مشكلتي مع الكرسي المتحرك
الجمعة / 07 / جمادى الآخرة / 1439 هـ الجمعة 23 فبراير 2018 02:58
عبدالله الغامدي
«الخبر السار هو أنك ستحصل على كرسي متحرك يناسبك، الخبر السيئ هو أنك لن تستطيع تجريب ذلك الكرسي قبل ثلاثة شهور.. على الأقل.»، هكذا رحب بي الطبيب عندما قابلته، لكي استلم الكرسي جاهزاً، ابتسمت وقلت لنفسي إنني متعود على الأخبار السيئة.
الطبيب كان غريباً بعض الشيء؛ كأنه يلعب دور العبقري المتخبط في كوميديا هزلية، كانت لديه عادة الشتم تحت أنفاسه، بلغته الإنجليزية، ومن ثم الاعتذار عن هذه العادة، كان منزعجاً من التحديث المفاجئ لجهازه الآيباد وعبر عن انزعاجه باستمرار، عندما ذكرت له أنني أعاني من تقرح في أسفل الظهر بسبب الجلوس غير الملائم، استدار بحماس، وطلب مني أن أشير بإصعبي إلى مكان التقرح بالضبط، ضحكت بشيء من الإحراج وحاولت أن أشير، كما طلب مني بدقة. لكن الأغرب من عاداته ومراوغاته، هو أنه أنصت إلى كلامي وأخذ ملاحظاتي بعين الاعتبار، عندما يتعلق الأمر بكراسٍ متحركة، لقد اضطررت إلى قبول ما هو متوفر حتى وإن لم يتوافق إطلاقاً مع حالتي الصحية، وحتى إذا لم يكن مريحاً على الإطلاق. من هنا يأتي التعود على الأخبار السيئة.
قبل نحو سنتين، ذهبت إلى شركة توزع الأدوات الصحية، من ضمنها كراسٍ للمقعدين، اقترح والدي مراجعتهم لمحاولة تعديل كرسي جاء عن طريقهم. لم أجلس على الكرسي سوى مرة أو مرتين رغم أنه كرسي جديد وثمين وأراد والدي إصلاح المشكلة، قابلنا مسؤولا في الشركة وفي الحقيقة، لا أذكر صفته أو اختصاصه ربما لإنه لم يأتِ بفائدة. بعد العديد من المكالمات لتحديد موعد، وبعد الانتطار لنحو نصف الساعة في غرفة الاستقبال، وبعد حشري في كراسٍ أخرى أصغر بكثير من حجم جسدي، نظر إليّ المسؤول وسألني عن مشكلتي مع الكرسي الجديد والثمين. كان الإحباط واضحاً في نبرة صوته.
شرحت له أن الكرسي يؤلمني بسبب الحشوة الموجودة بين الرجلين. فرح عندها بإجابتي، ربما لأنه اعتقد أن الحل بسيط، وبشرني أنه يستطيع إزالة الحشوة. قلت له إنني أزلتها بنفسي في السابق ولكن واجهتني مشكلة أخرى وهي مشكلة فقدان التوازن والانزلاق. سكت المسؤول قليلاً ثم قدم لي نصيحة تمثل حلاً - بالنسبة له - طلب مني أن أتحمل الألم. عندها فقدت أعصابي ورفعت صوتي بسؤال له: «لو كنت مكاني، لو كنت تجلس بالساعات، وتعلم أن ليس لديك خيار آخر غير الجلوس، هل تتحمل الألم ولو لساعة؟»
«لا، طبعاً لا!» رد المسؤول على الفور «.. لكن هذا هو المتوفر».
هي عبارة سمعتها ضمناً وصراحةً من هذا الشخص وغيره وسواءً تعلق الأمر بكراسٍ أو سيارات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، أو حتى موضوع عدم توفر العلاج الطبيعي المتخصص بأسعار مناسبة، لا يزال التعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم كلهم متجانسون بالتمام؛ لديهم نفس الإعاقات ونفس الاحتياجات، ولم نرتقِ حتى الآن لمرحلة الفهم والإدراك إلى حقيقة أنهم مختلفون، وأن احتياجات كل فرد منهم تختلف عن الآخر باختلاف نوع إعاقتهم.
