التربية عبر منح الثقة
السبت / 05 / شعبان / 1439 هـ السبت 21 أبريل 2018 01:22
محمد بن سليمان الأحيدب
حتى لا يساء الفهم من غيور أو متحمس، فإنني لا بد أن أؤكد، قبل الشروع في الفكرة، أنني أدرك أن لدينا من التعاليم الدينية والقدوة الحسنة العظيمة والقيم الاجتماعية ما يغنينا عن الاستشهاد بغيرنا أو تطبيق تجاربهم، لكن عبارة «وجدت إسلاما ولم أجد مسلمين» تتجسد كثيرا عندما تزور بلدا غير مسلم، وترى على أقل تقدير أنهم لا يندمون كثيرا على الثقة بالآخر وكأنه مسلم ملتزم بتعاليم هذا الدين العظيم الذي يمثل منهج حياة آمنة مطمئنة سليمة، لو طبقت تعاليمه!.
عندما أسافر ولو في مهمة علمية أو عمل أحب أن أجرب الخدمات العامة التي يستفيد منها مواطن البلد البسيط الكادح وخاصة في أهم العناصر التي يحتاجها الإنسان بما يحقق احترام إنسانيته، وأعتقد أن أهم هذه العناصر على الإطلاق توفير دورات مياه عامة تحترم الحاجة الإنسانية لهذا المخلوق الراقي والخدمات الصحية التي تحترم حقه في علاج آلامه وعلاج إصاباته ورعاية صحته (ليس من بين هذه الأساسيات لا نفخ شفايف ولا إزالة شعر بالليزر) وخدمات النقل العام التي تغني عن امتلاك سيارة، ناهيك عن قيادتها، وتعليم مجاني في بيئة نظيفة تشتمل على كل ما يحترم إنسانية الدارس وحريته.
هذه الأيام أحضر مؤتمرا دوليا للسموم في بيلغراد عاصمة صربيا، وبعد ساعات محاضرات ونقاشات المؤتمر الطويلة، أجرب ما ذكرته سابقا، ومن ضمن ما جربت التنقل مشيا على وسيلة نقلي الخاصة (الأقدام) أو بوسائل النقل العام (الحافلات والترم).
في الأولى وجدت احتراما للماشي على قدميه أو من يركب دراجة في حق العبور والسير الآمن واحترام المسارات، لكن ذلك ليس موضوعنا في هذه العجالة، فما يهمني، ونحن مقبلون على مرحلة نقل عام مبشرة بالقطار الأرضي والحافلات هو حجم الثقة الكبيرة التي يمنحونها للراكب بما يكفل تربيته على الثقة حتى يصبح على المدى الطويل (موثوقا) وأهلا للثقة.
تركب الحافلة ببطاقة مسبقة الدفع (رخيصة جدا) ومن مميزاتها أنك تدفع بها للمشوار الأول ثم لك أن تركب مجانا خلال الساعة ونصف القادمة دون أن تمسح البطاقة على الجهاز حتى لا يخصم من رصيدك، أي تتنقل مجانا خلال ساعة ونصف تكفي للتغييرات والعودة السريعة، لذا فقد لاحظت أن كثرا يركبون دون مسح البطاقة على الجهاز أو دفع للسائق!، أما ما يحدد أنك فعلا تحمل بطاقة واستخدمتها للتو فهو الثقة مع رقابة طفيفة مفاجئة.
تساءلت في داخلي عن السر في هذه الثقة العمياء التي قد تستغل وتخسر مؤسسة النقل، فأدركت دون عناء تفكير أنها خسرت في البداية، لكن البلد كسب ثقة المواطن وانتماءه ثم كسب تربيته على الثقة ثم ربحت مؤسسة النقل لأن الغالبية تدفع ولا تغش!.
عندما أسافر ولو في مهمة علمية أو عمل أحب أن أجرب الخدمات العامة التي يستفيد منها مواطن البلد البسيط الكادح وخاصة في أهم العناصر التي يحتاجها الإنسان بما يحقق احترام إنسانيته، وأعتقد أن أهم هذه العناصر على الإطلاق توفير دورات مياه عامة تحترم الحاجة الإنسانية لهذا المخلوق الراقي والخدمات الصحية التي تحترم حقه في علاج آلامه وعلاج إصاباته ورعاية صحته (ليس من بين هذه الأساسيات لا نفخ شفايف ولا إزالة شعر بالليزر) وخدمات النقل العام التي تغني عن امتلاك سيارة، ناهيك عن قيادتها، وتعليم مجاني في بيئة نظيفة تشتمل على كل ما يحترم إنسانية الدارس وحريته.
هذه الأيام أحضر مؤتمرا دوليا للسموم في بيلغراد عاصمة صربيا، وبعد ساعات محاضرات ونقاشات المؤتمر الطويلة، أجرب ما ذكرته سابقا، ومن ضمن ما جربت التنقل مشيا على وسيلة نقلي الخاصة (الأقدام) أو بوسائل النقل العام (الحافلات والترم).
في الأولى وجدت احتراما للماشي على قدميه أو من يركب دراجة في حق العبور والسير الآمن واحترام المسارات، لكن ذلك ليس موضوعنا في هذه العجالة، فما يهمني، ونحن مقبلون على مرحلة نقل عام مبشرة بالقطار الأرضي والحافلات هو حجم الثقة الكبيرة التي يمنحونها للراكب بما يكفل تربيته على الثقة حتى يصبح على المدى الطويل (موثوقا) وأهلا للثقة.
تركب الحافلة ببطاقة مسبقة الدفع (رخيصة جدا) ومن مميزاتها أنك تدفع بها للمشوار الأول ثم لك أن تركب مجانا خلال الساعة ونصف القادمة دون أن تمسح البطاقة على الجهاز حتى لا يخصم من رصيدك، أي تتنقل مجانا خلال ساعة ونصف تكفي للتغييرات والعودة السريعة، لذا فقد لاحظت أن كثرا يركبون دون مسح البطاقة على الجهاز أو دفع للسائق!، أما ما يحدد أنك فعلا تحمل بطاقة واستخدمتها للتو فهو الثقة مع رقابة طفيفة مفاجئة.
تساءلت في داخلي عن السر في هذه الثقة العمياء التي قد تستغل وتخسر مؤسسة النقل، فأدركت دون عناء تفكير أنها خسرت في البداية، لكن البلد كسب ثقة المواطن وانتماءه ثم كسب تربيته على الثقة ثم ربحت مؤسسة النقل لأن الغالبية تدفع ولا تغش!.