كتاب ومقالات

لا أنفاق خدمات.. ولا يحزنون !

على خفيف

محمد أحمد الحساني

على الرغم من مرور عدة عقود على عملية تخطيط المدن والمحافظات في بلادنا ووجود آلاف ممن يحملون درجات علمية في مجال الهندسة المدنية، وقيام المسؤولين في الأمانات والبلديات بزيارة عواصم ومدن العام الأول والثاني والنامي من العالم الثالث، وحديثهم المتسم بالإعجاب عما رأوه من تخطيط بديع وبنية تحتية قوية، وأن جميع خطوط الخدمات تنفذ عبر أنفاق يسهل فتحها وصيانة أي خط خدمة دون تكسير لطبقة الأسفلت والأرصفة، ودون إغلاق يستمر بالأسابيع لبعض الشوارع، وعلى الرغم من حديث الذين سافروا وعادوا عما رأوه في باريس وبرلين «ومَرْلين» وتمني حصوله في مدننا ومحافظاتنا الكبرى، إلا أنني شخصياً عشت نصف قرن وأنا أسمع عن خطط لعمل أنفاق لخطوط الخدمات، وأقرأ في صفحة من جريدة البلاد مواد صحفية منقولة عن أعداد لها صدرت في الثمانينات الهجرية، أي قبل نحو 60 عاماً، عن وصول خبراء لدراسة عمل شبكة أنفاق لتحديد خطوط الخدمات بها من ماء وكهرباء وهاتف «وناتف»، إلا أن ما نراه يومياً هو أن أي عملية إصلاح لخط خدمة مثل وجود قطع حاد أو انفجار في خط كهرباء أو ماء يستلزم تكسير مساحات من طبقة الأسفلت ويؤدي إلى تضاعف مصاريف صيانة الخط واحتياج العملية لأيام دربكة في الشوارع، وبقاء الحجارة والأسفلت المزال أياماً ريثما يتم «ترقيع» ما كُسر منه لصالح عملية صيانة الخط الكهربائي أو المائي، وليس لدي أي تفسير موضوعي لانقضاء عقود دون أن تنجح أية أمانة أو بلدية في تنفيذ مثل ما هو موجود في معظم دول العالم من أنفاق خدمات سوى أن الموظف الذي يعتلي الكرسي وعينه على «التِّبْسي» ليشرب البيبْسي ويغدو ويمسي في إدارته كأنه عنترة العبْسي، فإن مثل هذا الموظف سيكتفي بالحديث عما رآه من خدمات بلدية تقدم لسكان المدن المتحضرة في العالم ليسامر بمشاهداته رفاقه وأقاربه وأم العيال واعداً إياها برحلة سياحية إلى تلك المدن الجميلة المنظمة ولا شيء غير ذلك!