أخبار

رجوي لـ«عكاظ»: الملالي يعادون الشيعة.. وكـذبة الإصلاحيين انتهت.. والعلمانية هي الحل

زعيمة المعارضة الإيرانية اعتبرت إسقاط النظــــــام ضرورة لتحرير بلادها من التخلف والفقر

رجوي ترى أن سقوط الملالي سيكون بيد الشعب الإيراني الغاضب.

حوار: أسماء بوزيان (باريس) asmek2@



اعتبرت زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارج مريم رجوي أن «نظام الملالي» من أكثر الأنظمة الديكتاتورية المناهضة للحريات وحقوق الإنسان، لافتة إلى أن دور المملكة العربية السعودية «قوض الطموح الإيراني في التوسع بالمنطقة».

وأكدت رجوي في حوار مع «عكاظ» أن الشعب الإيراني يصنع الفارق مع نظام طهران رغم ما يمارس ضده من قمع، معرجة على تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مؤتمر الرياض العام الماضي أن النظام الإيراني رأس حربة الإرهاب العالمي.

وطالبت رجوي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بعدم تقديم التنازلات للنظام في طهران، مشددة على وجوب الاصطفاف إلى جانب الرياض من أجل دحض تدخلات النظام الإيراني في دول المنطقة، فإلى نص الحوار:

•اعتقد الثوريون رجل الدين هو خلاصهم من نظام الشاه، ولم يكن أمامهم سوى الخميني الذي روج لشعارات مغرية، ألا تعتقدون أن العقيدة في عهد الخميني تحولت إلى صراع وأججت النزاع السني الشيعي؟

•بخصوص وصول خميني والملالي التابعين له إلى السلطة في ثورة 1979، فإن الحقيقة هي أن دكتاتورية الشاه كانت قد قمعت بشدة مجاهدي خلق وحركات التحررية الوطنية الأخرى. وأن قادة مجاهدي خلق خرجوا من سجون السافاك بعد 4 أيام فقط من هروب الشاه من إيران، وتمكن خميني من استغلال هذا الفراغ والحصول على السلطة، كان رجعيا مخادعا ولم يمثل بأي حال طموحات الشعب الإيراني للحرية والديموقراطية، بل سرق قيادة الثورة المناهضة للديكتاتورية.

أيديولوجية خميني هي التطرف تحت اسم الإسلام الذي لا يمت للإسلام بصلة، وبسبب ذلك استباح لنفسه ارتكاب أي جريمة. ومن العناصر الهدامة الأخرى لهذه الأيديولوجية التمييز الديني، وتصدير الإرهاب والتطرف تحت عنوان تصدير الثورة إلى خارج إيران، خاصة إلى البلدان الإسلامية، فهو خلق بهذه الأيديولوجية عداء كاذبا بين الشيعة والسنة، وكذلك من أجل عرض عدائه للدول الإسلامية السنية دفاعا عن الشيعة، فيما ليس هناك أي عداء بين أتباع الشيعة والسنة يتعايشون في الشرق الأوسط معا لعدة قرون في أجواء سلام وصلح. ولكن الحقيقة هي أن خميني وولاية الفقيه هما العدو الأول للمسلمين وللشيعة على حد سواء. ولا يوجد نظام في العالم قتل من الشيعة مثل قتل نظام الملالي.

•لكن النظام الشيعي سعى إلى اضطهاد السنة؟

•نعم، للنظام الإيراني تاريخ طويل في القمع والقتل وخلق جميع أنواع الاضطهاد بحق إخوتنا من أهل السنة في إيران وفي المنطقة برمتها. ولكن لا يجوز اعتبار ولاية الفقيه عقيدة شيعية، بل من الخطأ، وإنما هي استبداد وحشي لبس قناع الشيعة، وهو العدو الأكثر بشاعة بالنسبة للشيعة نفسهم وبالنسبة لجميع أطياف المسلمين. لقد ارتكب هذا النظام أكثر الظلم والجرائم ضد الشيعة أنفسهم في إيران، وعلى وجه التحديد ضد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي حركة مسلمة تقدمية. أعدم هذا النظام في إيران 120 ألفاً من المعارضين السياسيين، أغلبيتهم من أعضاء مجاهدي خلق ومؤيديها الذين معظمهم من الشيعة. وفي عام 1988، ووفقا لفتوى صادرة عن خميني، قام النظام بقتل 30 ألف سجين سياسي، 90٪ منهم كانوا أعضاء ومؤيدين للمنظمة.

لذلك، بالنسبة للخميني وخامنئي، التحدث عن الشيعة والإسلام والقرآن كان ومازال عملية دجل قذرة. فبالنسبة لهم كان الدين وسيلة لفرض نزعة سلطوية جنونية لديهم ووسيلة لتبرير قتل أبناء الشعب الإيراني وتبرير تدخلاتهم العبثية بمصير بلدان المنطقة.

لذلك، فإن هذا النظام الذي هو جزار الشيعة بالدرجة الأولى يحاول من خلال إثارة مشاعر الشيعة في الدول الأخرى وتأليبهم وتسليحهم وتشكيل عصابات إرهابية أن يفرض هيمنته على تلك الدول.

•في 1987 بعث الخميني رسالة إلى قواعده وأذرعه في السلطة، كشف في هذه الرسالة عداءه الكبير للإسلام وفحواها أن السلطة أو الحكم يتجاوز الدين ومقدساته ويتجاوز المواطن وممتلكاته، كيف صبر الإيرانيون على حكم رجل دين يضمر العداء للإسلام طيلة 40 عاما وهم الذين أطاحوا بنظام الشاه من أجل أن يحكمهم رجل دين؟

•الشعب الإيراني لم يستسلم أبدا لهذا النظام ولم يتحمل هذا النظام برغبته ورضاه، بل كان ينظر إليه باستمرار كحكومة محتلة. وبعد عامين وأربعة أشهر فقط من حكم خميني، نظم مجاهدو خلق انتفاضة 20 يونيو 1981 في العاصمة طهران، التي سطرت حدثا تاريخيا كبيرا في معارضة الإيرانيين لحكم الخميني. وفي طهران العاصمة فقط جاء 500 ألف شخص إلى الشوارع وأدانوا سياسات خميني اللا إنسانية واللا إسلامية. قوات الحرس وبأمر من خميني أطقوا النار على هذه المظاهرة السلمية وقتلوا واعتقلوا آلافاً وبدأوا بتنفيذ الإعدامات الجماعية منذ مساء ذلك اليوم. وبعد ذلك، ظهرت مقاومة واسعة ضد هذا النظام ومازالت مستمرة. وفي يناير من العام الحالي اندلعت انتفاضة في 142 مدينة بشعار «الموت لخامنئي» وخلال هذه السنوات الـ 39، اندلعت هذه الانتفاضات مرارا وتكرارا. وهذه الأحداث هي أهم الدلائل الملموسة على عدم استسلام الشعب الإيراني أمام النظام الحاكم وإصرار الإيرانيين على إسقاطه.

