خطة مصرية جديدة توازن بين الأمن القومي واحتياجات الفلسطينيين
العريش بلا خبز ولا بنزين .. واستبدال الجدار الحالي بآخر متطور
السبت / 24 / محرم / 1429 هـ السبت 02 فبراير 2008 21:01
سيد عبد العال (رفح )
ساهمت برودة الطقس وحركة الشراء الكبيرة للفلسطينيين وإعادة قوات الأمن المصرية فرض سيطرتها بشكل تدريجي على الحدود، في انحسار أعداد الفلسطينيين الداخلين الى الأراضي المصرية. وبالتزامن مع ذلك انطلق الحوار السياسي بين الفلسطينيين فى القاهرة من أجل البحث عن حل لأزمة المعابر. وفيما أعلن الاتحاد الأوروبي، شريك اتفاق عام 2005، دعمه لاقتراح السلطة الفلسطينية أن تتولى مجدداً إدارة المعبر، فإن السلطة ترى من جانبها ضرورة العودة للإجراءات السابقة التي كانت مفروضة على قطاع غزة، وأن المطلوب هو تفعيل الإجراءات التي كانت قائمة ولا داعي لاجراءات جديدة، والمطلوب من حماس الابتعاد عن الطريق وعدم التدخل. أما رؤية حماس لإدارة المعبر، فتقوم على وضع نظام حدودي جديد بالتنسيق والتوافق مع الرئاسة الفلسطينية والحكومة المُقالة التي تتولى مقاليد الأمور في غزة والجانب المصري.
بدأت الجموع الغفيرة من الشعب الفلسطيني التي عبرت من غزة إلى الحدود المصرية في العودة مرة أخرى الى القطاع، وباتت أعداد الفلسطينيين مع بداية الأسبوع الحالي قليلة جدا في مدن العريش والشيخ زويد، لكن ما زالت هناك أعداد كبيرة نسبيا في مدينة رفح المصرية، رغم انها أصبحت أقل بكثير نتيجة أن غالبية من يبيع البضائع الآن في رفح المصرية هم من الفلسطينيين الذين يعيدون بيع المواد الغذائية والتموينية بأسعار مبالغ فيها لدرجة الجنون بعد أن نفدت المواد الغذائية تماما من مدينة رفح المصرية، وهناك أكثر من 50% من المحال التجارية أغلقت تماما في رفح حيث كانت تمثل سوق الجملة يشتري منها الفلسطينيون الذين لم يشتروا من العريش، حيث إنه على مدار الأيام التي فتح فيها المعبر كانت الاسعار في العريش أفضل بكثير من الأسعار في رفح ومن يعجز عن الشراء من العريش كان يضطر الى العودة والشراء من رفح، والآن أصبح من يتجولون في رفح المصرية لا يزيدون على 80 ألف فلسطيني معظمهم من المناطق القريبة من رفح المصرية، وهم الآن لا يريدون الخروج من رفح المصرية للعريش، لأن الحاجة انتفت تماما للذهاب إلى العريش أو الشيخ زويد بعد نفاد المواد الغذائية والتموينية تماما هناك.
وتقتصر عمليات البيع في رفح على الأدوات الكهربائية والموتوسيكلات وبعض مواد البناء، خاصة الاسمنت الذي وصل سعر الطن منه إلى 1200جنيه، في حين أن ثمنه الأصلي لا يتجاوز 440 جنيها وجميع تحركات الفلسطينيين الآن محصورة في رفح المصرية للشراء من أبناء جلدتهم الفلسطينيين الذين أصبحوا الآن المصدر الأول للمواد الغذائية والتموينية والسجائر.
وتبذل قوات الشرطة والأمن المركزي التي تم استدعاؤها من المدن القريبة في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس جهودا كبيرة لتجميع من تبقى من الفلسطينيين في مدينة رفح استعدادا للمغادرة إلى قطاع غزة، وبات من الطبيعي أن تجمع قوات الشرطة بعض الفلسطينيين في الميادين الكبرى في مدينة العريش وتحضر لهم سيارة لتنقلهم إلى رفح، حتى بعض الفلسطينيين الذين أنفقوا جميع أموالهم في المدينة ولم تتبق لهم نفقة المواصلات تقوم الشرطة المصرية بإحضار أتوبيسات عامة ليستقلها الفلسطينيون إلى رفح.
