محطة أخيرة

«التقنية» تعلن رحيل «الملف الأخضر».. وتدفن «جثمانه» في مقبرة «الطيبين»

نجلاء رشاد (جدة) NajlaaRshad@

بـ «سلاح» التقنية.. استطاعت غالبية الأجهزة الحكومية أن تعلن وفاة «الملف الأخضر» من دوائرها، و«دفنه» في مقبرة «الطيبين»، بعد أن رافق الملايين تعليمياً وصحياً ووظيفياً.

«الملف الأخضر» أو «العلاقي» كما يسميه البعض، ذو «الحديدتين» البارزتين والممتلئ بالأوراق الرسمية كان الملجأ الأول لكل طالب علم وباحث عن عمل، فلم تفته فرصة الدخول إلى الدوائر الحكومية والمنشآت التعليمية، كما شارك هموم المحتاجين والمتظلمين، فطال أروقة المحاكم وقصور الأمراء، حاملاً آهاتهم وبؤس حالهم وكأنه حمّال الأسية.

ولم يستطع «الملف الأخضر» التغلب على «التقنية» رغم طول فترة احتضاره، بعد توجه غالبية الدوائر إلى «الحكومة الإلكترونية» واعتمادها على مواقعها عبر الشبكة العنكبوتية في التقديم على عمل وظيفي أو التسجيل في منشأة تعليمية أو رفع دعاوى قضائية.

ورغم أن «التقنية» اختصرت المسافات، وأصبحت لغة التواصل بين الطرفين سهلة، إلا أن «الثقة» ظلت «مهزوزة» عند البعض، خصوصاً في جانب التقديم على الأعمال الوظيفية، ليكون الحضور في مقر الدائرة الحكومية أو الجهة المطلوبة أمراً حتمياً لقطع خيوط «الشك» بـ«اليقين».

ويرى بروفيسور علم الاجتماع الدكتور يوسف الرميح ضرورة التعامل مع «الملف الأخضر» في بعض الحالات الاستثنائية؛ إذ إن الحاجة إلى المعاملات الورقية لا تزال قائمة، نظراً إلى عدم تمكن بعض فئات المجتمع في الانخراط بالتسجيل الإلكتروني.

وقال الرميح خلال حديثه لـ «عكاظ»: «إن الجهات الحكومية اعتمدت على التقنية في التسجيل والتقديم على الوظائف والمجالات التعليمية دون تأهيل أو تجهيز أفراد المجتمع على كيفية التعامل مع المواقع الإلكترونية، متجاهلة وجود فئات في المجتمع تجهل التعامل التقني؛ إذ إن 25% من أفراد المجتمع السعودي لا يتعاملون مع المواقع الإلكترونية، والمتمثلة في كبار السن وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة»، مشدداً على ضرورة فرض تعلم مبادئ التعامل مع آلية استخدام المواقع الإلكترونية من المرحلة الابتدائية.

وبعد وفاته.. يسكن «الملف الأخضر» «خانة الذكريات» ليكون جزءاً من الماضي، ورمزاً لـ«رحلة الشقاء»، ويتغيب عن الساحة اللغوية، ويكتفي بوجوده على أرفف المكتبات كـ«صورة تذكارية»، تنعكس في «ملامح تعبيرية» على وجوه ناظريه.