الاجتماع الثالث بعد موسكو وطهران للثلاثة الكبار وهم : ستالين وروزفيلت وتشرشل....
جاء روزفيلت الى يالتا وفي ذهنه كسب الاتحاد السوفييتي وستالين بالطبع من أجل انشاء الأمم والمتحدة ومجلس الأمن والدول ذات العضوية المستديمة في المجلس مع تطلع الى منطقة آسيا لتصبح فيها الهيمنة الدولية في يد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وهو في هذا الأمر في حاجة الى ستالين حتى يمكنه اعلان الحرب على اليابان. في المقابل أراد ستالين استرجاع الاراضي السوفييتية التى استولت عليها اليابان خلال الحرب الروسية اليابانية في 1904و1905م وكان ستالين يطمع في المزيد.
وفي صالون قصر ليفاديا حيث كان يستقبل القيصر الروسي نيكولاي الثاني ضيوفه خطط كل من ستالين وروزفيلت الحلف الثنائي فيما بينهما دون اشراك تشرشل.
كان تشرشل أضحوكة الاثنين... بسبب افراطه في تناول الخمر..
اما روزفيلت كان شديد المرض حتى أن ياوره هاري هوبكنس كان قد صرح أمام ستالين أنه لا يعرف اذا كان «أنكل جو» (روزفيلت) يتابع المفاوضات أو يفهم نصفها منوها بأن روزفيلت ينادي بالسلام والتقدم. ويقع منتجع يالتا في شبه جزيرة القرمز التي أصبحت اليوم تتبع أوكرانيا وهناك بدأت الاستعدادات لاستقبال الضيفين الأمريكي والبريطاني بقيام رئيس المخابرات السوفييتي لورنتي بيريا الذي كان يطلق عليه ستالين: «هيملير بتاعنا» ببناء طرق وبنية تحتية في عملية انشائية كاملة أطلق عليها الاسم الحركي « عملية الوادي» واستمرت العملية 35 يوما تم فيها رصف الشوارع حتى يتمكن الرئيس الأمريكي روزفيلت من الوصول الى يالتا في رحلة بالسيارة تستغرق 5 ساعات من مطار زاكي الى يالتا - 140 كم - تركت فيها الحرب آثارها... وحتى لا تطول الرحلة على تشرشل كان ستالين قد خصص استراحة في وسط الطريق من زاكي الى يالتا لراحة رئيس الوزراء البريطاني حيث قدمت له المشروبات والكافيار.
العالم بعد الهزيمة
الضيافة السوفييتية كانت أكثر كرما... وفي الوقت الذي دارت فيه المفاوضات حول تقسيم « العالم» بعد هزيمة ألمانيا كان المضيفون السوفييت يقدمون السيجار أشكالا وأنواعا للقادة الثلاثة:
المارشال ستالين كان يفضل سيجار بابيروسي ماركة هرسيجوفينا فلور
الرئيس الأمريكي روزفيلت كان يدخن « كامل»
أما تشرشل فكان يفضل سيجار هافانا
ورغم الاختلاف بين ثلاثتهم فان قاسما مشتركا كان يجمعهم وهو كرههم لهتلر والحكم النازي...
وفي الاجتماعات التى استمرت من 4 فبراير الى 11 فبراير1945 في يالتا اتفق كل من روزفيلت وستالين وتشرشل على الآتي:
-اعلان رسمي بتسليم ألمانيا النازية والهزيمة والعمل على تنقية البلاد من العدو النازي.
-احتلال الرايخ الألماني من الدول المنتصرة باشراك فرنسا ووضع ألمانيا تحت حماية الحلفاء.
-حسب ما ورد من قبل في معاهدة طهران يتم تسجيله في معاهدة يالتا وهو تقسيم العاصمة برلين الى أربع مناطق تحت حماية الدول المنتصرة
-تشكيل لجنة من الحلفاء للضغط على ألمانيا لدفع تعويضات
- السوفييت يحصلون على شرق بولنده الى خط كورزون بينما تضم بولنده أراضي ألمانية تصل الى خط الاودر والنايسه.
-التزام السوفييت باجراء انتخابات حرة (الأمر الذي لم يحدث الى انتهاء حقبة الحرب الباردة)
-السوفييت يخرجون منتصرين من الحرب العالمية الثانية بعد ضم أجزاء كبيرة من أروبا الشرقية والبلقان الى الاتحاد السوفييتي الأمر الذي جعل 100 مليون مواطن أروبي تحت سلطة السوفييت.
-الاتحاد السوفييتي يتوافق مع روزفيلت ويعلن خلال 90 يوما من استسلام ألمانيا النازية الحرب على اليابان.