ورغم أن قوات الشرطة المصرية طلبت من الفلسطينيين الذين استوفوا الشراء المغادرة إلى غزة، إلا أن الكثير منهم عاد من جديد ليس للشراء هذه المرة لكن للتنفيس عن نفسه كما يقولون نتيجة الحصار الظالم من جانب إسرائيل، ويستخدم الكثير من الفلسطينيين طرقا تبدو غير شرعية للرجوع الى العريش حيث يستقلون السيارات المصرية المتجهة من رفح إلى العريش ويدعون أنهم مصريون، ولديهم بطاقة أو هوية مصرية، وفي الحقيقة انتشرت جماعات تؤجر الهوية أو البطاقة بـ1000 جنيه مصري لمن يريد أن يعبر من رفح إلى العريش، وعندما تصل السيارة إلى العريش يعود السائق ومعه بطاقات الهوية التي استخدمها الفلسطينيون ليستعملها آخرون، وهكذا.
سيناريو الهروب
ويقدر البعض عدد الفلسطينيين الآن في مدينة العريش بأكثر من ثلاثة آلاف، كما يستخدم الفلسطينيون طرقا أخرى للهروب من رفح الى مدن شمال سيناء منها النزول من السيارات قبل نقطة تفتيش السيارات والاختباء في الصحراء بعيدا عن نقاط التفتيش ثم يستقلون السيارة مرة أخرى بعد نقاط التفتيش بـ200متر بعد الاتفاق مع السائق على هذا السيناريو.
وتطبق السلطات المصرية الآن خطة أمنية لمراقبة الحدود تشارك فيها عدة هيئات وجهات تستهدف بالدرجة الأولى تأمين الحدود حيث سيتم استبدال الجدار الحدودي الحالي بجدار آخر أكثر تطورا لمنع محاولات التسلل على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة التي تبلغ 12كيلومترا، وذلك في ضوء الحفاظ على الأمن القومي المصري والالتزامات الوطنية والدولية وبما يقصر الدخول الى مصر عبر المناطق والبوابات الرسمية والشرعية فقط.
وفي مدينة رفح المصرية كانت هناك الكثير من الطرق المرصوفة والدروب الضيقة التي تؤدي إلى العريش لكن السلطات المصرية ومع زيادة الهواجس الأمنية بدأت الآن في حصر المرور من رفح الى العريش في الطرق المعروفة التي عليها نقاط تفتيش كثيرة ومنعت السائقين من السير في الطرق عير المعروفة وحذرتهم من أن توصيل الفلسطينيين بشكل غير قانوني عبر هذه الدروب يشكل انتهاكا للجهود التي يبذلها رجال الأمن لتجميع الفلسطينيين في رفح المصرية استعدادا للمغادرة إلى غزة، كما وضعت السلطات الأمنية على الطرق والدروب الأخرى عددا من رجال الشرطة لمنع هروب الفلسطينيين إلى مدينة العريش التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل جنوني ما جعل سكان مدينة العريش لا يجدون حتى رغيف الخبز، ونفد الوقود تماما من محطات البنزين لدرجة أن 90% من التاكسي لا يعمل بعد أن اشترى الفلسطينيون كل كميات الوقود في الأيام الأولى من فتح المعبر.
ويأمل المصريون والفلسطينيون الذين تحدثوا لـ(عـكاظ) أن تنجح حماس وفتح في التوصل الى صيغة تجعل المرور من المعبر يتسم بالانسيابية والسهولة وفي نفس الوقت تكون هناك ضوابط لكشف المخالفين والمهربين ومن يستعدون لتفجير مناطق مصرية أو الانطلاق من الأراضي المصرية لتنفيذ عمليات عنف في الأراضي المجاورة.
