البازعي يكشف التشابه بين بن لعبون والسياب في «سمات التحضر»
الكتاب استحضر جماليات التجديد في شعر البدر و6 آخرين
الجمعة / 14 / جمادى الآخرة / 1439 هـ الجمعة 02 مارس 2018 02:33
«عكاظ»(جدة) Okaz_Culture@
أصدر الدكتور سعد البازعي كتاب «القصيدة الشعبية ـ سمات التحضر وتحديات التجديد»، عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، والكتاب من القطع المتوسط، ويضم دراسة نقدية عن عدد من قضايا الشعر النبطي وظواهره المرتبط بمرحلة التجديد التي مرت بها القصيدة في العقود الماضية. وتتمحور دراسة المؤلف حول أربعة سياقات نقدية هي: «ملاحظات حول السمات الفنية في شعر بن لعبون»، «قلق التحضر وألق الترحال»، «القصيدة الحديثة وجماليات التجديد»، «الحميدي الثقفي: شعر يتحرّر» وراء «اللهجة».
وأوضح المؤلف في مقدمة دراسته مجموعة محدّدات إجرائية ضرورية منها قوله إن (ما يضمه هذا الكتاب قد يكون شعبيا أو محكيا أو دارجا من حيث لهجته، لكنه بالتأكيد ليس نبطيًّا من حيث إن دلالة نبطي ارتبطت بلون من الشعر البدوي البعيد عن الحياة المدنية بسماتها وألفاظها ودلالاتها). واعتبر المؤلف أن نص بن لعبون الشاعر النبطي الكبير ليس نبطيا خالصا من حيث موضوعاته وألفاظه، ويصفه بأنه يتسم بخاصية التحضر، ويقصد بالتحضر (التوطّن الفيزيائي) لإقامة الشاعر في القرى الزراعية، ما جعل شعره يتأثر بالقاموس اللغوي الذي أنتجه الاستقرار على الرغم من كون تأسيسه ذي مرجعية بدوية نبطية. وفي هذا الإطار درس المؤلف ثلاثة أبعاد في شعر بن لعبون وأورد نماذج لها هي: «البعد التراثي، ويقصد به استعادة التراث وتوظيفه»، «البعد البلاغي، ويقصد به الاعتماد على تقنيات بلاغية تقليدية»، و «البعد التجديدي، ويقصد به استيلاد مجازات وتراكيب مدهشة وإيقاعات وأشكال نظم جديدة أو غير مألوفة كثيرا». وضرب المؤلف أمثلة عديدة من ملامح التجديد في شعر ابن لعبون منها:
أسأل الصدى: يا للعجب هل لهم تالي؟
قال الصدى: يا للعجب هل لهم تالي؟!
ويقول المؤلف إن هذا البيت يذكّر بقول بدر شاكر السياب:
أصيح بالخليج
يا خليج
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى
كأنه النشيج
يا واهب المحار والردى
وإذا كان شعر بن لعبون يتسم عموما بكونه مزيجا بين عالم الصحراء وعالم الاستقرار الزراعي مثله مثل محسن الهزاني ومحمد السديري وخالد الفيصل فإن التطور الاجتماعي والتاريخي لمجمعات الخليج العربي أنتج ـ حسب رؤية المؤلف ـ ما أسماه بـ «الشعر البرزخي»، أي الشعر المُنتج في المنطقة الوسطى بين البداوة والتحضّر، ومن فرسان هذا النمط الشعري: عبدالله بن سبيّل، فهيد المجماح، عويّد الدوسري، ومشعان الهتيمي. علماً بأن هؤلاء الشعراء عاشوا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي والربع الأول من القرن العشرين. وقد أفرد المؤلف في إطار هذه الرؤية مساحة جيدة للتدليل على ثبوت الوسطية البرزخية في نصوص شاعرين هما فهيد المجماح، وعبدالله بن سبيّل.
ولعل من أهم المحاور في الكتاب هو ما تناول جماليات التجديد في القصيدة الحديثة على عدد من الشعراء، منهم الأمير بدر بن عبدالمحسن، الحميدي الثقفي، فهد عافت، مساعد الرشيدي، ونايف صقر وغيرهم. ويرى المؤلف أن نصوص هؤلاء تصدر عن وعي بتغير الزمن والثقافة ومقاييس الجمال، بل هي نصوص تعبر عن «تجربة شعرية تنطلق من متغيرات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية التي نعيش، تجربة تكتسي أهميتها من أنها تعبر عن رؤى وأذواق فئة كبيرة من مجتمعنا».
ويقسم المؤلف شعراء هذه المرحلة إلى قسمين، القسم الأول ويضم: مساعد الرشيدي، نايف صقر، سليمان المانع. ويتسم شعر هؤلاء بكونه نمطا جديدا (بالقياس لما يُعرف من شعر نبطي). ويتسم أيضا بنوع من الجرأة والعفوية والمجازات غير المألوفة على الرغم من كونها في أحيان عديدة تأتي ممزوجة بأجواء بدوية. عكس شعراء القسم الثاني «الحميدي الثقفي، فهد عافت، عواض العصيمي» الذين (يذهبون في التجديد والخروج على المألوف حدًّا أبعد من المجموعة الأولى، حدًّا يكاد في بعض الحالات يقطع صلتهم بالمتلقين على اختلاف مستوياتهم). وبعد أن ضرب المؤلف أمثلة من معالم التجديد لدى المجموعة الأولى والثانية، منح مساحة أوسع لجماليات الصورة وروعة المجاز في نماذج للحميدي الثقفي ومنها:
أبي صباحاتك مدن تستاهل ادموعي ندى
أبي نهار مصافحك يستاهل أعصابي يدين
أبي تزيديني ضلال.. الشاعر إن ضل اهتدى
أبي على طول أنتظر وإنتِ تجين.. ولا تجين
ومنها ما خرج عن نمط الشطرين:
البحر
ويش البحر؟
لولا رمال الشط، والأطفال، واليامال..
