كتاب ومقالات

الشيخ المطلق و«العباية»

ولكم الرأي

سعيد السريحي

الحيثيات التي استند إليها عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الدكتور عبدالله المطلق في حديثه عن عدم إلزام المرأة بلبس العباءة المتعارف على لبسها بين النساء في المملكة، تلك الحيثيات جديرة بالدرس، وذلك لأنها إن صدقت في حكمها على لبس العباءة، وهي صادقة دون شك، فإنها سوف تكون صادقة على كثير من جوانب الحياة لدينا والتي ينبغي إعادة النظر إليها في ضوء مقاصد الشرع وعدم الاقتصار على ما جرى عليه العرف في النظر إليها.

استند الدكتور المطلق فيما ذهب إليه من عدم إلزام النساء بلبس العباءة المتعارف عليها من قاعدة أن مقصد الشريعة إنما هو تحقيق الستر للمرأة، وأن الستر يمكن تحقيقه بالعباءة أو بأي رداء آخر يمكن له أن يغني عنها، وفي هذا المقام تجاوز الشيخ المطلق تلك الفتاوى التي كانت تلزم المرأة بلبس العباءة على الرأس وما كان يترتب على ذلك من ملاحقة رجال الحسبة للنساء ومعاقبة المدارس للطالبات إذا ما أقدمن على لبس العباءة على الكتف، وذلك حين قال الشيخ المطلق: إذا سترت المرأة نفسها، سواء كان ذلك بعباءة على الكتف أو الرأس، فالحمد لله لأن المقصود الستر.

وقد أفضى النظر إلى ما تلبسه المرأة من خلال قاعدة تحقيق مقصد الشرع المتمثل في الستر إلى نظر الشيخ المطلق نظرة متسامحة لما أشار إليه من لبس النساء في البادية العباءة على الكتف، وكذلك إلى ما تلبسه النساء المسلمات في أرجاء العالم من لبس يحقق مقصد الشرع في الستر وذلك حين قال: أكثر من ٩٠٪ من النساء الملتزمات في العالم الإسلامي ليس عليهن عباءات ولا يعرفنها، ونحن نراهن في مكة المكرمة والمدينة المنورة وهن نساء مسلمات وفيهن حافظات القرآن والداعيات إلى الله، لكن ليس عليهن عباءات، ولهذا لا نلزم النساء بالعباءة.

وهكذا أسس الشيخ الجليل لما ذهب إليه حين استند إلى مقاصد الشرع تارة وإلى ضرورة تمثل الشعوب المسلمة لتلك المقاصد، وهو تأسيس جدير بالتقدير واعتماده قاعدة تحتم علينا إعادة النظر فيما كنا نأخذ به من عادات وتقاليد نتوهم أنها هي الشرع الذي لا ينبغي أن نحيد عنه متجاهلين مقاصد الشرع التي لا تجعل الأخذ بها ملزما، كما تحتم علينا الحيثيات التي انطلق منها الشيخ النظر باحترام وتقدير على ما تأخذ به الشعوب الإسلامية المختلفة بعد أن بقينا عقودا نتوهم أن الله لم يهدِ إلى الحق قوما سوانا.