•هل أخذ الدين أبعاده الحقيقية تحت مظلة حكم الملالي؟

•ما جرى في ظل حكم الملالي باسم الدين كان عملية دجل بحتة، أي باسم الإسلام، جرى اغتصاب سيادة الشعب، وتعذيب وإعدام المواطنين وتكبيلهم باسم الإسلام، والفساد ونهب ممتلكات البلاد باسم الإسلام، والحرب مع الدول الإسلامية في المنطقة بدءا من الحرب مع العراق في الثمانينات إلى الحرب مع الشعب السوري في السنوات الأخيرة.

تم الكشف عن هذا الدجل على نطاق واسع في إيران. أرجو منكم الانتباه إلى تصريحات قادة النظام خلال الانتفاضة بشأن مدى نفور وكراهية الشعب الإيراني حيال ما يمثّله نظام الملالي.

•أتعتقدين أنه سيحدث في إيران ما حدث في أوروبا ويتخلص الإيرانيون من الحكم الديني؟

•معظم الناس في إيران مسلمون وسيبقون كذلك، الفرق هنا أنهم يكرهون دين الملالي وولاية الفقيه بقدر كل الإيرانيين الذين تعرضوا للاضطهاد من هذا النظام العائد للقرون الوسطى، وأنهم يكرهون دين الملالي وولاية الفقيه. لهذا السبب فإن خريطة مستقبل إيران هي جمهورية قائمة على الفصل بين الدين والدولة، أي مجتمع توجد فيه حرية دينية ولا يتعرض الناس للمضايقة أو المعاقبة على دينهم أو معتقداتهم ولا قيود على حقوقهم وحرياتهم. من ناحية أخرى لا يوجد دين يحكم في الدولة أي الجمهور العام، ولن يتمتع أتباع أي دين بامتيازات خاصة. ووفقا لقرارات المجلس الوطني للمقاومة سيتم إلغاء جميع القوانين اللا إسلامية التي قررها نظام الملالي باسم الإسلام. ولا يحق لأي مواطن أن يتمتع بأي حق أو يحرم من أي حق بسبب اعتقاده أو عدم اعتقاده بدين أو مذهب خاص.

•قبل عام من عودته إلى إيران أي في 1978 قال الخميني محرضا الشباب إنه «ليس على الجيل الحالي أن يرضخ للقرارات التي اتخذها أسلافه في الماضي». اليوم نرى أن سليل هذا النظام يرضخ الجيل الحالي للقرارات التي اتخذها السابقون وينكر عليهم هذا الحق؟

•نعم، الجيل السابق أيضاً لم يقرّر أن يحكمه الملالي ومنذ الأعوام الأولى رفض الشعب الإيراني خميني ونظامه. ولهذا السبب بالذات وقف المجتمع الإيراني اليوم، خاصة جيل الشباب في مواجهة حادة مع النظام بصورة أعنف وأشدّ، ليس هناك جسر أو أواصر علاقة بين ولاية الفقيه والناس، وإنما هناك هوة سحيقة وكبيرة من الدم والكراهية والعصيان، حيث لن يبقى مستقبل للنظام.

•على أي ركائز تقوم سياسته؟

•تستند سياسة النظام إلى هذه العوامل: ممارسة قمع شديد بحق المواطنين مع ترهيب منهجي، ومعارضة القوة البديلة (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) وفي محوره منظمة مجاهدي خلق، وتوزيع الامتيازات (من أصول ودخل الدولة) بين العناصر والأجنحة الداخلية، وعرض الصفقات الاقتصادية المربحة على الشركات والحكومات الغربية من أجل الحفاظ على سياسة الاسترضاء، والدعاية الهادفة لتضخيم قدرتها، وتصدير الإرهاب والتطرف إلى الشرق الأوسط، واللا مبالاة إزاء الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلد.

ولأن هذا النظام لم يبن سياسته إطلاقاً على التجاوب مع متطلبات الشعب، فإنه مصاب بضعف وعدم الاستقرار في الأساس. نظام الملالي محاط بمختلف الأزمات من أهمها: الانتفاضات الشعبية في إيران التي اجتاحت في يناير 142 مدينة، وستندلع من الآن فصاعدا بكل شرارة، والإفلاس الاقتصادي، والتورط في مستنقع الحرب السورية وغيرها من الحروب الدائرة في المنطقة، وأخيرا حرب الخلافة في قمة النظام.

•ما حقيقة هاجس الهلال الشيعي؟

•قد قلت قبل ذلك أيضا إن هذه الظاهرة التي أسمّيها هلال التطرف هي نزعة ولاية الفقيه الحربية لإثارة الاضطرابات والبلبلة في الشرق الأوسط، وهي تستخدم اسم الشيعة وتريد توصيل سلطتها المشؤومة من طهران وبغداد إلى سورية ولبنان وشواطئ البحر الأبيض المتوسط حتى تقوم من هناك بالاعتداء على سائر البلدان العربية والإسلامية خاصة البلدان التي تقع في جنوب هذا الهلال.

لأن حكم الملالي وتحت ضغوط أزماته الداخلية بحاجة إلى تصدير

الأزمات إلى الخارج. وإذا لم يثر الملالي الحرب في المنطقة، فإن علامة استفهام كبيرة تأتي أمام الفلسفة الوجودية لقوات الحرس.

