تحقيقات

منبج.. على صفيح «كل السيناريوهات»

«عكاظ» تحاور قيادات الصف الأول في مجلس منبج العسكري

خط التماس بين منبج وجرابلس

عبدالله الغضوي (منبج) GhadawiAbdullah@

بين عفرين ومنبج علاقة متينة وحبل سري رغم تباعد الجغرافيا، الأكراد هم الشيفرة الوحيدة في هذه العلاقة، فصدى سقوط عفرين ليس ببعيد عن المشهد في منبج، خصوصاً أن تركيا لا تخفي نيتها في خوض عملية عسكرية جديدة في هذه المدينة القريبة منها. ويمثل المجلس العسكري في منبج، حجر الأساس في هذه المدينة، الذي يقوم بحكمها وتنظيمها أمنياً، بينما هناك الإدارة المدنية الرديفة للمجلس العسكري تحاول ملء الفراغ الإداري عقب طرد «داعش» على غرار الإدارة الذاتية في عفرين والقامشلي وعين العرب (كوباني). «عكاظ» التقت قيادات المجلس العسكري في المدينة، وفتحت ملف هذه المدينة التي لا يزال النزاع حولها قائماً، وتترقب أيضا تداعيات ما جري في عفرين. الحديث كان أشبه بندوة في مقر المجلس بين قائد المجلس العسكري محمد أبوعادل، ممثل قوات سورية الديموقراطية في مجلس منبج العسكري جميل مظلوم، والمتحدث باسم المجلس شرفان درويش، ودار الحديث التالي:

• كيف ترى كممثل قوات سورية الديموقراطية ما بعد عفرين، وأقصد هنا الوضع في مدينة منبج؟

••جميل مظلوم: قبل التدخل التركي كان الوضع في سورية آخذاً منحى، والآن أخذ منحى آخر، فلم يكن يتوقع أحد هذا السيناريو سواء الشعب أم بعض الدول خصوصاً بعد القضاء على «داعش» في آخر معركة بين قوات سورية الديمقراطية والتحالف الدولي بمناطق دير الزور. وبعد مرحلة مؤتمر «سوتشي» أيضاً كان العالم ينتظر إنهاء «داعش» والتوصل إلى الحل السلمي، وجلب الاستقرار للشعب السوري كافة وتبدأ مرحلة انتقالية وتغيرات وإنهاء التوتر. وكقيادة «قسد» انتظرنا أيضا بدء مرحلة الدخول لتسوية سلمية بين الأطراف، وكنا مستعدين لوضع جديد لمستقبل سورية يشمل تعديل الدستور ومشاورات ومفاوضات ونقاشات لصالح كل مكونات سورية؛ عرباً كانوا أم شركساً أم تركماناً وسرياناً، وأن يتوصلوا لنقطة اتفاق لإنهاء هذه الحرب، خصوصاً بعد آخر معركة مع «داعش»، لكن ما حدث في عفرين منعطف جديد نحو التصعيد العسكري في سورية، وعلى ما يبدو هناك رغبة في الحسم العسكري في سورية ولا نية في الحل السياسي.

• هل تعتقد أن سقوط عفرين سيتوقف عند حدود معينة، ويتوقف الأمر عند ما جرى في 18/‏‏‏‏‏‏3/‏‏‏‏‏‏2018؟

•• لا نعتقد ذلك؛ لأن الحرب على عفرين هي اتفاق سياسي جديد بنظرنا تشرف عليه روسيا أمام المحافل الدولية وتركيا أيضاً بوصفها ضمن دول الناتو، ولن يتغير الوضع مهما كانت النتائج، ذلك أن المسألة سياسية أيضا، ولا ننسى الدور الأكبر لروسيا في سقوط عفرين، وطالما روسيا تستمر بتطبيق فكرها الإستراتيجي في المنطقة وتعمل على تنفيذ المخطط الروسي وفق مصالحها فنحن نعتقد أن الوضع سيتأزم أكثر من الحرب التي كانت مع «داعش»، إذا لم تغير روسيا من سياساتها.