الشعب يدفع الثمن
أبو عمر من حي الشجاعية في غزة تحدث وهو يستعد للرجوع قائلا إن الفترة التي سمحت فيها السلطات المصرية بفتح المعبر كانت كافية لشراء كل شيء وأن تزاحم الفلسطينيين على محطات الوقود وشراء كميات ضخمة من المواد الغذائية والتموينية هو السبب في نفاد هذه المواد، واضاف إن مصر وفرت فرصة للفلسطينيين من جديد للبقاء على قيد الحياة بعد أن حاولت إسرائيل عقابهم، مؤكدا أن الوقت حان للقيادة الفلسطينية لتتحمل مسؤولياتها وقال نحن ندفع ثمن خلافات حماس وفتح، واكد أن الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني معروفة لأنها صادرة من عدو تاريخي للعرب والفلسطينيين، لكن عندما تتناحر حماس وفتح على سلطة ودولة غير موجودة فهذا مثار للدهشة والاستغراب، مؤكدا أن هناك فرصة ذهبية لحوار القاهرة لكي يخرج الطرفان من عنق الزجاجة الحالية وفتح صفحة جديدة من الحوار وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة إسرائيل، معربا عن اعتقاده أن إسرائيل لا يمكن أن توافق على منح الشعب الفلسطيني دولته المستقلة في ظل هذا الانقسام الواضح وفي ظل وجود حكومتين، وانتقد أبو عمر من يحاولون التشويش على الأمن المصري، وقال كيف للفلسطيني أن يقابل الإحسان المصري الذي فتح الحدود وتحدى الضغوط الخارجية بالقيام بعمليات عسكرية على الأراضي المصرية أو حتى ضد إسرائيل انطلاقا من الأراضي المصرية، مؤكدا أنه على كل فلسطيني أن يحترم الأراضي المصرية ويحترم القواعد والمواعيد التي حددتها السلطات المصرية لعودة الفلسطينيين إلى القطاع، ولا يعترض أبو عمر على عودة السلطة الفلسطينية لإدارة المعابر مرة أخرى بالاشتراك مع حماس، وقال ربما يكون الطرف الإسرائيلي هو الطرف الوحيد غير المرغوب فيه على المعبر لكن بالنسبة لمصر والسلطة الفلسطينية وحماس والاتحاد الأوروبي يمكن أن يشتركوا معا في إدارة المعبر.
ومع القبض على مجموعات فلسطينية كانت تنوي القيام بعمليات عسكرية إنطلاقا من الاراضي المصرية استدعت مصر من الذاكرة الاعمال الارهابية العنيفة التي قامت بها بعض العناصر في مدن طابا وشرم الشيخ وأدت الى المئات من القتلى والمصابين وأشار البعض فيها الى وقوف تنظيمات فلسطينية مثل تنظيم (ممتاز دغمش) الذي اتهمه البعض بتدريب العناصر التي قامت بهذه العمليات رغم نفي مصر الرسمي لوجود تنظيمات وراء من قاموا بعمليات طابا وشرم الشيخ، واعتبار من قاموا بها خلايا محلية تأثروا بما يحدث للشعب الفلسطيني من حصار. لكن القبض على المجموعات الأخيرة التي دخلت مع فتح المعبر جعلت مصر لن تفكر بفتح المعبر بهذه الطريقة مرة أخرى خاصة مع استغلال العناصر الإرهابية لفتح المعبر والتسلل إلى المدن المصرية.
هواجس أمنية
قامت (عـكاظ) خلال وجودها في رفح والعريش بالاقتراب من بعض المسؤولين ورجال الأمن الذين يطبقون الخطة الأمنية وسؤالهم حول حقيقة الموقف الآن في ظل إغلاق المعبر المتوقع، وأنه بعد وقت من الزمن سيحتاج المواطنون الفلسطينيون العودة من جديد إلى مصر بعد ان تنفد المواد الغذائية والتموينية التي اشتروها من المدن المصرية، وهل من الممكن أن يلجأ الفلسطينيون إلى نسف المعبر مرة أخرى.؟ وهل سيكون التجاوب المصري بنفس التجاوب الذي حدث في هذه المرة، وكانت إجابات الجميع تعبر عن الحيرة الحقيقية بين ضرورة الحفاظ على الأمن القومي المصري والاحتياجات الإنسانية، حيث يعاني الأطفال والشيوخ والجميع من أبناء قطاع غزة من انتفاء أبسط المواد الضرورية اللازمة للحياة وهو ما دفع الرئيس مبارك بالقول إننا لن نسمح بأن يتحول قطاع غزة إلى سجن كبير أو يجوع الشعب الفلسطيني.