لذلك من الخطأ إذا اعتبر أي شخص تصدير هذه الأزمة بأنه غزو للبلدان ودليل على اقتدار الملالي. وهذا ليس غزوا للبلدان من موضع القوة، بل محاولة لتدمير بلدان الشرق الأوسط وتوريطها في بحر من الدماء. وأمامنا سورية وهي نمط كامل من نتيجة سياسة الملالي.

الملالي يواصلون أفعالهم الشريرة على الصعيد الإقليمي، كما أنهم سيواصلون القمع داخل إيران حتى الساعة الأخيرة قبل سقوطهم، ولن يتخلوا عنه أبدا. الوهم بأن تقديم التنازلات لهذا النظام يجعله يتطوّع، وعقد الأمل على تهدئة الملالي بتقديم التنازلات لولايةالفقيه، والانتظار لتغيير سلوك الملالي مع مرور الزمن والرهان على المعتدلين المزعومين داخل النظام، كلها ناجمة عن عدم معرفة طبيعة هذا النظام. ليس أمام نظام الملالي حل سوى إسقاطه بيد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.

• كنتم من الذين أطاحوا بالشاه في 1979، ولكنكم انسحبتم من المشاركة في حكم الملالي، ما الذي دفعكم إلى ذلك؟ هل هو الاستفراد بالحكم الديني أم أنكم اكتشفتم

الانحراف الذي طغى على حكم الخميني وأتباعه؟

•مجاهدو خلق كانوا على معرفة طبيعة خميني الكهنوتية قبل سنوات من الثورة وكانوا يحذّرون قبل سقوط الشاه بأن التحدّي الرئيسي للثورة الإيرانية هو التطرف الديني والرجعية الدينية المتمثّلة في فكرة خميني. لهذا السبب مع أن أبواباً كثيرة كانت مفتوحة في حكم الملالي أمام قادة حركتنا للوصول إلى مناصب حكومية لكنهم رفضوا ذلك. وبعد بضعة أيام من عودة خميني إلى إيران، قال أحمد نجل الخميني في اجتماع مع قائد مجاهدي خلق: «إذا دعمتم الخميني وقبلتم بولاية الفقيه، فإن جميع الأبواب ستكون مفتوحة لكم؛ خاصة أنكم شباب وثوريون ولكم نفوذ كبير في المجتمع». لكن مجاهدي خلق اشترطوا التعاون والتماشي مع خميني بأن يكون الاستفتاء العام والتصويت العام والانتخابات هي الأساس، الأمر الذي لم يكن خميني مستعداً لقبوله إطلاقاً.

لم يكن هدفنا في ذلك الوقت وليس اليوم الوصول إلى السلطة. وإنما هدفنا هو إقامة الحرية والديموقراطية في إيران، وهو ما يتطلع إليه أبناء شعبنا. ولهذا السبب فإن المنظمة قد قاطعت عملية الاستفتاء على دستور ولاية الفقيه في ديسمبر 1980، لأن هذا القانون يفرض ولاية الفقيه (الحكم الاستبدادي للملالي) على الشعب الإيراني، لكننا أعلننا التزامنا بهذا القانون وفي إطار هذا القانون حاول مجاهدو خلق من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية منع توجه النظام نحو الاستبداد المطلق. لكن خميني ومن خلال إصدار فتوى منع مشاركة مرشّح مجاهدي خلق في الانتخابات لم يسمح لأحد من مرشحينا دخول مجلس الشورى، وسرعان ما اعتمدوا أعمال القتل وإثارة الحروب والفساد والإجرام.

•نضالكم في المعارضة لم يكن سهلا، وقد منحكم صدقية لدى قواعد مجاهدي خلق.. ولكن الغرب وقف إلى جانب الجلاد وصنف المعارضة ضمن قائمته للإرهاب.. ماذا حدث بالضبط؟

•الحقيقة المهمة جدا في هذا الشأن هي أن كل حكومة غربية صنفت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من دون وجه حق وغير قانوني في قائمة المنظمات الإرهابية قد اتخذت قرارها على أساس طلب النظام الإيراني منها. وقد أكد مسؤولو إدارة بيل كلينتون في 1997 بكل صراحة أن إدراج مجاهدي خلق كان بادرة حسن النية لمحمد خاتمي الرئيس الجديد في إيران، كما أن وزير الخارجية البريطاني آنذاك جاك سترو أكد ذلك صراحة. وكانت هذه التسمية في الواقع أكبر امتياز قدمه الغرب للنظام الإيراني، لأنهم تعاونوا مع الملالي لإغلاق طريق التغيير في إيران.

بعد ذلك، إننا وفي حملة قانونية وسياسية كبرى قل نظيرها في التاريخ المعاصر، تمكنا من تحقيق النصر في أكثر من 20 محكمة في المملكة المتحدة، ومحكمة العدل الأوروبية ومحاكم دول أوروبية أخرى وواشنطن. هذه المحاكم أعلنت إبطال اتهام الإرهاب بالمنظمة، واضطرت الحكومات على مضض إلى شطب اسم مجاهدي خلق من قوائمها امتثالا لأحكام المحاكم.

وقد أثبتت هذه التجربة أيضا أن النظام يبذل قصارى جهده لمواجهة بديله السياسي للحفاظ على سلطته؛ لأنه يعلم جيدا إذا كانت طريق المقاومة مفتوحة سواء في داخل إيران أو في المنطقة أو على الصعيد الدولي فستهز أركان النظام بسرعة. وقد اعترفت الصحافة الدولية مرارا بأن الملالي أعلنوا في علاقاتهم الدبلوماسية مع الحكومات الغربية أو الحكومات الإقليمية أن التقرب إلى هذه المقاومة يعد خطا أحمر لهم.

وقبل بضعة أسابيع، نقلت صحيفة لوفيغارو عن مسؤولين فرنسيين قولهم إنه ليس هناك أي مفاوضة مع النظام الإيراني، إلا أنهم طرحوا قضية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.