• يقال إن روسيا «باعت» الأكراد؟

•• تاريخ روسيا واضح رغم أنها كانت حليفة معنا في جزء من مناطق عفرين، ولكن نحن نصف سياسة روسيا بـ«سياسية المافيا». فهي أطلقت يد تركيا في عفرين وفي الوقت ذاته تتعامل معنا بشكل دبلوماسي بهدف تأمين عودة جيش النظام السوري لعفرين لعدم الاعتراف الدولي بمنطقة عفرين الكردية.

• تركيا تتحدث عن منبج بين الفينة والأخرى.. فماذا أنتم فاعلون؟

•• محمد أبو عادل: إذا افترضنا أن الشعب لا يريد قوات الحماية وقوات سورية الديمقراطية، لماذا هناك مظاهرات مؤيدة تخرج بمئات الآلاف على مرأى العالم كله، هل برأيك أن هذا كله شعب نقوم بالضغط عليه؟ عندما حررنا مناطق مثل الشدادي والهول ومنبج والرقة، كان الشعب عندما يهرب من «داعش» يعود مرة ثانية إلينا، ويطلب سلاحاً ليقاتل معنا ضد «داعش»، واليوم تركيا قامت بعملية عسكرية في عفرين لماذا..؟ هل اعتدى أحد على تركيا؟ على العكس الحدود التركية من طرف قوات سورية الديموقراطية آمنة ومستقرة.

• بوصفك قائداً في منبج، فما علاقتك بالوضع في عفرين؟ ولماذا أنت منزعج على عفرين أكثر من باقي المناطق، فهناك الغوطة أيضا؟

•• أنا قاتلت في حلب قبل منبج، وقاتلت في كل مكان، ولم أفُرق يوماً بين أي مدينة في سورية، ودافعت وسأدافع لآخر لحظة، ولكن الآن عمّن أدافع؟ هل المطلوب أن أدافع عن «جيش الإسلام» الذي يصفني بالإرهابي وأنا من الشعب السوري؟

نحن حزينون على كل ما يحدث في الغوطة وباقي المناطق، ولكن مع الأسف الشديد من يدير كل هذه العمليات على الأرض أجندات خارجية.

• ما شكل علاقتكم مع التحالف الدولي الآن؟

•• نحن -حتى هذه اللحظة- علاقتنا ممتازة، ورغم التصريحات التي صدرت من الجنرالات عن استعدادهم لحماية منبج بعد زيارتهم للجبهات والاستطلاعات التي قاموا بها على خطوط القتال، ندرك تماماً أن كل شيء يتعلق بالوضع السياسي والدولي.

• ما الامتيازات المقدمة لكم من قبل التحالف الدولي؟ وكيف تصف مستوى التسليح هل هو جيد بالنسبة لكم؟

•• لدينا أكاديميات تدريبية بإشراف التحالف الدولي وقاعدة أمريكية على أطراف منبج، وبالنسبة لمستوى التسليح لا يوجد لدينا أسلحة ثقيلة أو مدرعات بعد.

• القرار العسكري في منبج بيد مَنْ؟

•• القرار تابع للإدارة المدنية والعسكرية في منبج، ونحن تحت مظلة قوات سورية الديمقراطية ومن مؤسسي قوات سورية الديمقراطية، وهم المخولون بالمجلس التشريعي والتنفيذي، ولكن على مستوى القرارات التي تتعلق بالهدنات والعلاقات والقرارات الداخلية نعود لـ«قسد» ونتشارك معهم؛ لأنهم هم الذين قاموا بمساندتنا في تحرير منبج من «داعش».

