أنتم ما تستحون !
أشواك
الثلاثاء / 17 / رجب / 1439 هـ الثلاثاء 03 أبريل 2018 00:59
عبده خال
في زمن فائت لم يكن أي كاتب قادرا على توجيه اللوم لأي جهة سواء كانت عامة أو خاصة، وكان الجميع يعتبر أن المال العام موضوع شائك وملتبس؛ إذ لا أحد يسأل ولا أحد يجازى.
في تلك الأيام لم أكن شجاعا – حتى وإن كنت كذلك -، لم أجرؤ تعليق سيرة أي جهة بتهمة تبديد المال العام، وكانت جملة الفساد المالي أو الإداري غير متواجدة في قاموس النقد الصحفي - حتى كلمة فساد لم نكن لنقولها - ولكي أصل بكتابتي على ما هو حادث كنت ألجأ إلى التلميح متخذا من نفسي نموذجا يبحث عن أي مال عام كي يسرقه حتى إنني كتبت ذات مرة مقالا بعنوان (نفسي أسرق يا جماعة)، طالبا المساعدة بتوظيفي في الأماكن التي تتخرج منها (القطط السمان)، وكنت زاهدا من وساطة من يريد توظيفي على الدرجات الدنيا من سلم الوظائف؛ إذ كانت السرقة فيها تعد (مسبة)، وقد شتمت أحد الموظفين – مدير إحدى الإدارات - عندما نشرت الصحف سرقته لمئة ألف ريال، إذ كان هذا المبلغ يعد مبلغا تافها مقارنة بما كان سائدا، فالسرقة الحقيقية والمعترف بها والتي كنا نتمناها سرقة مئات الملايين؛ إذ يمكن لكل سارق التشبه بالمثل القائل: (إن سرقت اسرق جمل وإن عشقت اعشق قمر)؛ ولأن من يشاركني تلك الأحلام لم نجد أمامنا جملا لنسرقه ولا شاهدنا قمرا لنعشقه، فكانت الأمنيات هي التي ترفرف في مخيلتنا وحيدة، وظلت يتيمة حتى أنها خبت عندما ظهرت شبهة أحدهم الذي استعان بالجن لتغطية عملياته الملايينية.
والآن وأمام الجميع أحمد الله أنني لم أسرق شيئا، سواء كان مالا أو عينا، وهذه القناعة التي لازمتني تجعلني هذه الأيام أكثر حرصا مما سبق، فالوقت الراهن السيف مسلط لعلى كل فاسد أو متلاعب بالمال العام، وبالأمس مثلا نشرت جريدة «عكاظ» تفاصيل اتهام 6 موظفين بخيانة الأمانة في شركة خاصة استولوا فيها على ما يقارب 4 ملايين ريال، وطالبت النيابة بسجنهم 10 سنوات وتغريمهم 5 ملايين ريال.. ومع هذا الاختلاس أو السرقة تذكرت ذلك الموظف التعيس - أبو المئة ألف -، كون هؤلاء اللصوص كانت سرقتهم دون المستوى ولا تستحق المغامرة؛ إذ إن عقوبتها 10 سنوات ودفع 5 ملايين ريال – وهو مبلغ يفوق المبلغ المسروق-.. الآن نفسي أن أقف أمامهم لأقول لهم:- أنتم ما تستحون!
في تلك الأيام لم أكن شجاعا – حتى وإن كنت كذلك -، لم أجرؤ تعليق سيرة أي جهة بتهمة تبديد المال العام، وكانت جملة الفساد المالي أو الإداري غير متواجدة في قاموس النقد الصحفي - حتى كلمة فساد لم نكن لنقولها - ولكي أصل بكتابتي على ما هو حادث كنت ألجأ إلى التلميح متخذا من نفسي نموذجا يبحث عن أي مال عام كي يسرقه حتى إنني كتبت ذات مرة مقالا بعنوان (نفسي أسرق يا جماعة)، طالبا المساعدة بتوظيفي في الأماكن التي تتخرج منها (القطط السمان)، وكنت زاهدا من وساطة من يريد توظيفي على الدرجات الدنيا من سلم الوظائف؛ إذ كانت السرقة فيها تعد (مسبة)، وقد شتمت أحد الموظفين – مدير إحدى الإدارات - عندما نشرت الصحف سرقته لمئة ألف ريال، إذ كان هذا المبلغ يعد مبلغا تافها مقارنة بما كان سائدا، فالسرقة الحقيقية والمعترف بها والتي كنا نتمناها سرقة مئات الملايين؛ إذ يمكن لكل سارق التشبه بالمثل القائل: (إن سرقت اسرق جمل وإن عشقت اعشق قمر)؛ ولأن من يشاركني تلك الأحلام لم نجد أمامنا جملا لنسرقه ولا شاهدنا قمرا لنعشقه، فكانت الأمنيات هي التي ترفرف في مخيلتنا وحيدة، وظلت يتيمة حتى أنها خبت عندما ظهرت شبهة أحدهم الذي استعان بالجن لتغطية عملياته الملايينية.
والآن وأمام الجميع أحمد الله أنني لم أسرق شيئا، سواء كان مالا أو عينا، وهذه القناعة التي لازمتني تجعلني هذه الأيام أكثر حرصا مما سبق، فالوقت الراهن السيف مسلط لعلى كل فاسد أو متلاعب بالمال العام، وبالأمس مثلا نشرت جريدة «عكاظ» تفاصيل اتهام 6 موظفين بخيانة الأمانة في شركة خاصة استولوا فيها على ما يقارب 4 ملايين ريال، وطالبت النيابة بسجنهم 10 سنوات وتغريمهم 5 ملايين ريال.. ومع هذا الاختلاس أو السرقة تذكرت ذلك الموظف التعيس - أبو المئة ألف -، كون هؤلاء اللصوص كانت سرقتهم دون المستوى ولا تستحق المغامرة؛ إذ إن عقوبتها 10 سنوات ودفع 5 ملايين ريال – وهو مبلغ يفوق المبلغ المسروق-.. الآن نفسي أن أقف أمامهم لأقول لهم:- أنتم ما تستحون!