أخبار

آل الشيخ: إيفاد معلمين سعوديين لتعليم اللغة العربية في تركيا

أكد وجود طاقات كبيرة لترشيد الفكر الإسلامي ومحاربة التطرف

«عكاظ» (الرياض)

عقد بمقر وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، اليوم اجتماع بين المسؤولين عن الشؤون الإسلامية في المملكة والجمهورية التركية برئاسة الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، ورئيس الشؤون الدينية التركي الدكتور علي أرباش.

وفي بداية الاجتماع، ألقى الوزير الشيخ صالح آل الشيخ كلمة رحب فيها بالجميع، وقال: إن هذا اللقاء نعده لقاءً مهماً لتأصيل وتجسير العلاقة المميزة بين الوزارة ورئاسة الشؤون الدينية بالجمهورية التركية؛ لأن العلماء في الرئاسة وفي الوزارة لابد أن يكون بينهم تعاون مثمر لتحقيق أهداف الوزارتين في خدمة الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية.

وأضاف: يسرني أيضاً التأكيد على ما تم من عناصر إيجابية فيما سبق من التعاون بين الوزارة والرئاسة منذ زيارة رئيس الشؤون الدينية السابق محمد كورماز، حيث حظيت الوزارة والرئاسة بتعاون جيد مثمر في عدد من المجالات وما نزال نتطلع لاستكمال عدد من الأمور الباقية، ونقدم التهنئة بثقة حكومتكم بتعيينكم رئيسا للشؤون الدينية وكنتم ضمن الوفد سابقًا، ولأصحاب الفضيلة أعضاء الوفد لكم منا الشكر والتقدير على التعاون المثمر والبناء فيما يخص الأعمال التنسيقية بين وزارتينا، وقد اهتمت وزارة الشؤون الإسلامية مع طلبكم بإيفاد معلمين لتعليم اللغة العربية في تركيا، وقد كاتبنا وزارة التعليم ووافقوا على الفكرة والإجراءات مستمرة، وبخصوص اللجنة المشتركة بين الوزارتين فقد تم الاجتماع الأول في الرياض عام 1438هــ، ونأمل أن يتم الاجتماع القادم في أنقرة ؛ لاستكمال عناصر البحث التي تخص التعاون بين الجهتين.

وواصل آل الشيخ قائلاً: من المعروف أن المملكة لها تمثيل في الكثير من الدول الإسلامية ووجود إسلامي إما في مراكز إسلامية أو عبر دور ومؤسسات مختصة، وكذلك هناك علماء وأئمة من الجمهورية التركية تابعون للرئاسة في بلدان كثيرة، وهذا يحتم علينا أن نكون وحدة واحدة، وأن يكون التنسيق قويًّا حتى لا يكون هناك للناس في الظاهر أي خلاف بين الجهتين، وإذا وجدت إشكالات عملية فإنها تعالج بين القيادات ويجب في المشهد الإسلامي العام والمراكز الإسلامية أن يكون هناك تنسيق وأن يكون هناك وحدة بين البلدين والوزارتين في جميع ما يتعلق بالصورة الإسلامية؛ لأن هذا في مصلحة المسلمين وألا يظهر أي نوع من اختلاف وجهات النظر في المشهد العام، وأي شيء يوجد من الملاحظات المسجلة فإنها تعالج بين اللجنتين المختصتين أو بين الوزيرين، لذلك فإننا نأمل التأكيد على ظهورنا في أي مكان في العالم يدًا واحدة.

وأكد آل الشيخ حرصه على التفاعل مع كل المقترحات التي تفضل بها الدكتور علي أرباش، وقال: إنها تصب في صالح الدعوة الإسلامية ودراسة اللغة العربية والشريعة الإسلامية وهذا كله في صالح مهمة الوزارتين بتقوية العلم الشرعي والفهم عن الله ورسوله بتجويد التخصص في العلوم الشرعية، منوهًا إلى العزيمة الصادقة من الطرفين في ظل القيادتين ومن ثم فإن النتائج ستكون طيبة ــ بفضل الله تعالى ــ في خدمة الرسالة الإسلامية والدعوة إلى الله وتقوية التعليم الديني.

وتابع: إن استجابتكم للزيارة بهذا الوفد رفيع المستوى يعبر عن الجدية في التعاون القوي بين الجهتين الكبيرتين، وقال: لدينا طاقات وإمكانات كبيرة في كل من المملكة وتركيا لابد أن تستثمر في هذا الوقت الزاهر للقيادتين؛ لكي ننشر الدعوة الإسلامية ونرشِّد الفكر الإسلامي ونحارب الغلو والتطرف والإرهاب، ونضع الأمان والسلام في جميع المراكز الإسلامية في العالم؛ لكي تكون الرسالة الإسلامية في العالم أجمع، ونركز على علاج المشكلات التي سببت لنا أزمات في التعامل، وأزمات في نظرة الناس في العالم لنا مما سبب اتهامنا بالإرهاب، وسبَّب (إسلامو فوبيا)،وغير ذلك من الأزمات.

وزاد وزير الشؤون الإسلامية قائلاً: لا شك أن قدرتنا على مواجهة الإعلام العالمي ليست قوية؛ لأن الإعلام العالمي قوي ويصفنا بما ليس فينا، ولكن يجب أن نتعامل بجد مع كثير من الأطروحات وأن نعالج ما نستطيع معالجته.