-التزام الدول بتحقيق السلام العالمي والتنمية والتقدم واعلان انشاء منظمة الأمم المتحدة في أكتوبر 1945 في سان فرانسيسكو.
والخلاصة : أن يالتا أعطت الكثير من الصلاحيات للسوفييت والولايات المتحدة الأمريكية ضاربة عرض الحائط بالمصالح الاروبية...
محاكمات نورنبرج
في يوم 20 نوفمبر 1945 بدأت محاكمة رؤوس السلطة في عهد هتلر في قصر العدالة القاعة 600 فى مدينة نورنبرج الألمانية بناء على اتفاقية لندن ومن قبلها اجتماع سان فرانسيسكو حيث قام الرئيس الامريكي ترومان باختيار القاضي بالمحكمة العليا روبرت. جاكسون ليرأس محاكمات نورنبرج.
وكانت اتفاقية لندن المبرمة في 26 يونيو 1945قد نصت وبناء عن تقرير لجاكسون بضرورة ملاحقة مجرمي الحرب من دول المحور الاروبي ( ألمانيا وايطاليا) ومعاقبتهم بناء على التهم الموجهة اليهم وهي حسب ما ورد في حيثيات المحاكمة :
-جرائم ضد الحرية
-جرائم حرب: القتل والنهب وأخذ الرهائن والتعذيب والعبودية
-جرائم ضد الانسانية الملاحقة والتعذيب والقتل بسبب الأصل العرقي والديانة أو التوجه السياسي. بجانب اجراء اختبارات طبية لعوامل الوراثة على المعتقلين. وقد مثل 21 سياسيا ألمانيا أمام المحاكمة الدولية الاولى من نوعها في التاريخ الحديث وعلى رأسهم : جورينج وهيس ودونيتس وشبير ( د. جوبلز وزير الدعاية كان قد انتحر هو وزوجته وأولاده)
وحول محاكمات نورنبرج قال ريتشارد فون فايتسكر رئيس الجمهورية الألماني الاسبق والطالب الذي شارك في هيئة الدفاع عن والده في محاكمات نوربرج : في البداية يقول لنا فايتسكر أن والده كان سفيرا للرايخ في الفاتيكان وذلك في عام 1943 وتمكن مع الوالدة من الحصول على حق البقاء في الفاتيكان بعد انتهاء مهمته بنهاية الحرب الى أن تمكن من العودة الى ألمانيا.
ويضيف: التقيت والدي في نورنبرج في شتاء 1945-46 بعد استدعائه من الحلفاء ليدلي بأقواله كشاهد في محاكمة مجرمي الحرب كنت توجهت الى نورنبرج مع اثنين من أصدقائي ويراودنا شعور بأن «عدالة الدول المنتصرة» فرضت على ألمانيا.. كنا شبابا وكان يشغلنا أن تبقى عملية ملاحقة النازيين في يد الدول المنتصرة لأننا كنا على قناعة أنها مسؤولية الألمان يحاكموا مرتكبي الجرائم أمام المحكمة...
امتثل والدى أمام المحكمة وعاد بعدها الى روما ثم سمح له الامريكيون والفرنسيون بدخول المناطق التى تحت حمايتهم فعاد مع والدتي الى ألمانيا...
لكن الوضع تغير حين أستدعي والدى في عام 1947 مرة ثانية أمام محكمة نوربرج وتم بعد ذلك اعتقاله ومكث في الاعتقال الى عام 1950.
أما التهمة الموجهة فكانت الى أي مدى شارك جهاز الموظفين في المصالح الحكومية والضباط في دعم النظام النازي..؟ هذه التهمة وجهت الى والدي بجانب 20 متهما آخرين ولكن آراء وأقوال هؤلاء ال 21 شخصا كانت متفاوتة الى حد أن وسائل الاعلام أطلقت اسم «الاتوبيس» على هذه المحاكمة.
ويواصل فايتسكر أن أقوال فون ريبنتروب وزير الخارجية في الرايخ والتى أشار فيها أن والدي نجا من القبض عليه من قبل الجستابو بعد محاولة الاتقلاب على هتلر في يوليو 1944 لأنه كان بعيدا عن موقع السلطة النازية ,, حيث كان في ذلك الوقت بموقعه في روما وهي منطقة دخلت في نطاق مسؤولية الحلفاء... هي التي أدت في النهاية بجانب أقوال هاليفاكس وزير الخارجية البريطاني.... الى الافراج عنه..
ويتابع فايتسكر قوله: أن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني كان قد صرح في كلمة ألقى بها في البرلمان في لندن : أن عملية القبض ومحاكمة فايتسكر ( والدي) في نورنبرج هو خطأ قاتل من الادعاء الأمريكي.