ومن هنا يتفق رجال الأمن المصريون على ضرورة الاتفاق على صيغة تحفظ الأمن المصري من ناحية وتتيح انتقال من يستحق الانتقال إلى مصر سواء للعلاج أو للحصول على المواد التموينية اللازمة للحياة رغم تحميل المسؤولين الأمنيين للمسؤولية كاملة عن المأساة الحالية في قطاع غزة على إسرائيل باعتبارها قوة احتلال يقع عليها عبء توفير جميع المواد الغذائية والتموينية والوقود وغيرها للشعب المحتل في قطاع غزة، مع مطالبة حماس وفتح بالمرونة والتنازل في سبيل التوصل إلى صيغة تحقق مصالح الشعب الفلسطيني، واستغلال الفرصة الذهبية الحالية لإنهاء القطيعة السياسية وبدء مرحلة من الوحدة الوطنية لاستكمال تحرير الأرض وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
بدأت الجموع الغفيرة من الشعب الفلسطيني التي عبرت من غزة إلى الحدود المصرية في العودة مرة أخرى الى القطاع، وباتت أعداد الفلسطينيين مع بداية الأسبوع الحالي قليلة جدا في مدن العريش والشيخ زويد، لكن ما زالت هناك أعداد كبيرة نسبيا في مدينة رفح المصرية، رغم انها أصبحت أقل بكثير نتيجة أن غالبية من يبيع البضائع الآن في رفح المصرية هم من الفلسطينيين الذين يعيدون بيع المواد الغذائية والتموينية بأسعار مبالغ فيها لدرجة الجنون بعد أن نفدت المواد الغذائية تماما من مدينة رفح المصرية، وهناك أكثر من 50% من المحال التجارية أغلقت تماما في رفح حيث كانت تمثل سوق الجملة يشتري منها الفلسطينيون الذين لم يشتروا من العريش، حيث إنه على مدار الأيام التي فتح فيها المعبر كانت الاسعار في العريش أفضل بكثير من الأسعار في رفح ومن يعجز عن الشراء من العريش كان يضطر الى العودة والشراء من رفح، والآن أصبح من يتجولون في رفح المصرية لا يزيدون على 80 ألف فلسطيني معظمهم من المناطق القريبة من رفح المصرية، وهم الآن لا يريدون الخروج من رفح المصرية للعريش، لأن الحاجة انتفت تماما للذهاب إلى العريش أو الشيخ زويد بعد نفاد المواد الغذائية والتموينية تماما هناك.
وتقتصر عمليات البيع في رفح على الأدوات الكهربائية والموتوسيكلات وبعض مواد البناء، خاصة الاسمنت الذي وصل سعر الطن منه إلى 1200جنيه، في حين أن ثمنه الأصلي لا يتجاوز 440 جنيها وجميع تحركات الفلسطينيين الآن محصورة في رفح المصرية للشراء من أبناء جلدتهم الفلسطينيين الذين أصبحوا الآن المصدر الأول للمواد الغذائية والتموينية والسجائر.
وتبذل قوات الشرطة والأمن المركزي التي تم استدعاؤها من المدن القريبة في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس جهودا كبيرة لتجميع من تبقى من الفلسطينيين في مدينة رفح استعدادا للمغادرة إلى قطاع غزة، وبات من الطبيعي أن تجمع قوات الشرطة بعض الفلسطينيين في الميادين الكبرى في مدينة العريش وتحضر لهم سيارة لتنقلهم إلى رفح، حتى بعض الفلسطينيين الذين أنفقوا جميع أموالهم في المدينة ولم تتبق لهم نفقة المواصلات تقوم الشرطة المصرية بإحضار أتوبيسات عامة ليستقلها الفلسطينيون إلى رفح.
ورغم أن قوات الشرطة المصرية طلبت من الفلسطينيين الذين استوفوا الشراء المغادرة إلى غزة، إلا أن الكثير منهم عاد من جديد ليس للشراء هذه المرة لكن للتنفيس عن نفسه كما يقولون نتيجة الحصار الظالم من جانب إسرائيل، ويستخدم الكثير من الفلسطينيين طرقا تبدو غير شرعية للرجوع الى العريش حيث يستقلون السيارات المصرية المتجهة من رفح إلى العريش ويدعون أنهم مصريون، ولديهم بطاقة أو هوية مصرية، وفي الحقيقة انتشرت جماعات تؤجر الهوية أو البطاقة بـ1000 جنيه مصري لمن يريد أن يعبر من رفح إلى العريش، وعندما تصل السيارة إلى العريش يعود السائق ومعه بطاقات الهوية التي استخدمها الفلسطينيون ليستعملها آخرون، وهكذا.