واختتم الوزير كلمته قائلا: يسرني أن أعبر عن شكري الجزيل والكبير لقيادة بلدينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية على إتاحة الفرصة للعلماء في البلدين الشقيقين للتعاون والالتقاء والتفاهم حول القضايا الإسلامية؛ لأن تعاون البلدين الإسلامين الكبيرين هو في مصلحة الإسلام والمسلمين، وهذا ناتج عن التنسيق الكبير ــ بحمد الله ــ بين المملكة وتركيا في جميع المجالات الدينية والسياسية والأمنية والاقتصادية والتعليمية، وهذا مما يخدم الرسالة الإسلامية؛ لأن العلماء أصحاب رسالة رسالتهم نشر الدعوة الإسلامية وتحبيب الناس للإسلام وخدمة المسلمين في كل مكان، فنشكر القيادتين على إتاحة الفرصة لنا للالتقاء والاجتماع وبحث الأمور الإسلامية التي تهم المسلمين في أنحاء العالم.

ثم ألقى الدكتور علي أرباش كلمة قال فيها: نشكركم جزيل الشكر على الدعوة الكريمة الطيبة الموجهة إلينا من قبلكم، ولا شك أن الدعوة التي وصلتنا من قبلكم تعد بالنسبة لنا من أهم الدعوات التي يلزمنا إجابتها؛ لأننا نتحدث عن المملكة العربية السعودية التي لنا معها رابطة قلبية منذ عقود من الزمن، ومن ثم فيكفي أن أقول: إنه خلال الأشهر الأربع الماضية فقط زرت المملكة ثلاث مرات وهذا دليل كاف على أهمية المملكة بالنسبة لنا وأهمية العلاقة معها في هذا السياق.

وأفاد أن هذه الزيارة هي الأولى خارج تركيا، وهي زيارة لا شك في أهميتها وأهمية مضمونها، وقال: نتمنى أن تزداد الفعاليات التي نقوم بها يوما بعد يوم سواء داخل تركيا أو خارجها وأن تكون ذات مغزى ومعنى لأداء هدفها حتى يعم الخير.

وأشار الدكتور أرباش إلى كلمة وزير الشئون الإسلامية عن زيارة الرئيس السابق للشؤون الدينية في تركيا الدكتور محمد قورماز للمملكة، وما تم خلالها من اتفاقات بدأ العمل فيها، وقال: إننا نريد المواصلة والاستمرار، وإيجاد صيغ جديدة للتعاون في هذا السياق، وبالنسبة لما أشار إليه الشيخ صالح آل الشيخ من اللجنة المشتركة فنتمنى أن تكمل مسيرتها كما كانت في السابق وأن ندعم الأعمال التي يقومون بها، وأن نناقش قضايا لم نناقشها في السابق لنوسع دائرة التعاون فيما بيننا.

وأبان أن هناك مشكلة تواجه رئاسة الشؤون الدينية في تركيا وهي قلة المتحدثين باللغة العربية، وقلة الدارسين للعلوم الإسلامية بشكل حقيقي ومتخصص، وقال: إن الطلاب الأتراك الذين درسوا في جامعات المملكة لهم إسهامات كبيرة في تركيا في الفترة الماضية، وحاليا نتمنى أن يزيد عدد الطلاب الذين يدرسون في الجامعات السعودية ولا سيما في العلوم الشرعية حتى يرجعوا لبلادهم ويقدموا الخدمات التي نؤملها في المستقبل القريب، مشيرا إلى أنه لا يخفى أهمية دراسة العلوم الشرعية باللغة العربية مقارنة بدراستها بلغات أخرى غير العربية.

وأوضح أن لديهم برنامجا اسمه «مولانا» يتم فيه تبادل الطلاب والأساتذة لمدة عام أو فصل واحد مما يقوي الطالب في لغته ويوسع مداركه في أمور كثيرة، معربًا عن ترحيب الرئاسة الدينية بمن يرغب من السعوديين في الاطلاع على اللغة التركية والحضارة التركية بشكل عام عبر البرنامج المشار إليه.

وأشار إلى أن لديهم في الرئاسة ما يسمى بمعاهد الاختصاص العليا للأئمة والوعاظ وتدريب المفتين، وهو برنامج مدته سنتان في ثمانية مراكز يقدمون من خلالها الخدمات اللازمة للعاملين في رئاسة الشؤون الدينية، منوهاً أن هؤلاء أخذوا قبل ثلاث سنوات فصلا دراسيا في جامعة أم القرى لمدة أربعة أشهر، شاكرًا المملكة ومسؤوليها على استضافة هؤلاء الطلاب خيرَ استضافة.

وتطرق الدكتور أرباش ــ في سياق كلمته ــ إلى الثلاثة ملايين ونصف المليون من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا وأنهم بحاجة إلى التعاون مع المملكة بخصوص ما يمكن تقديمه لهم من خدمات ولا سيما في الجانب التعليمي.

وقال المسؤول التركي في ختام كلمته: أكرر شكري وتقديري لمعاليكم، وأجدد دعوتكم إلى بلدكم أنقرة؛ لاستكمال ما بدأناه، مزجيا شكره لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- على ما يقدمانه من توجيهات في إطار التقارب بين البلدين وفيما يتعلق بخدمة حجاج بيت الله الحرام واصفا هذه الخدمات بالجليلة والعظيمة.