رياضة

محترفو الليغا.. خارج التشكيلة

النقاد الرياضيون يؤكدون ضرورة التهيئة النفسية قبل رحيلهم.. ورئيس الهيئة يخشى فشلهم

نعيم تميم الحكيم (جدة) naeemtamimalhac@

شهران مضت على احتراف 9 لاعبين سعوديين في الدوري الإسباني بدرجتيه الأولى والثانية، دون أن تتاح لهم فرصة المشاركة كأساسين أو بدلاء، بل اكتفى اللاعبون الثلاثة الذين يلعبون في أندية «الليغا» سالم الدوسري المنتقل لـ«فياريال»، ويحيى الشهري المعار لـ«ليغانيس»، وفهد المولد لـ«ليفانتي» بالتدرب مع فرقهم والخضوع لبرامج لياقية مكثفة والمشاركة في المناورات دون أن يحظوا بفرصة المشاركة أو الجلوس على دكة البدلاء على أقل تقدير؛ إذ جلسوا في المدرجات خارج التشكيلة في المباريات الرسمية.

فيما حظي بعض اللاعبين المنتقلين لأندية دوري الدرجة الثانية أو الدرجة «B» لدوري الدرجة الثانية بالمشاركة لبعض دقائق في بعض المباريات الرسمية، ويوجد عبدالمجيد الصليهم في رايو فالكيانو، نوح الموسى في ريال بلد الوليد، عبدالله الحمدان المعار لسبورتينغ خيخون، علي النمر المعار لنومانسيا، بينما يشارك لاعب المواليد جابر مصطفى مع فياريال ب، ومروان عثمان مع ليغانيس ب.

ورغم الإشادات بانضباطية عدد من اللاعبين كما نقلت صحيفة «AS» الإسبانية التي أشارت إلى أن إدارة نادي ليغانيس أشادت بانضباطية وتطور يحيى الشهري في التدريبات، إلا أن هذه الإشادات لبعض اللاعبين لم تكن كافية في ظل عدم مشاركتهم بالمباريات.

وفي الوقت الذي انتقدت الجماهير الرياضية بمختلف ميولها احتراف اللاعبين في أقوى دوري بالعالم قبيل كأس العالم بخمسة أشهر، في ظل عدم مشاركتهم، ظهر لاعب الاتحاد المعار لليفانتي فهد المولد بصور تظهر مدى انزعاجه وتململه من عدم المشاركة، وبصم على انزعاجه بصورة وكلمات خطها في حساباته بالسناب والانستغرام.

كمية الانتقادات الكبيرة وعدم مشاركة اللاعبين طيلة شهرين دفعت رئيس الهيئة العامة للرياضة معالي المستشار تركي آل الشيخ للخروج عن صمته، معترفا في حوار لصحيفة الرياضية بأنه أخفق في بعض الملفات مثلما نجح في أخرى.

وأقر في الوقت نفسه بأن من الملفات التي لم ينجح فيها ملف اللاعبين السعوديين المحترفين في الأندية الإسبانية، والغائبين عن أجواء المباريات الرسمية على مدى أكثر من 55 يوماً.

وفتح اعتراف رئيس الهيئة العامة للرياضة الباب على مصراعيه للنقاد والمدربين والخبراء في تشريح تجربة احتراف اللاعبين السعوديين في الأندية الإسبانية، في وقت كان بعضهم ينتقد على استحياء، بينما اختار آخرون الصمت، مقدمين المصلحة العامة لحين نهاية مشاركة الأخضر في مونديال روسيا الصيف القادم.

«عكاظ» فتحت ملف تجربة احتراف اللاعبين السعوديين في الأندية الإسبانية، وواجهت الرياضيين من نقاد ومدربين ولاعبين سابقين برؤيتهم حيال التجربة، وخلصت إلى الإيجابيات والسلبيات من هذه التجربة، وكيفية الاستفادة منها والبناء عليها وتطويرها مع تلافي سلبياتها في السنوات القادمة.. إليكم التفاصيل:

رهان نجاحهم غير صحيح

بداية، أكد الدكتور محمد السليمان، المتخصص في علم النفس ومدير الكرة السابق في نادي الاتحاد، أن المراهنين على نجاح اللاعبين السعوديين الذين أرسلوا للاحتراف في الأندية الإسبانية لم يقرأوا المشهد بشكل صحيح، بسبب عدم ملاءمة الفكر الاحترافي والتعليمي للاعبين، لذلك يجدون صعوبة في التأقلم مع البيئة هناك، فاللاعب يذهب بشكل مفاجئ دون تهيئة نفسية أو اجتماعية، في وقت لا يتمتع اللاعبون الذاهبون للاحتراف بإسبانيا بمستوى عال، وبالتالي لا يكون مستوعبا واجباته.

ورأى السليمان أنه كان من المفترض أن تتم تهيئة اللاعبين نفسياً وبدنياً وذهنياً وثقافياً قبل إرسالهم للاحتراف، حتى يتأقلموا سريعا مع البيئة والمجتمع ويستطيعوا الانسجام هناك ولا ينصدموا بالواقع.

وافترض رغبة الهيئة العام للرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم بظهور لاعبين محترفين سعوديين في أقوى الدوريات الأوروبية عند الإعلان عن الأسماء والتشكيلة، وهو أمر في غاية الأهمية على الصعيد الإعلامي والاستثماري، ويعطي انطباعا على تطور كرة القدم السعودية.