•تحرك المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في السنوات الأخيرة لفضح جرائم الملالي ضد الشعب، ما جعله يتخبط في كل الاتجاهات من أجل كبح تحركات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، آخرها عندما اتصل روحاني بالرئيس الفرنسي ماكرون يطالبه بكف المظاهرات التي تحركونها من باريس ضده، ماذا يعني هذا؟

•إن طلب حسن روحاني، رئيس نظام ولاية الفقيه، من الرئيس الفرنسي منع الأنشطة المشروعة للمقاومة الإيرانية له معنى واضح. جاء الطلب بعد أيام قليلة من بدء الانتفاضات في 142 مدينة إيرانية. وأظهر أن الملالي خائفون من دور شبكات مجاهدي خلق في تنظيم وتوجيه الانتفاضة.

وبطبيعة الحال، فإن ما يحدث في إيران هو عمل شبكات مجاهدي خلق في مدن مختلفة، ولا علاقة له بأنشطة المقاومة السياسية على الصعيد الدولي، بما في ذلك في فرنسا. لكن الملالي كانوا تحت طائلة ضغوط كبيرة بسبب تقدم الانتفاضة من قبل شبكات مجاهدي خلق وهذا ما دفعهم إلى القيام بهذه المحاولات الرعناء.

•هل أدرك نظام الملالي أن «شمس المعارضة الإيرانية»، كما يلقبك أنصاركم، بدأت تهز عرش سلطته؟

•هذه القضية ليست شخصية، هناك مقاومة جبارة تعمل منذ 37 عاما ضد النظام ومن أجل الحرية والديموقراطية ودفعت ثمناً باهظاً منه أكثر من 100 ألف شهيد ومئات الآلاف من السجناء الذين تعرّضوا للتعذيب، ومن دواعي فخري أن أكون المتحدث باسم هذا الجيل الذي انتفض بوجه نظام الملالي وخميني وهو الآن يطالب في مختلف المدن الإيرانية بإسقاط هذا النظام، أسأل الله تعالى أن يوفّقني في أداء هذا الواجب الوطني.

•تحاولين فضح ممارسات النظام الإيراني، ولكن على الرغم من ذلك لا تزال الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة تعزز الوضع الحالي في إيران، ما هي أفضل وسيلة لتأليب المجتمع الدولي على هذا النظام؟

•سعينا إلى إنشاء جبهة من البرلمانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين لسياسات الاسترضاء الغربية، وقد حقق هذا الجهد الكثير من النجاح، على سبيل المثال هناك 17 لجنة لدعم المقاومة الإيرانية تنشط في برلمانات مختلف الدول الغربية. وقد أيّدت غالبية العديد من البرلمانات الغربية حركتنا رسميا، وفي فرنسا يدعمنا 14 ألف عمدة ينتخبهم شعب هذا البلد. كما أن المقاومة الإيرانية لديها نشاط ثابت داخل مؤسسات الأمم المتحدة في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان، حيث حقّقنا إنجازات كبيرة.

وتشمل سلسلة من الأنشطة الأخرى تنظيم الاعتصامات والتجمعات للجالية الإيرانية في الدول الغربية لجذب انتباه الجمهور. ومنذ اندلاع الانتفاضات الأخيرة في إيران نظّمت المقاومة في الخارج خلال الأسابيع الأخيرة نحو 200 مظاهرة ووقفات احتجاجية في المدن الأوروبية والأمريكية الكبرى لدعم هذه الانتفاضات.

•هل يمكن أن ينتخب الشعب الإيراني في المستقبل امرأة لقيادة البلد؟

•موضوع المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في المجتمع الإيراني، ولاسيما بين جيل الشباب، تحظى بدرجة عالية من القبول. ولاسيما في مواجهة النظام الحاكم الذي يقمع المرأة بشدة. لذلك بعد الإطاحة بالنظام من المحتمل جدا اختيار امرأة للرئاسة. لكن الأهم من ذلك أن تكون الانتخابات حقيقية حرّة، بغض النظر عمن ينتخبه أبناء الشعب، امرأة كانت أو رجلاً، هو الطريق الوحيد الذي يستطيع وطننا وشعبنا من خلاله التغلّب على النتائج المدمّرة لما يقارب من قرن من حكم ديكتاتوري ملكي وديكتاتوري ديني.

•هل تسعين اليوم إلى دولة علمانية بمفهوم فصل الدين عن الدولة؟

•نعم، نريد جمهورية قائمة على الفصل بين الدين والدولة. وهذا لا يعني التخلي عن الدين في المجتمع، بل يعني أن كل شخص حرّ أن يكون له دينه، وفي الوقت نفسه، ليس لأتباع أي دين امتياز خاص دون غيرهم. في رأيي هذا هو نفس السنة النبوية الطاهرة ومضمون الآية القرآنية «لا إكراه في الدين»، و«كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله».

إن ما نريده لمستقبل إيران هو أيضا مجتمع يقوم على احترام حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتمتع جميع الناس بالفرص الاقتصادية المتساوية، والاعتراف بالقطاع الخاص والرأسمالية الوطنية، ووجود إيران خالية من النووي لها علاقات قائمة على السلام والتعايش مع جيرانها. كما أن توفير الحكم الذاتي لمختلف القوميات في إطار السيادة الوطنية ووحدة الأراضي غير القابلة للتجزئة للبلد هو أيضا جزء من برنامجنا. الآن الإخوة والأخوات من الأكراد والعرب والبلوش والترك والتركمان يتعرضون للاضطهاد والقمع الشديد من قبل نظام الملالي. إن إسقاط نظام الملالي ضرورة لتحرير إيران من التخلف والفقر الحالي وإنهاء كل هذه الممارسات التعسفية.

•هل الأزمة الإيرانية هي نتيجة عدم التوازن في مستوى التنمية الاقتصادية أو الحاجة إلى الحرية السياسية؟

•المشكلة العاجلة هي انعدام الحرية، ويحرم النظام الشعب الإيراني من أي حرية شخصية واجتماعية، من حرية التعبير والتجمع وتأسيس الجمعيات إلى حرية الرأي والدين، وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي. حُرم الشعب الإيراني من الحق في المشاركة في تقرير المصير، ولا يحق له أن ينتخب بحرية، والانتخابات الحالية في إيران شكلية.