«هذا المتوفر»، ما في داعي يكملوا الباقي «إذا ما عجبك، طق رأسك في الجدار».
alghamdisabdullah@gmail.com
الطبيب كان غريباً بعض الشيء؛ كأنه يلعب دور العبقري المتخبط في كوميديا هزلية، كانت لديه عادة الشتم تحت أنفاسه، بلغته الإنجليزية، ومن ثم الاعتذار عن هذه العادة، كان منزعجاً من التحديث المفاجئ لجهازه الآيباد وعبر عن انزعاجه باستمرار، عندما ذكرت له أنني أعاني من تقرح في أسفل الظهر بسبب الجلوس غير الملائم، استدار بحماس، وطلب مني أن أشير بإصعبي إلى مكان التقرح بالضبط، ضحكت بشيء من الإحراج وحاولت أن أشير، كما طلب مني بدقة. لكن الأغرب من عاداته ومراوغاته، هو أنه أنصت إلى كلامي وأخذ ملاحظاتي بعين الاعتبار، عندما يتعلق الأمر بكراسٍ متحركة، لقد اضطررت إلى قبول ما هو متوفر حتى وإن لم يتوافق إطلاقاً مع حالتي الصحية، وحتى إذا لم يكن مريحاً على الإطلاق. من هنا يأتي التعود على الأخبار السيئة.
قبل نحو سنتين، ذهبت إلى شركة توزع الأدوات الصحية، من ضمنها كراسٍ للمقعدين، اقترح والدي مراجعتهم لمحاولة تعديل كرسي جاء عن طريقهم. لم أجلس على الكرسي سوى مرة أو مرتين رغم أنه كرسي جديد وثمين وأراد والدي إصلاح المشكلة، قابلنا مسؤولا في الشركة وفي الحقيقة، لا أذكر صفته أو اختصاصه ربما لإنه لم يأتِ بفائدة. بعد العديد من المكالمات لتحديد موعد، وبعد الانتطار لنحو نصف الساعة في غرفة الاستقبال، وبعد حشري في كراسٍ أخرى أصغر بكثير من حجم جسدي، نظر إليّ المسؤول وسألني عن مشكلتي مع الكرسي الجديد والثمين. كان الإحباط واضحاً في نبرة صوته.
شرحت له أن الكرسي يؤلمني بسبب الحشوة الموجودة بين الرجلين. فرح عندها بإجابتي، ربما لأنه اعتقد أن الحل بسيط، وبشرني أنه يستطيع إزالة الحشوة. قلت له إنني أزلتها بنفسي في السابق ولكن واجهتني مشكلة أخرى وهي مشكلة فقدان التوازن والانزلاق. سكت المسؤول قليلاً ثم قدم لي نصيحة تمثل حلاً - بالنسبة له - طلب مني أن أتحمل الألم. عندها فقدت أعصابي ورفعت صوتي بسؤال له: «لو كنت مكاني، لو كنت تجلس بالساعات، وتعلم أن ليس لديك خيار آخر غير الجلوس، هل تتحمل الألم ولو لساعة؟»
«لا، طبعاً لا!» رد المسؤول على الفور «.. لكن هذا هو المتوفر».
هي عبارة سمعتها ضمناً وصراحةً من هذا الشخص وغيره وسواءً تعلق الأمر بكراسٍ أو سيارات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، أو حتى موضوع عدم توفر العلاج الطبيعي المتخصص بأسعار مناسبة، لا يزال التعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم كلهم متجانسون بالتمام؛ لديهم نفس الإعاقات ونفس الاحتياجات، ولم نرتقِ حتى الآن لمرحلة الفهم والإدراك إلى حقيقة أنهم مختلفون، وأن احتياجات كل فرد منهم تختلف عن الآخر باختلاف نوع إعاقتهم.
«هذا المتوفر»، ما في داعي يكملوا الباقي «إذا ما عجبك، طق رأسك في الجدار».
alghamdisabdullah@gmail.com