• هل تقبلون بوجود مراكز تركية وأمريكية في منبج؟

•• التحالف الدولي ليس لديه أي مراكز في منبج، له قاعدة واحدة خارج منبج تبعد 15 كيلومتراً ولا يملك أي صلاحية بالتدخل في المدينة، فقط له تسيير دوريات على الجبهات فيها، ومدينة منبج فيها فقط أبناء منبج والمجلس العسكري والمجلس التنفيذي والتشريعي، وكمجلس عسكري كان لنا مكاتب داخل منبج، وحالياً لم تعد قائمة، بل نمنع قواتنا العسكرية من دخولها بالزي العسكري لقلب المدينة، ولا نقبل على أنفسنا أن ندخل بالزي العسكري للمدينة، فكيف نقبل بطرف آخر عسكري داخل مدينة منبج لإدارة مدينتنا؛ سواء تركي أو غير تركي.

• ما عدد القوات الأمريكية في منبج؟

•• بكل صراحة لا نعرف العدد الدقيق، لكن ما يقارب 500 بين خبراء ومستشارين.

شرفان درويش: نحن نقوم بدراسة إستراتيجية التحالف الدولي وروسيا وإيران والدول الموجودة على أرض الواقع وعلى رأسها تركيا، فالتحالف لديه قوة وإمكانات وخبرة واسعة، هو يريد ليس فقط طرح أفكار بل تطبيقيها عملياً على أرض الواقع، ليسير في خط إستراتيجي وسياسي، ويبني قوة ضامنة لأطروحاته، إن هدف التحالف محاربة «داعش» ولا يريد أن يخسر في المعركة السورية؛ لذلك يجب عليه التعاون، ولعل منبج أكبر مثال على ذلك بوصفها نقطة حساسة في الصراع السياسي الكبير، ويجب أن يمنح منبج ضمانات على ذلك.. حتى يثبت مصداقيته في سورية.

وبالنسبة لروسيا فهي دولة لا تعرف الضمان والالتزام، وبحسب ما ذكرناه سابقاً أنها كانت دولة حليفة، وقد قطعوا وعوداً بحماية عفرين، لكن فكرهم الإستراتيجي انقلب فجأة وانسحبوا خلال 24 ساعة رغم أنها قد قدمت لنا سابقاً دعماً وسلاحاً وبشكل أسرع من قوى التحالف، لكن في الوقت الذي تختاره. وحتى أمريكا نحن لا نعتمد عليها بشكل كلي، نؤمن فقط بقدراتنا وأنفسنا، وبالنسبة للوضع الحالي فإننا نستفيد من خبراتها في محاربة الإرهاب.

• ماذا عن إيران ودورها؟

•• إيران هي المستفيد الكبير أيضاً في هذه الحرب، وقد استفادت كثيراً في الحرب مع «داعش»، وأخذت كل المناطق في سورية دون أي اقتتال باسم نظام الأسد وميليشياته والميليشيات الإيرانية، فقد احتلت ما يقارب ثلاثة أرباع المناطق في سورية من قبل إيران، وهي لا ترغب بشريك على المناطق التي تستولي عليها، وهي الآن تتأثر سلباً بالتقارب الروسي التركي.

• لماذا أنتم مع النظام ولديكم علاقات دبلوماسية وتعاون مشترك وهو نظام قاتل؟

•• تنسيقنا من الناحية العسكرية والسياسية في إطار مساعدة الشعب في الوقت الذي كانت لدينا منطقة محاصرة بالكامل، وليس هناك أي معبر للخروج سوى عن طريق مطار النظام، وتعاملنا معه بهدف خدمة منطقتنا وشعبنا.

• لديكم قوات من المجلس في «قسد» وتقاتل في دير الزور.. هل سيستمرون هناك؟

•• ما حدث في عفرين نقطة تحول بالنسبة لقوات سورية الديموقراطية التي نحن في المجلس جزء منها، لذلك نحن أولويتنا حماية منبج، وليس قتال «داعش» في دير الزور.