كما أن الفقر والبطالة اللذين هما نتيجة للانهيار الاقتصادي ونهب داخل البلد وثروته لتغطية تكاليف قوات الحرس وإثارة الحروب في المنطقة، يشكلان جزءا من الأزمة الراهنة.

هناك في إيران الآن 10 ملايين شخص عاطل عن العمل ومعدل البطالة في البلاد 40%. ويعيش 70% من القوة العاملة تحت خط الفقر، ويعيش 20 مليون شخص في بيوت من الصفائح في ضواحي المدن الكبيرة، كما أن المواطنين ضاقوا ذرعا من الكوارث البيئية مثل تلوث الهواء، وأصبحت مجموعات من الناس يهاجرون من داخل البلد بسبب شحّ المياه. ونحن نؤمن إيمانا عميقا أن الأزمة الاقتصادية الهائلة في إيران عميقة جدا، بحيث لا يمكن حلها إلا بتغيير سياسي جذري ومن ثم بمشاركة جميع قطاعات الشعب. نعم، المشاكل الاقتصادية في إيران لا يعود لها حل اقتصادي، وكل شيء مرتبط بضرورة إسقاط النظام.

•لكن النظام الإيراني لم يتح مجالا لإجراء استفتاء بشأن الموضوعات المرتبطة بمصالح الشعب الإيراني، أليس شرعنة نظام بأصوات شعب مسلوب الإرادة خرقا للقانون الدولي؟

•نعم، هذا النظام، ومسؤولوه ومؤسساته، وقوانينه وسياساته، لم ينشأ أي منها عن التصويت وانتخاب الشعب الإيراني. هذا النظام هو حكومة محتلة.

•الغرب يعترف بأن النظام الحالي هو أكثر الأنظمة ممارسة للقمع، ولكن هل أقدم على تحرك لجعل النظام يتخلى من ديكتاتوريته؟ أليس ذلك مؤامرة من النظام الدولي مع نظام ولاية الفقيه ضد إرادة الشعب الإيراني؟

•نحن لم نطلب ولا نريد من الحكومات الغربية التدخل في تغيير النظام في إيران. هذا ما يتولاه الشعب والمقاومة والمنتفضون الإيرانيون وبالتأكيد أنهم سيحققون ذلك.

ولكن ما نريده من كل العالم، وخاصة الحكومات الغربية، هو وقف منح التنازلات لنظام الملالي. استمرار العلاقة مع هذا النظام وهو يقتل المراهقين والشباب تحت التعذيب يمثل تقديم امتياز للملالي. إن الصفقة مع شركات قوات الحرس تعد إيصال الوقود إلى ماكنة القمع الداخلي والقتال مع شعوب المنطقة. المبيعات المباشرة وغير المباشرة لتكنولوجيا الرقابة على الإنترنت أو معدات التعذيب تعدّ المشاركة في قمع الشعب الإيراني. وأي عمل من شأنه أن يعزز الإيرادات المالية للنظام فهو تقوية لهذا النظام. نظام ولاية الفقيه في حرب مع الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، ونقول للحكومات الغربية يجب على الأقل أن تكون محايدة في هذه الحرب.

•تعتقدين أن دعم المعارضة في الخارج يشكل إحدى الوسائل التي بإمكان الغرب أن يأخذها بعين الاعتبار كمساعدة للشعب الإيراني لإسقاط هذا النظام؟

•ما نريده هو أن تعترف الحكومات بنضال الشعب الإيراني لتغيير النظام. قبل ذلك أيضاً شرحت الآثار الهدّامة لسياسة المهادنة وأكّدت على الاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بصفته البديل الديموقراطي الوحيد للديكتاتورية الدينية الإرهابية كضرورة لإنهاء السياسة الكارثية السابقة التي انتهجتها أمريكا وأوروبا حيال الشعب الإيراني والتعويض عن خسائرها وأضرارها.

الانتفاضة

•ما الفرق بين انتفاضة 2009 وانتفاضة 2017 وبداية 2018؟

•هناك 3 مفارقات أساسية: الأولى هي تشديد الاستياء الشعبي والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت محرّكة للانتفاضة، غليان الاحتجاج والسخط الشعبي من الفقر والغلاء والقمع والتمييز وفي مختلف أنحاء البلاد، التي ليس لدى النظام حل لها.

في 2009 كان المنتفضون من الطبقات المتوسطة، لكن هذه المرة معظمهم كانوا من المحرومين والشرائح ذوي الدخل المحدود.

بناء على تصريحات مسؤولي وزارة الداخلية كان 90% من المعتقلين أقل من 25 عاماً. في العام 2009 كانت الانتفاضة في طهران ومدينتين أخريين، لكن اليوم الانتفاضة عمّت 142 مدينة.

والثانية: قيادة انتفاضة عام 2009 كانت بيد قادة جناح داخل النظام. وحينما بلغت مطالب الشعب في الشوارع بضرورة إسقاط النظام برمته اتجه قادة الانتفاضة نحو المساومة مع ولاية الفقيه، وبالتالي لم تستطع الانتفاضة أن تستمر. ولكن الانتفاضة هذه المرة كانت شعاراتها مركزة على إسقاط النظام وشعارات الموت لخامنئي والموت لولاية الفقيه.

ولم يكن من المصادفة أن خامنئي وروحاني ومحمد خاتمي رئيس جمهورية النظام السابق، أي ممثلين عن جميع أجنحة النظام، أعلنوا أن مجاهدي خلق يتولّون قيادة هذه الانتفاضة.

واعترف خامنئي الولي الفقيه للنظام بذلك في خطابه العام يوم 9 يناير. وقال إن التحضيرات السابقة للمظاهرات والتنظيم كان من قبل مجاهدي خلق. كما أكدت قوات الحرس أن مجاهدي خلق كانت على رأس ما سمته أعمال الشغب في إيران. وكرّر روحاني هذا الكلام في اتصاله الهاتفي مع الرئيس الفرنسي.

في الواقع الانتفاضات ظهرت هذه المرة في شكل جديد، من جهة توسّعت في عموم مناطق إيران، ومن جهة أخرى كان لمعاقل المقاومة ومراكز العصيان التابعة لمجاهدي خلق دور كبير فيها.