سيناريو الهروب
ويقدر البعض عدد الفلسطينيين الآن في مدينة العريش بأكثر من ثلاثة آلاف، كما يستخدم الفلسطينيون طرقا أخرى للهروب من رفح الى مدن شمال سيناء منها النزول من السيارات قبل نقطة تفتيش السيارات والاختباء في الصحراء بعيدا عن نقاط التفتيش ثم يستقلون السيارة مرة أخرى بعد نقاط التفتيش بـ200متر بعد الاتفاق مع السائق على هذا السيناريو.
وتطبق السلطات المصرية الآن خطة أمنية لمراقبة الحدود تشارك فيها عدة هيئات وجهات تستهدف بالدرجة الأولى تأمين الحدود حيث سيتم استبدال الجدار الحدودي الحالي بجدار آخر أكثر تطورا لمنع محاولات التسلل على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة التي تبلغ 12كيلومترا، وذلك في ضوء الحفاظ على الأمن القومي المصري والالتزامات الوطنية والدولية وبما يقصر الدخول الى مصر عبر المناطق والبوابات الرسمية والشرعية فقط.
وفي مدينة رفح المصرية كانت هناك الكثير من الطرق المرصوفة والدروب الضيقة التي تؤدي إلى العريش لكن السلطات المصرية ومع زيادة الهواجس الأمنية بدأت الآن في حصر المرور من رفح الى العريش في الطرق المعروفة التي عليها نقاط تفتيش كثيرة ومنعت السائقين من السير في الطرق عير المعروفة وحذرتهم من أن توصيل الفلسطينيين بشكل غير قانوني عبر هذه الدروب يشكل انتهاكا للجهود التي يبذلها رجال الأمن لتجميع الفلسطينيين في رفح المصرية استعدادا للمغادرة إلى غزة، كما وضعت السلطات الأمنية على الطرق والدروب الأخرى عددا من رجال الشرطة لمنع هروب الفلسطينيين إلى مدينة العريش التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل جنوني ما جعل سكان مدينة العريش لا يجدون حتى رغيف الخبز، ونفد الوقود تماما من محطات البنزين لدرجة أن 90% من التاكسي لا يعمل بعد أن اشترى الفلسطينيون كل كميات الوقود في الأيام الأولى من فتح المعبر.
ويأمل المصريون والفلسطينيون الذين تحدثوا لـ(عـكاظ) أن تنجح حماس وفتح في التوصل الى صيغة تجعل المرور من المعبر يتسم بالانسيابية والسهولة وفي نفس الوقت تكون هناك ضوابط لكشف المخالفين والمهربين ومن يستعدون لتفجير مناطق مصرية أو الانطلاق من الأراضي المصرية لتنفيذ عمليات عنف في الأراضي المجاورة.
الشعب يدفع الثمن
أبو عمر من حي الشجاعية في غزة تحدث وهو يستعد للرجوع قائلا إن الفترة التي سمحت فيها السلطات المصرية بفتح المعبر كانت كافية لشراء كل شيء وأن تزاحم الفلسطينيين على محطات الوقود وشراء كميات ضخمة من المواد الغذائية والتموينية هو السبب في نفاد هذه المواد، واضاف إن مصر وفرت فرصة للفلسطينيين من جديد للبقاء على قيد الحياة بعد أن حاولت إسرائيل عقابهم، مؤكدا أن الوقت حان للقيادة الفلسطينية لتتحمل مسؤولياتها وقال نحن ندفع ثمن خلافات حماس وفتح، واكد أن الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني معروفة لأنها صادرة من عدو تاريخي للعرب والفلسطينيين، لكن عندما تتناحر حماس وفتح على سلطة ودولة غير موجودة فهذا مثار للدهشة والاستغراب، مؤكدا أن هناك فرصة ذهبية لحوار القاهرة لكي يخرج الطرفان من عنق الزجاجة الحالية وفتح صفحة جديدة من الحوار وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة إسرائيل، معربا عن اعتقاده أن إسرائيل لا يمكن أن توافق على منح الشعب الفلسطيني دولته المستقلة في ظل هذا الانقسام الواضح وفي ظل وجود حكومتين، وانتقد أبو عمر من يحاولون التشويش على الأمن المصري، وقال كيف للفلسطيني أن يقابل الإحسان المصري الذي فتح الحدود وتحدى الضغوط الخارجية بالقيام بعمليات عسكرية على الأراضي المصرية أو حتى ضد إسرائيل انطلاقا من الأراضي المصرية، مؤكدا أنه على كل فلسطيني أن يحترم الأراضي المصرية ويحترم القواعد والمواعيد التي حددتها السلطات المصرية لعودة الفلسطينيين إلى القطاع، ولا يعترض أبو عمر على عودة السلطة الفلسطينية لإدارة المعابر مرة أخرى بالاشتراك مع حماس، وقال ربما يكون الطرف الإسرائيلي هو الطرف الوحيد غير المرغوب فيه على المعبر لكن بالنسبة لمصر والسلطة الفلسطينية وحماس والاتحاد الأوروبي يمكن أن يشتركوا معا في إدارة المعبر.
