من طرائف العناوين الصحفية !
على خفيف
الجمعة / 04 / شعبان / 1439 هـ الجمعة 20 أبريل 2018 01:27
محمد أحمد الحساني
قرأت عنواناً صحفياً جاء هكذا «300 مليار لتمويل 6500 مليون وحدة»، وكان العنوان بالخط العريض، وبعرض الصفحة، أي على ثمانية أعمدة حسب التعبير الصحفي القديم، وهو يتحدث عن عدد الوحدات السكنية القائمة في المملكة.
وقد أدركت من الوهلة الأولى أن في العنوان خطأ واضحاً؛ لأنه يتحدث عن ستة آلاف وخمسمئة مليون وحدة سكنية، أي ما يقارب سكان الكرة الأرضية في الوقت الحالي، الذين تجاوز عددهم قليلاً سبعة ملايين نسمة، بل إنني أجزم أنه لا يوجد فوق البسيطة بقاراتها الخمس ستة مليارات وخمسمائة وحدة سكنية، إلا إذا كان لكل فرد من البشر وحدة سكنية خاصة بما في ذلك الأطفال الرضع، وهو أمر غير معقول، ولذلك رجعت فوراً إلى متن الخبر فوجدته يتحدث عن وجود ستة ملايين وخمسمئة ألف وحدة سكنية في مدن ومحافظات وقرى البلاد، فعلقت قائلاً: كذا يمكن أن يكون الخبر صحيحاً، وتذكرت أنه كان من بين مهامنا الأساسية عندما كنا نعمل في الصحافة مراجعة العناوين قبل إعطاء الأمر بالطباعة لتدارك أي خطأ لم يلاحظه المصححون، وكان وراءه محرر صحفي مستعجل قرأ خبراً ووضع له عنواناً ثم خرج من عمله لا يلوي على شيء.
وقد سبقت لي الإشارة إلى مبالغات إعلامية لفظية أو صحفية كانت مثار تعليقات من زملاء المهنة، ومنها أن عنواناً صحفياً نشر قبل عدة عقود بعرض الصفحة الأولى في إحدى الصحف جاء هكذا: «ستمائة بليون ريال لتطوير البريد».
ولما كانت ميزانية الدولة في تلك الفترة لا تزيد على مائتي بليون ريال فقد كتب الصحفي الأستاذ هشام علي حافظ رحمه الله في زاويته الشهيرة بجريدة المدينة المنورة معلقاً على العنوان الصحفي بقوله: إن هذا يعني أن علينا البقاء ثلاث سنوات نُطور البريد، ونتغذى بريداً، ونتعشى بريداً، ونفطر بالبريد؛ لأن تطويره حسب العنوان الصحفي يحتاج لميزانية الدولة لمدة ثلاث سنوات.
وسمعت مذيعاً يعلق على نفرة الحجاج من عرفات فقال إن المشعر الحرام شهد في ذلك اليوم وقوف ملايين الملايين من ضيوف الرحمن: فقلت له على رسلك؛ لأن عدد سكان الأرض لم يزد على سبعة آلاف مليون، أي سبعة مليارات نسمة، بل إن عدد أبناء آدم منذ نفخ فيه الروح حتى يومنا هذا قد لا يصلون إلى مليون مليون، فكيف يصل من وقف منهم من المسلمين على صعيد عرفات إلى ملايين الملايين!
ومن طرائف الصحافة أن عدم التدقيق في تصحيح موادها الصحفية قد يؤدي إلى نشر كلمات تتغير فيها مواقع الحروف فتؤدي إلى معنى مغاير، فقد امتدح شاعر شخصية اجتماعية فوصفه بأنه «بطل»، ولكن حرف الطاء تقدم على حرف الباء فأصبح يا أيها الطبل!