وأخيرا، فإن الفارق الثالث هو الظروف الدولية المتغيرة، وعلى وجه الخصوص توقف سياسة المهادنة للإدارة الأمريكية. تلك السياسة التي كانت دائما الركيزة التي يعتمد عليها نظام ولاية الفقيه ولا توجد هذه المرة.

وفي هذه الانتفاضة ألقت قوات الحرس القبض على أكثر من 8 آلاف شخص، وقتل عشرات الشبان الإيرانيين، وقد استشهد 11 شاباً ومراهقا تحت تعذيب جلادي خامنئي. ومع ذلك تستمر حركة الاحتجاج في جميع أنحاء إيران والانتفاضات لا تزال تأخذ سيرها في الطريق.

•وما الذي تغير بعد الانتفاضة الأخيرة للإيرانيين؟

•تصدع جدار الخوف، يجري عزم قوي على مواصلة الانتفاضات في شرايين المجتمع الإيراني، وقد ثبت للشباب أنه من الممكن إقامة انتفاضة في ظل هذه الظروف. وقد ثبتت صوابية إستراتيجية إنشاء معاقل العصيان في جميع المدن الإيرانية التي كانت تسعى إليها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في إيران منذ مدة. من ناحية أخرى احترقت ورقة الإصلاحيين المزعومين ـــ بما في ذلك الرئيس الحالي للنظام وسلفه خاتمي وشركاؤهم ــ لأنهم طالبوا بقمع المنتفضين، كما أن المنتفضين هتفوا في الشوارع أن لعبة الإصلاحيين والأصوليين انتهت.

وكما قال قائد المقاومة مسعود رجوي في رسالة تزامنا مع هذه الانتفاضات: «نقول لخليفة الملالي كفى 30 عاما من سلطة ولاية الفقيه والسلطنة المطلقة، بفضل الانتفاع من الحروب في الكويت وأفغانستان والعراق واستثمار سياسة المهادنة واستغلال تنظيم القاعدة وداعش، حان الوقت لكي تقوم من عرشك وإلا سيرفعك الشعب من عرش ولاية الفقيه ويسقطك على الأرض».

•ألا تعتقدين أن التاريخ يعيد نفسه في إيران أمام تسلط الديكتاتورية؟

•بل لا أعتقد أن أمتنا محكوم عليها إلى الأبد أن تعيش تحت نير حكم ديكتاتوري. مشيئة الله وإرادة الشعب والشبان الأشاوس في إيران ستنهي استبداد ولاية الفقيه.

•هل للشعب صوت وخيار أمام الصندوق؟

•ولاية الفقيه كما أكدت المادة 57 من دستورها هي سلطة مطلقة ولم تترك مجالا للانتخاب الحر والاقتراع للشعب الإيراني.

ما يجري كل عام باسم انتخابات الملالي هو مسرحية مفضوحة، المرشحون ترشحهم وزارة المخابرات والقوات القمعية، بعد انتقائهم من بين أولئك الذين يعتقدون بالنظام كامل الاعتقاد والوفاء به. مرة أخرى يعيد مجلس صيانة الدستور انتقاء هؤلاء ليتم ترشيح من بين المرشحين الموالين للولي الفقيه مَن هو أكثر تقربا من المرشد الأعلى، وفي نهاية المطاف تجري انتخابات يتنافس فيها المسؤولون السابقون والحاليون في مؤسسات القمع وتفتيش الآراء والتجسس، ثم تعلن وزارة الداخلية ومجلس صيانة الدستور في تواطؤ معا عن عدد المشاركين بأضعاف مضاعفة. ومع ذلك فإن المجلس الذي تم تشكيله مع هؤلاء الأفراد يمكن أن يصدر فقط القوانين التي يؤيدها مجلس صيانة الدستور المعين من قبل الولي الفقيه. إن ما يسمى بالانتخابات داخل النظام هدفها تزيين الوجه الخارجي للنظام الاستبدادي الظلامي لولاية الفقيه.

•القوة التي تحركت بالداخل الإيراني وصفها البعض بـ «تمرد الجياع» ووصفها آخرون بأنها ثورة ضد الديكتاتورية، ولكن حكم الملالي علق الشماعة على الأيادي الخارجية، كيف تفسرين ذلك؟

•المشاركون في الانتفاضة هم أناس وأعوان ومن الفئة المثقفة والقوى التحررية ولكنهم محرومون. إن انتفاضتهم ليست انتفاضة الجياع، وإنما هي خطوة منظّمة لأسقاط النظام وإرساء الحرية، وحركتهم ذات طابع سياسي قوي واعية جدا، وهادفة ومركزّة على النظام، وضد مظاهر القمع والخداع الديني، والمؤسسات النهابة. إنهم ألقوا الإصلاحيين المزيفين إلى المزبلة، وصرخوا ضد الملالي السلطويين المستغلين اسم الإسلام وهاجموا ما لا يقل عن 60 مكتبا لأئمة الجمعة، وأدانوا حرب نظام ولاية الفقيه في سورية وتدخلاته في لبنان وفلسطين، وأبرز المجتمع الإيراني بانتفاضته وبإصرار مؤكد أنه لا مكان بعد الآن للولي الفقيه في إيران.

•هل دعم الغرب الشعب الإيراني في انتفاضته المطالبة بإسقاط النظام؟

•أعلنت الإدارة الأمريكية ورئيسها مرارا في مواقفه عن دعمه لاحتجاجات الشعب الإيراني ضد النظام. كما أن الحكومات الألمانية والفرنسية والبريطانية انتقدت انتهاك حقوق الإنسان للمتظاهرين. كنا نتوقع عندما قطع الملالي شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أن يتم تقديم الخدمة للشعب الإيراني، وهو أمر لم يحدث.

وفي الوقت نفسه كان ينبغي أن تشترط الحكومات الأوروبية علاقاتها مع النظام بوقف عمليات التعذيب والقتل التي كان النظام يمارسها بحق الشباب الإيرانيين المشاركين في الاحتجاجات في الشوارع.

إن الحكومات التي تحاول مد جسورها مع الاستبداد الحاكم في إيران لم تدرك بعد أن هذا النظام قد دخل مرحلته النهائية وأنه لا رجعة له.