ومع القبض على مجموعات فلسطينية كانت تنوي القيام بعمليات عسكرية إنطلاقا من الاراضي المصرية استدعت مصر من الذاكرة الاعمال الارهابية العنيفة التي قامت بها بعض العناصر في مدن طابا وشرم الشيخ وأدت الى المئات من القتلى والمصابين وأشار البعض فيها الى وقوف تنظيمات فلسطينية مثل تنظيم (ممتاز دغمش) الذي اتهمه البعض بتدريب العناصر التي قامت بهذه العمليات رغم نفي مصر الرسمي لوجود تنظيمات وراء من قاموا بعمليات طابا وشرم الشيخ، واعتبار من قاموا بها خلايا محلية تأثروا بما يحدث للشعب الفلسطيني من حصار. لكن القبض على المجموعات الأخيرة التي دخلت مع فتح المعبر جعلت مصر لن تفكر بفتح المعبر بهذه الطريقة مرة أخرى خاصة مع استغلال العناصر الإرهابية لفتح المعبر والتسلل إلى المدن المصرية.
هواجس أمنية
قامت (عـكاظ) خلال وجودها في رفح والعريش بالاقتراب من بعض المسؤولين ورجال الأمن الذين يطبقون الخطة الأمنية وسؤالهم حول حقيقة الموقف الآن في ظل إغلاق المعبر المتوقع، وأنه بعد وقت من الزمن سيحتاج المواطنون الفلسطينيون العودة من جديد إلى مصر بعد ان تنفد المواد الغذائية والتموينية التي اشتروها من المدن المصرية، وهل من الممكن أن يلجأ الفلسطينيون إلى نسف المعبر مرة أخرى.؟ وهل سيكون التجاوب المصري بنفس التجاوب الذي حدث في هذه المرة، وكانت إجابات الجميع تعبر عن الحيرة الحقيقية بين ضرورة الحفاظ على الأمن القومي المصري والاحتياجات الإنسانية، حيث يعاني الأطفال والشيوخ والجميع من أبناء قطاع غزة من انتفاء أبسط المواد الضرورية اللازمة للحياة وهو ما دفع الرئيس مبارك بالقول إننا لن نسمح بأن يتحول قطاع غزة إلى سجن كبير أو يجوع الشعب الفلسطيني.
ومن هنا يتفق رجال الأمن المصريون على ضرورة الاتفاق على صيغة تحفظ الأمن المصري من ناحية وتتيح انتقال من يستحق الانتقال إلى مصر سواء للعلاج أو للحصول على المواد التموينية اللازمة للحياة رغم تحميل المسؤولين الأمنيين للمسؤولية كاملة عن المأساة الحالية في قطاع غزة على إسرائيل باعتبارها قوة احتلال يقع عليها عبء توفير جميع المواد الغذائية والتموينية والوقود وغيرها للشعب المحتل في قطاع غزة، مع مطالبة حماس وفتح بالمرونة والتنازل في سبيل التوصل إلى صيغة تحقق مصالح الشعب الفلسطيني، واستغلال الفرصة الذهبية الحالية لإنهاء القطيعة السياسية وبدء مرحلة من الوحدة الوطنية لاستكمال تحرير الأرض وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.