إيران.. ما بين استفتاء الإصلاح والإسقاط
الجمعة / 14 / جمادى الآخرة / 1439 هـ الجمعة 02 مارس 2018 01:25
حسن راضي
عادة تلجأ الدول أو الأنظمة إلى استفتاء الشعب على القضايا المصيرية التي تعجز المبادرات والمحاولات أو حتى الحروب عن إيجاد حلول لها أو فرضها بالقوة. ومن أهم شروط الاستفتاء أن يكون حرا نزيها تشرف عليه أطراف محايدة، وتؤخذ كل مطالب الأطراف المعنية أو معظمها بعين الاعتبار.
بعد عقود من المماطلة ونكران الواقع، اعترف النظام الإيراني بعدة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد، ولأول مرة أتفق مع معارضته الفارسية في الخارج بأن تلك الأزمات تجاوزت مرحلة الحلول.
وعشية ذكرى انتصار ثورة ١٩٧٩ في إيران اعترف خامنئي بفشل النظام في مواجهة الفساد وتطبيق العدالة في البلاد، قائلا: «تأخرنا في مواجهة الفساد وأصبح تطبيق العدالة والمساواة بين شرائح المجتمع الإيراني أمرا صعبا للغاية». ويعتبر هذا اعترافا ضمنيا من أعلى مسؤول في إيران بالاضطهاد والتمييز العنصري تجاه الشعوب غير الفارسية التي ترزح تحت الحكم الفارسي منذ أكثر من 9 عقود.
وأكد القيادي في الحرس الثوري أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام «محسن رضائي» أن المظاهرات الأخيرة أنهت لعبة الإصلاحيين والمحافظين في البلاد. وأضاف «إذا ما زلنا نعتقد بأننا قادرون على إدارة النظام من خلال تياري الإصلاحي والمحافظ، فهذا يعني إما نحن غافلون عما يجري في البلاد أو ليس لدينا مسؤولية تجاه الأزمات».
وحذر الرئيس حسن روحاني المرشد الإيراني بأنه سيواجه مصير شاه إيران السابق إذا لم يسمع مطالب المتظاهرين. ومن أجل العبور من تداعيات تلك الأزمات الخطيرة، طالب روحاني بتنظيم استفتاء من خلال الرجوع إلى الشعب.
وقال الرئيس الإيراني بمناسبة الذكرى ٣٩ للثورة الإيرانية «علينا تنظيم استفتاء استنادا إلى المادة الثالثة والخمسين من الدستور الإيراني في حال استعصاء الحلول على المسؤولين الإيرانيين». وأوضح أن الاستفتاء سيخرج البلاد من الوضع المزري ويعطي المشروعية والحق لمن يراه الشعب قادرا على الحكم. ويعني الرئيس الإيراني إعطاء التفويض للشعب في اختيار أحد تيارات النظام الأصولي أو المعتدل أو الإصلاحي لإدارة البلاد.
وتأتي مطالبة حسن روحاني في ظل تصاعد الأزمات واحتدام الصراع ما بين تيارات النظام وهيمنة الحرس الثوري على مقدرات البلاد، وتقويض صلاحيات الرئيس مما جعله موظفا في إحدى المؤسسات والدوائر التي يديرها المرشد.
وأصدر طيف واسع من المعارضة الفارسية، بمن فيهم نخب مثقفة يوجدون خارج البلاد وداخله، بيانا بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين من عمر الثورة الإيرانية، وطالبوا بضرورة تنظيم استفتاء تحت رعاية الأمم المتحدة لانتخاب نظام برلماني مدني قائم على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقضاء على جميع أشكال التمييز المؤسسي (البنيوي) تجاه المرأة والأديان والقوميات في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وأكد البيان أن السنوات الماضية أثبتت أن النظام الإيراني غير قابل للإصلاح. ومن أجل خروج البلاد من أزماته المزمنة لا بد من تنظيم استفتاء تقرير مصير يساهم في معالجة الأوضاع الداخلية المستعصية على الحل.
وأكدت منظمات الشعوب غير الفارسية بمناسبة مرور ما يقارب أربعة عقود من هيمنة النظام الحالي على مقدرات شعوبهم وحرمانهم من ممارسة حقوقهم القومية على حقها في تقرير مصيرها استنادا إلى المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبما أن النظام الإيراني والمعارضة الفارسية اتفقا على وجود أزمات بنيوية عصية على الحل، وعلى ضرورة الذهاب إلى استفتاء للخروج من تلك الأزمات، يبقى ذلك الاستفتاء ناقصا طالما لا يأخذ حق الشعوب غير الفارسية في تقرير مصيرها السياسي بعين الاعتبار وهي أكثر الأطراف تضررا.
ما بين المطالبة بالاستفتاء من قبل النظام الإيراني من أجل تثبيت أركانه من جديد وما بين المطالبة من قبل المعارضة الفارسية باستفتاء يطيح بسلطة رجال الدين، والاستفتاء الذي تطالب به الشعوب غير الفارسية من أجل نيل حقوقهم القومية، تقف تلك الجهات الثلاث على مفترق طرق. ويبقى الرهان في تحقيق الهدف المنشود على قدرة كل جهة في تحريك الداخل وتطويع العامل الدولي لصالح مشروعها السياسي.