وبعد الإعلان عن السياسة الأمريكية الجديدة حيال نظام الملالي في 13 أكتوبر الماضي رحبت بهذه السياسة الجديدة، وأعلنت أن جميع المؤشرات تفيد بأن نظام الملالي قد وصل إلى مرحلته الأخيرة. وأكدت أن خلال 3 عقود ماضية كانت سياسة المداهنة والمسايرة كمانع رئيسي ضد التغيير في إيران، والآن حان الوقت أن يقف المجتمع

الدولي بجانب الشعب الإيراني وبجانب مطلبه الحق لتغيير النظام، وأن السياسة الأمريكية الجديدة يجب أن تترجم على أرض الواقع من خلال سلسلة من إجراءات عملية.

تدخل نظام الملالي في دول الجوار

•لماذا يُكن النظام الإيراني العداء للمملكة العربية السعودية؟

•إن تاريخ نظام ولاية الفقيه يشهد على أن هذا النظام لا يمكن أن يكون في سلام ومصالحة مع جيرانه وبلدان المنطقة. إذا نظرنا إلى الوضع في سورية، فإن الملالي يريدون جرّ نفس الكارثة إلى المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى في المنطقة. هم ينقذون أنفسهم بتدمير الآخرين. كلمة «العداء» لا يمكن أن تفسّر نهج الملالي حيال المملكة العربية وبقية جيرانهم. إنهم يفكرون فقط في التدمير. وصرّح خميني في 9 سبتمبر 1987 في خطابه: «إذا تخلينا عن قضية القدس فلن نتخلى عن قضية الحجاز»، إن نظامه جعل مواجهة المملكة العربية السعودية نصب أعينه دائما. ولا يوقف الملالي هذا العداء المقيت لجيرانهم طالما هم قائمون في السلطة.

ولهذا السبب نقول إن المقاومة والانتفاضة في إيران بهدف إسقاط النظام ليس فقط لتحرير إيران وإنما أيضا من أجل السلام في المنطقة والعالم أجمع.

•الملك سلمان شدد في مؤتمر الرياض على ضرورة أن لا يؤخذ الشعب الإيراني بجرائم نظامه، وعلى المجتمع الدولي تشكيل تحالف إقليمي دولي ضد تدخلات إيران في المنطقة. هل ترين أن مطلب المملكة بضرورة الاصطفاف على المستويين الدولي والإقليمي ضد نظام الملالي جاء في وقته؟

•عند ما عقد مؤتمر قمة الدول العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض رحّبت بمواقف هذه القمة وتنديدها بممارسات النظام الإيراني ضد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، خاصة بشأن ضرورة التصدي لنظام الملالي في الإرهاب والتطرف وبرامجه الصاروخية الباليستية وتدخلاته في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتصرفاته الهدّامة في المنطقة والعالم.

تصريح الملك سلمان بن عبدالعزيز حين قال إن النظام الإيراني يشكل رأس حربة للإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم، فهو في الحقيقة أعطى خلاصة تاريخ نظام ولاية الفقيه.

مبادرة المملكة العربية السعودية في إقامة ذلك المؤتمر كانت خطوة كبيرة وجبارة للاصطفاف الذي أشرتم إليه، لكن وكما أكدت آنذاك نأمل متابعة هذه المبادرة بخطوات عملية من قبل جميع الدول العربية والإسلامية. الخطوات المحددة كقطع العلاقات مع نظام الملالي، وطرده من الهيئات الدولية، وإدراج قوات الحرس والقوات العسكرية والأمنية والميليشيات التابعة لهذا النظام في قوائم الإرهاب وطردها من المنطقة..

كذلك من الضروري إحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب المجازر بحق السجناء السياسيين من قبل مجلس الأمن الدولي إلى المحاكم الدولية، وكذلك الاعتقالات الواسعة التي طالت المشاركين في انتفاضة يناير عام 2018 وقتلهم في الشوارع وتحت التعذيب.

•نفس هذا النظام الذي أقنع الإيرانيين بالحكم الديني، منع 70 ألف حاج من أداء فريضة الحج؛ للضغط على المملكة العربية السعودية من أجل التراجع عن ملفي اليمن وسورية؟

• بالنسبة لنظام ولاية الفقيه لا يهمه أصول أو فروع الدين والمذهب. كنت قد أشرت في بداية الحوار لرسالة خميني إلى خامنئي في عام 1987 حين كتب «أن الحكم هو المبدأ الأول والأولوية الأولى»، وهذا هو شعار النظام حاليا، إن هذا النظام يستبيح أي جريمة لحفظ سلطة الملالي المخزية. ولا يأتي قولنا من فراغ عند ما نقول إن هذا النظام هو العدو الأول للإسلام وللقرآن وللرسول الأعظم. وكما تعلمون على مدى

40 عاما وضع نظام ولاية الفقيه مرارا فريضة الحج ألعوبته لسياساته المناقضة لمبادئ الدين الإسلامي.

•قال خامنئي: إذا لم نقاتل اليوم في دمشق، علينا أن نقاتل غدا في طهران، ما رأيك في العلاقة بين ما يحدث في سورية وداخل إيران؟

•المقاومة الإيرانية تؤكد منذ سنوات عدة أن نظام ولاية الفقيه، ومن أجل الحفاظ على سلطته الهشة في إيران، يعتمد تصدير الحروب والإرهاب باسم تصدير الثورة، وسلطت الانتفاضات الأخيرة الضوء بشكل كامل على هذه الحقيقة. وهناك علاقة مباشرة بين حالة النظام المتأزمة المحاطة بالاستياء المتفجرة لدى الشعب، وبين إصرار هذا النظام على إثارة الحروب في الشرق الأوسط. ويفرض النظام سلطته بثلاثة عناصر: القمع داخل البلاد، والبرنامج النووي، وإشعال الحروب وزعزعة الاستقرار في بلدان الشرق الأوسط. وهذا هو السبب وراء معاناة سكان البلاد من الجوع والفقر، وتخصيص أكثر من 25 مليار دولار من الميزانية السنوية للبلاد للإنفاق العسكري والأمني، كما يخصصون ما يعادل هذا المبلغ على الأقل من الأموال التي يسيطر عليها خامنئي وقوات الحرس لهذا الغرض أيضا.