وطالب المختص في علم النفس بأن يتم تدارك أخطاء هذه التجربة مستقبلا والبناء عليها من خلال إرسال لاعبين في سن أصغر من الفئات السنية مع أسرهم حتى نساعدهم على سرعة الانسجام والتأقلم أولا ونهيئ لهم الاستقرار النفسي والذهني حتى ينعكس على أدائهم في التدريبات.

وخشي السليمان من ابتعاد اللاعبين عن أداء المباريات الرسمية لمدة تصل لشهرين مما يفقدهم حساسية المباريات ويجعلهم في فورمة أقل من زملائهم الذين يلعبون في أنديتهم بدوري المحترفين السعودي.

ودعا الدكتور لضرورة العلاج السريع للعائدين من الاحتراف بإسبانيا قبل كأس العالم، وذلك بتأهيلهم نفسيا وذهنيا ليكونوا جاهزين لخوض المونديال دون أي آثار من هذه الاحتراف المنقوص، مشددا على ضرورة وضع خطة إستراتيجية لاحتراف اللاعب السعودي مستقبلا، مستفيدا من الأخطاء التي حصلت في هذه التجربة.

وجودهم بالمكان الخطأ !

وأبدى كابتن الوحدة السابق الدولي المعتزل حاتم خيمي فرحته بفكرة احتراف السعوديين في الخارج بيد أنه تحفظ على تنفيذ الفكرة، مشيراً إلى أنه من أوائل المطالبين بضرورة احتراف اللاعب المحلي في الخارج لتطويره واكتسابه المزيد من الخبرات.

واشترط خيمي لنجاح الفكرة أن تبدأ بلاعبي الفئات السنية حتى يعايش الأندية المحترفة ويتأثر بها إيجابيا، مشددا على قدرة اللاعب الصغير على التأثر والتطور بعكس اللاعب الكبير الذي تجاوز 25 عاما.

ورأى خيمي أن من الأخطاء التي ارتكبت في هذه التجربة إرسالهم لأقوى دوري في العالم، وهو أمر خاطئ، مقترحا أن يكون هناك تدرج في الاختيار، بحيث يتم إرسال اللاعبين لدوريات أقل لكنها محترفة مثل الدوري الهولندي والبلجيكي والبرتغالي والسويسري، بحيث يأخذ اللاعبون فرصتهم بالمشاركة والاحتكاك والتأثر والتطور، فيما ستكون فرصتهم باللعب أقل في الدوري الأقوى عالميا الليغا الإسباني، مستدلا بعدم مشاركة أي لاعب حتى الآن لأنه تم اختيار الدوري الخطأ.

ودعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال جعل هذه التجربة للمعايشة والتطور البدني والتكتيكي، خصوصا أن اللاعبين ملتزمون ببرامج الأندية الإسبانية، ومحافظون على مواعيد النوم والتمرين والأكل، وهو ما سيجعلهم أكثر انضباطية، فيما يمكن أن يكتسبوا حساسية المباريات من خلال إشراكهم في الوديات بمعسكر المنتخب التحضيري لمونديال روسيا.

وطالب الكابتن حاتم باختيار لاعبين موهبين من البراعم دون سن 14 عاما وإرسالهم لحاضنات في أكاديميات أوروبية مرموقة لتأسيسهم بشكل صحيح قبل دفعهم للاحتراف في أندية بدوريات متوسطة، وربما ينجح بعضهم ويصل للاحتراف في أندية أكبر بدوريات أكثر قوة في المستقبل، وهو جيل سيكون المستقبل الذي يبنى عليه خلال السنوات العشر القادمة.

التجربة ثرية.. وأرفض تهويل مشاركتهم

وفي رؤية مختلفة يصف المدرب الوطني بندر الأحمدي التجربة بالجيدة، مشدداً على أنها فرصة ذهبية للاعبين عليهم أن يستغلوها أفضل استغلال ويكونوا على قدر المسؤولية، ويستشعروا أهمية الاحتراف بالدوري الإسباني ويضاعفوا جهودهم حتى تنعكس عليهم بشكل إيجابي وعلى المنتخب والأندية بما يفيدهم مستقبلا ويكونوا عناصر مؤثرة وحاسمة ومفيدة.

ولفت الأحمدي إلى أن اللاعبين قد يعانوا من صعوبات في عدم التأقلم، لكنهم سيعتادون على الحياة الانضباطية في الأندية الإسبانية، رافضا التهويل من عدم مشاركتهم في المباريات الرسمية.

وأضاف: مجرد الاحتكاك في التدريبات والمشاركة في المناورات والدويات كاف، مشيرا إلى أن هذه التجربة أشبه بدورات تدريبية للاعبين، خصوصا وهم يتمرنون مع أندية أوروبية ستطورهم من الناحية البدنية والتكتيكية والذهنية والانضباطية والاحترافية.

ولا يرى الأحمدي عدم المشاركة بأنها تفقدهم حساسية المباريات، لأن اللاعبين سيلتحقون بمعسكرات المنتخب، وسيخوضون عددا من الدويات التي ستعيد لهم حساسية المباريات قبل وقت كاف من بداية مونديال روسيا في الشهر السادس من العام الميلادي الحالي.

ويرفض الكابتن بندر تقييم التجربة إلا بعد نهايتها، مشددا على أنها خطوة استباقية بالحكم عليها بالفشل، مطالبا اللاعبين بالانضباطية داخل وخارج الملعب، والاستفادة من تعليمات مدربيهم والالتزام بالبرامج المعدة لهم حتى يلتفت لهم المدربون وتتحقق الفائدة المرجوة من ابتعاثهم للاحتراف في أقوى دوريات العالم.