* باحث في الشأن الإيراني.
Ahwazi5@hotmail.com
بعد عقود من المماطلة ونكران الواقع، اعترف النظام الإيراني بعدة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد، ولأول مرة أتفق مع معارضته الفارسية في الخارج بأن تلك الأزمات تجاوزت مرحلة الحلول.
وعشية ذكرى انتصار ثورة ١٩٧٩ في إيران اعترف خامنئي بفشل النظام في مواجهة الفساد وتطبيق العدالة في البلاد، قائلا: «تأخرنا في مواجهة الفساد وأصبح تطبيق العدالة والمساواة بين شرائح المجتمع الإيراني أمرا صعبا للغاية». ويعتبر هذا اعترافا ضمنيا من أعلى مسؤول في إيران بالاضطهاد والتمييز العنصري تجاه الشعوب غير الفارسية التي ترزح تحت الحكم الفارسي منذ أكثر من 9 عقود.
وأكد القيادي في الحرس الثوري أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام «محسن رضائي» أن المظاهرات الأخيرة أنهت لعبة الإصلاحيين والمحافظين في البلاد. وأضاف «إذا ما زلنا نعتقد بأننا قادرون على إدارة النظام من خلال تياري الإصلاحي والمحافظ، فهذا يعني إما نحن غافلون عما يجري في البلاد أو ليس لدينا مسؤولية تجاه الأزمات».
وحذر الرئيس حسن روحاني المرشد الإيراني بأنه سيواجه مصير شاه إيران السابق إذا لم يسمع مطالب المتظاهرين. ومن أجل العبور من تداعيات تلك الأزمات الخطيرة، طالب روحاني بتنظيم استفتاء من خلال الرجوع إلى الشعب.
وقال الرئيس الإيراني بمناسبة الذكرى ٣٩ للثورة الإيرانية «علينا تنظيم استفتاء استنادا إلى المادة الثالثة والخمسين من الدستور الإيراني في حال استعصاء الحلول على المسؤولين الإيرانيين». وأوضح أن الاستفتاء سيخرج البلاد من الوضع المزري ويعطي المشروعية والحق لمن يراه الشعب قادرا على الحكم. ويعني الرئيس الإيراني إعطاء التفويض للشعب في اختيار أحد تيارات النظام الأصولي أو المعتدل أو الإصلاحي لإدارة البلاد.
وتأتي مطالبة حسن روحاني في ظل تصاعد الأزمات واحتدام الصراع ما بين تيارات النظام وهيمنة الحرس الثوري على مقدرات البلاد، وتقويض صلاحيات الرئيس مما جعله موظفا في إحدى المؤسسات والدوائر التي يديرها المرشد.
وأصدر طيف واسع من المعارضة الفارسية، بمن فيهم نخب مثقفة يوجدون خارج البلاد وداخله، بيانا بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين من عمر الثورة الإيرانية، وطالبوا بضرورة تنظيم استفتاء تحت رعاية الأمم المتحدة لانتخاب نظام برلماني مدني قائم على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقضاء على جميع أشكال التمييز المؤسسي (البنيوي) تجاه المرأة والأديان والقوميات في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وأكد البيان أن السنوات الماضية أثبتت أن النظام الإيراني غير قابل للإصلاح. ومن أجل خروج البلاد من أزماته المزمنة لا بد من تنظيم استفتاء تقرير مصير يساهم في معالجة الأوضاع الداخلية المستعصية على الحل.
وأكدت منظمات الشعوب غير الفارسية بمناسبة مرور ما يقارب أربعة عقود من هيمنة النظام الحالي على مقدرات شعوبهم وحرمانهم من ممارسة حقوقهم القومية على حقها في تقرير مصيرها استنادا إلى المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبما أن النظام الإيراني والمعارضة الفارسية اتفقا على وجود أزمات بنيوية عصية على الحل، وعلى ضرورة الذهاب إلى استفتاء للخروج من تلك الأزمات، يبقى ذلك الاستفتاء ناقصا طالما لا يأخذ حق الشعوب غير الفارسية في تقرير مصيرها السياسي بعين الاعتبار وهي أكثر الأطراف تضررا.
ما بين المطالبة بالاستفتاء من قبل النظام الإيراني من أجل تثبيت أركانه من جديد وما بين المطالبة من قبل المعارضة الفارسية باستفتاء يطيح بسلطة رجال الدين، والاستفتاء الذي تطالب به الشعوب غير الفارسية من أجل نيل حقوقهم القومية، تقف تلك الجهات الثلاث على مفترق طرق. ويبقى الرهان في تحقيق الهدف المنشود على قدرة كل جهة في تحريك الداخل وتطويع العامل الدولي لصالح مشروعها السياسي.
* باحث في الشأن الإيراني.
Ahwazi5@hotmail.com