•إيران تتقرب إلى بعض دول الخليج وتركيا على أساس أنها «حامي العرين» وفي الحقيقة أنها تثير النعرات بين دول الخليج، هل يؤتمن لنظام طهران؟

•سياسة النظام الإيراني في المنطقة ليست سوى التدخل المخرّب وإشعال الحروب، ولذلك تنقسم بلدان المنطقة إلى صنفين. واستهدف الملالي بعض هذه الدول مباشرة، وجعلوا البعض الآخر وسيلة لاستغلالها لغرض تطبيق السياسات نفسها. نظام الملالي لا يفي بأحد وبأي مؤتلف معه. شاهدتم ما فعله برئيس جمهورية اليمن السابق الذي استدرك خطأه وأراد إنقاذ بلده من الخراب. بالتأكيد بعض الدول كانت تربطها أفضل العلاقات مع هذا النظام في العالم خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، لكنه عندما وجد فرصة توجّه نحو تصدير التطرف والإرهاب إلى هذه البلدان لم تتوان واضطرّت بعض الدول حينها إلى قطع علاقاتها مع هذا النظام. بعد فترة سوف يطعن بتلك الدول التي اقتربها في الوقت الحالي وستصبح لقمة صائغة له.

الاتفاق النووي

•أوباما أبرم اتفاقا سريا مع روحاني من أجل التوقيع على الاتفاق النووي، لماذا في رأيكم هادن أوباما روحاني وهل كانت هناك أخطاء مرتكبة من إدارة أوباما استغلها روحاني؟

•أبرم أوباما الاتفاق النووي في الأساس مع خامنئي، ولكن من أجل التغطية على قبح الدخول في الاتفاق مع راعي أهم حكومة داعمة للإرهاب، أطلق حملة إعلامية وعرض روحاني في الرأي العام داخل الولايات المتحدة كرجل معتدل، وتظاهر بعد ذلك القيام بالصفقة مع هذا الرجل.

لا شك أن روحاني ووزير خارجيته كانا في واجهة المفاوضات، لكن المفاوضات والاتفاق وتفاصيلهما كانت تحت رعاية وموافقة الولي الفقيه.

في الاتفاق النووي أعطت إدارة الولايات المتحدة امتيازات كبيرة لنظام الملالي. وكانت النقطة الأكثر أهمية هي الصمت على مجزرة أعضاء مجاهدي خلق في مدينة أشرف بالعراق على بعد 70 كيلومترا من الحدود الإيرانية، التي وقعت في الأول من سبتمبر 2013.

وعلى الرغم من كل هذه التنازلات، فإن الحسابات الغربية في أن وضع النظام يتحسن بعد الاتفاق النووي، والمناخ الإيراني سيصبح مستعدا للصفقة والتجارة، أعطت نتائج خاطئة. لأن النظام وبعد الاتفاق النووي صعد من أعمال القمع الداخلي ونشر الحروب في الشرق الأوسط، واستفحلت الأزمات الداخلية حتى أنها أدت إلى انتفاضة يناير 2018.

•ما سبب قبول النظام بالعودة إلى المفاوضات حول النووي؟

•أعتقد أنكم تقصدون المفاوضات بشأن مشروع الصواريخ للنظام الذي أثير منذ فترة طويلة، وتدعو إليها أوروبا ولا سيما فرنسا، لكن النظام يعتبر ذلك خطا أحمر.

•هل أرادت الدول الغربية من خلال ذلك الاتفاق تحييد الخطر الأساسي المرتبط بالبرنامج النووي دون غيره من المشاكل؟ الاتفاق لم يراع سوى الجانب النووي؟

•نعم بالضبط، وهذا هو أكبر نقص في الاتفاق النووي. مغزى الاتفاق الذي حصل في يوليو من العام 2015 هو أن النظام رضخ لوقف نشاطه من أجل صناعة القنبلة النووية لفترة من الوقت، وحيث إن المشروع النووي كان من ركائز قوة ولاية الفقيه، فكان هذا الرضوخ خطوة من التراجع من قبل النظام، لكن الاتفاق سمح للنظام بمواصلة تخصيب اليورانيوم لم يضع منعاً لمشروعه الصاروخي. والأهم من ذلك عملياً فسحوا المجال للنظام من أجل تصعيد القمع في الداخل وتوسيع رقعة الحروب ضد شعوب المنطقه خاصة في سورية، وهذه نقاط ضعف هذا الاتفاق.

•ألم يمنح الاتفاق النووي قوة للنظام الإيراني؟

•لا، هذا ليس هو الحال. كانت تتصور الحكومات الغربية أن الاتفاق النووي سيجعل النظام مستقرا ويجعل الوضع في إيران معتدلا. بعد الاتفاق تضاعفت عائدات النفط، كما تم الإفراج عن ما لا يقل عن 100 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة. ولكن على مدى العامين الماضيين ساد الركود الاقتصادي في البلاد، ارتفع حجم ديون الحكومة إلى أكثر من 200 مليار دولار، وقد أفلس ما لا يقل عن نصف المصارف، فضلا عن 18 صندوقا للمعاشات التقاعدية من أصل 20 صندوقا، وانتشرت البطالة والفقر لدرجة أنها خلقت احتجاجات واسعة في البلاد.

•منح الغرب للنظام الإيراني مليارا و700 مليون دولار نقدا دون أي نوع من الرقابة؟ ألا يعتبر هذا نوع من المقايضة في اتجاه واحد؟

•فعلا، أعطي هذا المبلغ للنظام بقرار من الرئيس السابق للولايات المتحدة وأفرج النظام في المقابل عن عدد من السجناء الأمريكيين. واعتبرت الإدارة الأمريكية ذلك الاتفاق إنجازا لنفسها. ولكن في الواقع كان تشجيعا للنظام على أخذ المزيد من الرهائن وممارسة الإرهاب.

وقد أظهرت أحداث السنوات الأخيرة أنه كلما يتلقى الملالي مزيدا من الأموال زاد من قمع المجتمع الإيراني وإشعال الحروب في المنطقة.