وأخيراً فإن المبالغات التي تنطلق عبر «فلتات اللسان» تهون أمام عناوين صحفية تمر على عدد من العاملين في الصحف بما تحمله من أخطاء أو مبالغات، ثم تطبع وتنزل إلى السوق، ثم قد لا يلاحظها العاملون في الصحيفة حتى بعد النشر والتوزيع!
*كاتب سعودي
mohammed.ahmad568@gmail.com
وقد أدركت من الوهلة الأولى أن في العنوان خطأ واضحاً؛ لأنه يتحدث عن ستة آلاف وخمسمئة مليون وحدة سكنية، أي ما يقارب سكان الكرة الأرضية في الوقت الحالي، الذين تجاوز عددهم قليلاً سبعة ملايين نسمة، بل إنني أجزم أنه لا يوجد فوق البسيطة بقاراتها الخمس ستة مليارات وخمسمائة وحدة سكنية، إلا إذا كان لكل فرد من البشر وحدة سكنية خاصة بما في ذلك الأطفال الرضع، وهو أمر غير معقول، ولذلك رجعت فوراً إلى متن الخبر فوجدته يتحدث عن وجود ستة ملايين وخمسمئة ألف وحدة سكنية في مدن ومحافظات وقرى البلاد، فعلقت قائلاً: كذا يمكن أن يكون الخبر صحيحاً، وتذكرت أنه كان من بين مهامنا الأساسية عندما كنا نعمل في الصحافة مراجعة العناوين قبل إعطاء الأمر بالطباعة لتدارك أي خطأ لم يلاحظه المصححون، وكان وراءه محرر صحفي مستعجل قرأ خبراً ووضع له عنواناً ثم خرج من عمله لا يلوي على شيء.
وقد سبقت لي الإشارة إلى مبالغات إعلامية لفظية أو صحفية كانت مثار تعليقات من زملاء المهنة، ومنها أن عنواناً صحفياً نشر قبل عدة عقود بعرض الصفحة الأولى في إحدى الصحف جاء هكذا: «ستمائة بليون ريال لتطوير البريد».
ولما كانت ميزانية الدولة في تلك الفترة لا تزيد على مائتي بليون ريال فقد كتب الصحفي الأستاذ هشام علي حافظ رحمه الله في زاويته الشهيرة بجريدة المدينة المنورة معلقاً على العنوان الصحفي بقوله: إن هذا يعني أن علينا البقاء ثلاث سنوات نُطور البريد، ونتغذى بريداً، ونتعشى بريداً، ونفطر بالبريد؛ لأن تطويره حسب العنوان الصحفي يحتاج لميزانية الدولة لمدة ثلاث سنوات.
وسمعت مذيعاً يعلق على نفرة الحجاج من عرفات فقال إن المشعر الحرام شهد في ذلك اليوم وقوف ملايين الملايين من ضيوف الرحمن: فقلت له على رسلك؛ لأن عدد سكان الأرض لم يزد على سبعة آلاف مليون، أي سبعة مليارات نسمة، بل إن عدد أبناء آدم منذ نفخ فيه الروح حتى يومنا هذا قد لا يصلون إلى مليون مليون، فكيف يصل من وقف منهم من المسلمين على صعيد عرفات إلى ملايين الملايين!
ومن طرائف الصحافة أن عدم التدقيق في تصحيح موادها الصحفية قد يؤدي إلى نشر كلمات تتغير فيها مواقع الحروف فتؤدي إلى معنى مغاير، فقد امتدح شاعر شخصية اجتماعية فوصفه بأنه «بطل»، ولكن حرف الطاء تقدم على حرف الباء فأصبح يا أيها الطبل!
وأخيراً فإن المبالغات التي تنطلق عبر «فلتات اللسان» تهون أمام عناوين صحفية تمر على عدد من العاملين في الصحف بما تحمله من أخطاء أو مبالغات، ثم تطبع وتنزل إلى السوق، ثم قد لا يلاحظها العاملون في الصحيفة حتى بعد النشر والتوزيع!
*كاتب سعودي
mohammed.ahmad568@gmail.com