كتاب ومقالات

ماذا تعرف عن الاسم التركي لـ«احتلال قطر»؟

هاني الظاهري

من استمع إلى الكلمة المرتبكة التي ألقاها أمير قطر تميم بن حمد أمس الأول في مؤتمر ميونخ للأمن يمكنه أن يتأكد أن قرار الدوحة السياسي والعسكري لم يعد بيدها حتى وإن تشدقت بكلمة «السيادة» في المحافل الدولية بين فينة وأخرى، أو زعم أميرها أنها طرف مستقل في مواجهة سياسية بين قوى المنطقة.

يؤسفني شخصياً أنه لم يعد يمكن الحديث عن قطر اليوم كدولة عربية خليجية مستقلة، فالشعب القطري في نهاية المطاف يبقى شعباً شقيقاً للخليجيين وليس له يد في المصير الذي قادته له حكومته المتخبطة عبر تقديم البلاد والعباد على طبق من ذهب للمحتل الأجنبي.

قد يزعم البعض بأن القوات التركية والإيرانية التي تعربد على التراب القطري قوات «حماية» صديقة وليست قوات احتلال، وهؤلاء تحديداً لا يعرفون ما هو الاحتلال، وما هي أسماؤه المستعارة، ويكفي أن نذكرهم بأن الأقطار العربية التي كانت تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي والتركي في القرن الماضي لم تكن تُسمى رسمياً «دولاً تحت الاحتلال» بل كان يُعلن أنها «دول تحت الحماية»، فيُقال الدولة العربية الفلانية تحت الحماية البريطانية، والدولة العربية الأخرى تحت الحماية الفرنسية، تماماً كما أن قطر اليوم دولة تحت الحماية التركية - الإيرانية المزدوجة وهو في الأعراف السياسية احتلال صريح.

أيضا يمكننا أن نُذكّر إخوتنا القطريين الذين لم يفيقوا حتى الآن بأن معسكرات القوات العثمانية التي كانت تحتل بعض الأراضي العربية قديماً لم تكن تُسمى «معسكرات» بل «حاميات» فيُقال «الحامية التركية في البلد الفلاني»، وهذا تماماً ما ينطبق على وجود قوات تركيا في قطر اليوم ولهم أن يتأملوا ذلك ويعودوا لقراءة التاريخ ليفهموا ما هم فيه.

الحقيقة التي حاول تميم بن حمد تغطيتها خلال إلقاء كلمته في ميونخ هي أن الشعب القطري بات بشكل غير معلن ضحية لنظام خائن سلم أراضي الدولة ومقدراتها وقرارها السياسي لدول احتلال أجنبية حفاظاً على امتيازات شخصية بعد عقدين كاملين من السياسات الصبيانية ودعم الإرهاب والفوضى في العالم العربي.

خبراء السياسة والتاريخ يعرفون جيداً أن دخول المحتل ليس مثل خروجه، فهو كثيراً ما يدخل إلى الدول بدعوة من أطراف فيها قد تكون حكوماتها، لكنه لا يخرج إلا بالدم والنار، وتنظيم الحمدين يدرك ذلك جيداً ولا يمكنه بأي حال من الأحوال اليوم توجيه طلب إلى الأتراك والإيرانيين بالخروج من قطر، وإن فعل ذلك فسينتهي الأمر بقوات أنقرة وطهران إلى إزالته من السلطة خلال ساعة واحدة وتعيين حكومة (تركية - إيرانية) تحت مسمى «بشت» قطري جديد مستعد لخيانة أرضه وشعبها، فالخونة موجودون في كل مكان وجاهزون دائماً للقيام بأدوارهم القذرة، ولذلك نقول بكل وضوح: عن أي سيادة يتحدث واجهة الاحتلال الشيخ «تميم»؟!