كتاب ومقالات

محمد بن سلمان والحوار مع الغرب

بعض الحقيقة

عيسى الحليان

مجلة «ذا أتلانتيك» مجلة أمريكية شهيرة تأسست عام 1857 ويبلغ عدد مشتركيها 400 ألف، لكن قراءها على الموقع يتجاوزون الـ11 مليون قارئ جلهم من النخب الثقافية والفكرية داخل وخارج الولايات المتحدة.

المتتبع لزيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة يلاحظ مدى اهتمام محطات التلفزة الشهيرة والمجلات العريقة والصحف السيارة بهذا الرجل دون غيره من الزوار الأجانب، ومن بين هذه الحوارات المقابلة التي جرت مع هذه المجلة، وأحدثت ضجة كبيرة على مستوى العالم.

ليس من عادة القادة إجراء مثل هذه الحوارات المفتوحة مع الصحافة الأجنبية وفي مواضيع حساسة وخصوصاً في منطقتنا الخليجية، تجنباً للإحراج وخوفاً من القيل والقال وما قد يترتب على بعض مفرداتها من ردود أفعال، لكن الذي حصل ومن خلال ما طرح في هذه المقابلة أن الأمير كسر هذا التقليد وألغى هذا الحاجز النفسي في فكرة تجنب الخوض في القضايا السياسية والفكرية الجدلية والمعلقة، وهي الفكرة التي صنعت مع الزمن حاجزاً وهمياً بيننا وبين الآخرين.

«جيفري جولدبيرج» محاور ماهر أخذ وأعطى مع الأمير في مواضيع كانت تعتبر حساسة، وربما غير قابلة للطرح، فضلاً عن الإجابة، وهذه واحدة من أسباب انسداد التواصل الفكري والثقافي مع الحضارات الأخرى، فقد أقام الأمير حواراً مباشرا ومفتوحاً ليس على طريقة عطني الأسئلة مكتوبة وأنا أرد لك عليها لاحقا، وإنما تعاطى مباشرة مع الرجل من خلال حوار سياسي وفكري وثقافي، فأنت تسأل ما تشاء وأنا أجيب بما أشاء، وهذا ما يدل على أنه ليس لدى الأمير ما يخفيه، وهو بذلك يفتح مع الزمن خطاً مباشرا له مع الرأي العام الدولي.

مثل هذه الحوارات لابد أن تحدث زوبعة لا تهدأ، خصوصاً أنها صادرة من سموه تحديدا، وبالتالي كل تناولها من زاويته التي تخصه وفسرها على هواه، وتاجر بها حسب أجندته المرسومة، لكن في المجمل فإن مثل هذه الحوارات السياسية والفكرية والثقافية تصنع جسوراً من التواصل مع الثقافات الأخرى وتصحح جملة من المفاهيم العالقة في الذهنية الغربية والتي غذتها تراكمات سابقة كونت صورة نمطية سالبة عن العربي والمسلم في الذهنية الأمريكية.