ثقافة وفن

روحُ النبات

حيدر العبدالله *

حيدر العبدالله

تعودُ من الحقلِ مَشْياً إليْكَ

وأنتَ تشُمُّ عميقاً يديْكَ

فينشُبُ في الرئتينِ غُبارُ اللِقاحِ

ويسبِقُكَ الخِصْبُ للبيتِ

يعرقُ قلبُكَ كالعُرسِ

تُعْجَنُ في بِئْرِهِ الأرضُ بالشمسِ

تُنْفَخُ روحُ النباتْ!

تعودُ وأنتَ كشَوْكِ الفسيلِ أصابعُ كفَّيكَ

لا الضوءُ يشْخَبُ منها

ولا الماءُ ينْدى

تشُمُّهُما

فإذا بالأصابعِ خُوصٌ طريٌّ يُحَاكُ بهِ الظلُّ

يَسعى على شَعْرِ ساقيكَ حبلٌ من الليفِ

يُوشكُ أن يُوثِقَ الطينَ بالروحِ

والوقتُ يجري خِلالَكَ

أصْبَحْتَ أنتَ القناةْ!

وقدْ كُنتَ تمشي إلى البيتِ

ثمَّ حبوْتَ إلى البيتِ

والآنَ

تنمُو إلى البيتِ!

لنْ تبلغَ البابَ يا شجَريُّ سوى بالنموِّ الحثيثِ!

فرِجْلاكَ نابِتَتانِ

وعيناكَ ناضجتانِ

ورأسُكَ كالعِذْقِ

تُومِئُ

تطْرُقُ نافذةَ الدارِ بالتمْرِ

تفتحُ أمُّكَ

تقطِفُ عينيكَ

يصحُو أبوكَ

ويفرُكُ إحْدَيْهما بالقميصِ

وأنتَ على بُعْدِ حقْلٍ

تشُمُّ غُبارَ اللِّقاحِ

بأنْفِ الحياةْ!

* شاعر سعودي