العرب والإنترنت

عبدالله محمد الفوزان

يذكر الأستاذ بشار عباس في موضوع له تحت عنوان (العرب والانترنت: الجوانب الاجتماعية والاقتصادية)، أن العرب سيواجهون عبر الإنترنت وعبر وسائل الإعلام الجماهيري مخاطر عديدة خاصة مخاطر الاختراق الثقافي تحت شعار تحديث الثقافة العربية، متناسين أن تحديث الثقافة من الخارج يكرس الثنائية والانشطار في الثقافة العربية، وأن تجديد الثقافة لا يمكن أن يتم إلا من داخلها بإعادة بنائها وممارسة الحداثة في معطياتها وتاريخها، والتماس وجوه من الفهم والتأويل لمسارها تسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل. ويؤكد عباس أن تجديد الثقافة العربية من الداخل موقف صعب، وهو يتناقض مع المواقف السهلة كموقف الرفض المطلق للحداثة والانغلاق الكلي، وهو موقف الهروب إلى الخلف، وموقف القبول التام بالاستبدال الثقافي والاختراق والاستتباع الحضاري وهو موقف الهروب إلى الأمام. ويختتم عباس رؤيته هذه قائلا: نحن بحاجة إلى الدفاع عن هويتنا الثقافية العربية، ولكن حاجتنا إلى هذا الدفاع تتساوى تماماً مع حاجتنا إلى تجديد الثقافة وإلى اكتساب الأسس التي لا بد منها لدخول عصر العلم والتقانة، بما في ذلك الإنترنت. أتفق بطبيعة الحال مع رؤية عباس بخصوص الاختراق الثقافي وتكريس الثنائية والانشطار في الثقافة العربية التي ستترتب على تقنية المعلومات بشكل عام وعلى الانترنت تحديدا، لكن الأخطر ـ من وجهة نظري ـ هي تلك الجرائم التقنية التي ستترك آثارا اجتماعية مدمرة في مجتمعاتنا العربية إذا لم يتم تلافيها وتوعية المجتمع حولها للحد من انتشارها. ومن أهم تلك الآثار الاجتماعية ما طرحه كثير من المعنيين بشأن التقنية والانترنت حيث يرى الأستاذ محمد الظاهري أنه رغم عظم فوائد الانترنت إلا أن العقلية الإجرامية سارعت في استخدام الحاسب الآلي خاصة الانترنت لارتكاب الجرائم بكافة صورها من القتل إلى الاختلاس والتزوير والتحريض على الفسق والفجور وإغواء الأحداث بالإضافة للجرائم التي تقع على الحاسب الآلي ذاته وبرامجه ونوع جديد من الإجرام أطلق عليه مصطلح الإجرام المعلوماتي.
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ يونس عرب أن من أبرز الآثار الاجتماعية لجرائم الانترنت ما يلي: 1- تهدد جرائم الحاسوب عموما الحق في المعلومات ـ انسيابها وتدفقها واستخدامها, 2- إن بعض جرائم الحاسوب تمس الحياة الخاصة أو ما يسمى بحق الإنسان في الخصوصية, 3- تطال بعض جرائم الكمبيوتر الأمن القومي والسيادة الوطنية في إطار ما يعرف بحروب المعلومات، وتحديدا جرائم التجسس وجرائم الاستيلاء على المعلومات المنقولة خارج الحدود, 4- تؤدي جرائم الكمبيوتر والإنترنت إلى فقدان الثقة بالتقنية، ليس لدى الأفراد فحسب إنما لدى أصحاب القرار في الدولة, 5- تهدد جرائم الكمبيوتر مستقبل صناعة التقنية وتطورها، وهذا يتحقق في الواقع من ثلاث فئات من جرائم الكمبيوتر والإنترنت وهي جرائم قرصنة البرمجيات، وجرائم التجسس الصناعي، وجرائم احتيال الإنترنت المالي.. وإلى جانب الآثار الاجتماعية لجرائم الانترنت المذكورة أعلاه يمكنني أن أضيف إلى تلك الآثار ما يلي: « نشر الخوف والرعب بين أفراد المجتمع وعدم الثقة بالتقنية نتيجة الخوف من التعرض لانتهاك الخصوصيات وفضحها واستخدامها للتهديد والتشهير والانتقام أو التلاعب بالممتلكات العامة والخاصة، ـ فقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية والأهلية بسبب عجزها عن المحافظة على أسرار وممتلكات المتعاملين معها نتيجة الاختراقات المتتالية لمواقعها الإلكترونية، اتساع دائرة الخصومات والرغبة في الثأر والانتقام والتهديد والعنف بين أفراد المجتمع، استنزاف الكثير من موارد الدولة من أجل مواجهة جرائم تقنية المعلومات، تهديد الأمن والاستقرار في المجتمع، نشر الكراهية والأحقاد والعنصرية بين أفراد المجتمع»
ومن أجل الحد من جرائم الانترنت وما يترتب عنها من آثار اجتماعية مدمرة فإنه من الضروري الأخذ بمجموعة من الإجراءات الاحترازية ومنها: أولا: تكثيف برامج التثقيف والتوعية بأساليب التعامل الصحيح مع تقنية المعلومات وبالمخاطر المحتملة التي قد تنجم عن مثل هذا التعامل, ثانيا: سن قوانين وتشريعات رادعة بهدف مكافحة جرائم تقنية المعلومات والحد منها, ثالثا: تكليف لجان متخصصة لتقدير الضرر الناجم عن جرائم الانترنت على الضحية لمساعدة الأجهزة القضائية في إصدار الأحكام الملائمة لطبيعة الجرائم التقنية المرتكبة, رابعا: العمل على استخدام التقنيات الحديثة التي تعمل على تأمين شبكات الانترنت وحمايتها من الاختراقات, خامسا: تفعيل دور الرقابة الوالدية والمؤسساتية على المواقع المشبوهة.
Dr_Fauzan_99@hotmail.com