والمرجان والأصداف والماء.. والسفينة
والمسا..
ويش المسا..؟
لولا دفا لون الستاير من شبابيك المنازل.. والنسا
وخشوع جمر الليل ف أحضان المباخر.
وأوضح المؤلف في مقدمة دراسته مجموعة محدّدات إجرائية ضرورية منها قوله إن (ما يضمه هذا الكتاب قد يكون شعبيا أو محكيا أو دارجا من حيث لهجته، لكنه بالتأكيد ليس نبطيًّا من حيث إن دلالة نبطي ارتبطت بلون من الشعر البدوي البعيد عن الحياة المدنية بسماتها وألفاظها ودلالاتها). واعتبر المؤلف أن نص بن لعبون الشاعر النبطي الكبير ليس نبطيا خالصا من حيث موضوعاته وألفاظه، ويصفه بأنه يتسم بخاصية التحضر، ويقصد بالتحضر (التوطّن الفيزيائي) لإقامة الشاعر في القرى الزراعية، ما جعل شعره يتأثر بالقاموس اللغوي الذي أنتجه الاستقرار على الرغم من كون تأسيسه ذي مرجعية بدوية نبطية. وفي هذا الإطار درس المؤلف ثلاثة أبعاد في شعر بن لعبون وأورد نماذج لها هي: «البعد التراثي، ويقصد به استعادة التراث وتوظيفه»، «البعد البلاغي، ويقصد به الاعتماد على تقنيات بلاغية تقليدية»، و «البعد التجديدي، ويقصد به استيلاد مجازات وتراكيب مدهشة وإيقاعات وأشكال نظم جديدة أو غير مألوفة كثيرا». وضرب المؤلف أمثلة عديدة من ملامح التجديد في شعر ابن لعبون منها:
أسأل الصدى: يا للعجب هل لهم تالي؟
قال الصدى: يا للعجب هل لهم تالي؟!
ويقول المؤلف إن هذا البيت يذكّر بقول بدر شاكر السياب:
أصيح بالخليج
يا خليج
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى
كأنه النشيج
يا واهب المحار والردى
وإذا كان شعر بن لعبون يتسم عموما بكونه مزيجا بين عالم الصحراء وعالم الاستقرار الزراعي مثله مثل محسن الهزاني ومحمد السديري وخالد الفيصل فإن التطور الاجتماعي والتاريخي لمجمعات الخليج العربي أنتج ـ حسب رؤية المؤلف ـ ما أسماه بـ «الشعر البرزخي»، أي الشعر المُنتج في المنطقة الوسطى بين البداوة والتحضّر، ومن فرسان هذا النمط الشعري: عبدالله بن سبيّل، فهيد المجماح، عويّد الدوسري، ومشعان الهتيمي. علماً بأن هؤلاء الشعراء عاشوا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي والربع الأول من القرن العشرين. وقد أفرد المؤلف في إطار هذه الرؤية مساحة جيدة للتدليل على ثبوت الوسطية البرزخية في نصوص شاعرين هما فهيد المجماح، وعبدالله بن سبيّل.
ولعل من أهم المحاور في الكتاب هو ما تناول جماليات التجديد في القصيدة الحديثة على عدد من الشعراء، منهم الأمير بدر بن عبدالمحسن، الحميدي الثقفي، فهد عافت، مساعد الرشيدي، ونايف صقر وغيرهم. ويرى المؤلف أن نصوص هؤلاء تصدر عن وعي بتغير الزمن والثقافة ومقاييس الجمال، بل هي نصوص تعبر عن «تجربة شعرية تنطلق من متغيرات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية التي نعيش، تجربة تكتسي أهميتها من أنها تعبر عن رؤى وأذواق فئة كبيرة من مجتمعنا».
ويقسم المؤلف شعراء هذه المرحلة إلى قسمين، القسم الأول ويضم: مساعد الرشيدي، نايف صقر، سليمان المانع. ويتسم شعر هؤلاء بكونه نمطا جديدا (بالقياس لما يُعرف من شعر نبطي). ويتسم أيضا بنوع من الجرأة والعفوية والمجازات غير المألوفة على الرغم من كونها في أحيان عديدة تأتي ممزوجة بأجواء بدوية. عكس شعراء القسم الثاني «الحميدي الثقفي، فهد عافت، عواض العصيمي» الذين (يذهبون في التجديد والخروج على المألوف حدًّا أبعد من المجموعة الأولى، حدًّا يكاد في بعض الحالات يقطع صلتهم بالمتلقين على اختلاف مستوياتهم). وبعد أن ضرب المؤلف أمثلة من معالم التجديد لدى المجموعة الأولى والثانية، منح مساحة أوسع لجماليات الصورة وروعة المجاز في نماذج للحميدي الثقفي ومنها:
أبي صباحاتك مدن تستاهل ادموعي ندى
أبي نهار مصافحك يستاهل أعصابي يدين
أبي تزيديني ضلال.. الشاعر إن ضل اهتدى
أبي على طول أنتظر وإنتِ تجين.. ولا تجين
ومنها ما خرج عن نمط الشطرين:
البحر
ويش البحر؟
لولا رمال الشط، والأطفال، واليامال..
والمرجان والأصداف والماء.. والسفينة
والمسا..
ويش المسا..؟
لولا دفا لون الستاير من شبابيك المنازل.. والنسا
وخشوع جمر الليل ف أحضان المباخر.