كتاب ومقالات

استودعناك «ادعم ناديك»

جرة قلم

إبراهيم عقيلي

كل شيء ممكن أن نستوعبه في الرياضة، وكل شيء من الممكن أن نتقبله، ونسير وكأن شيئا لم يكن، إلا أن يكون الهلال مديونا، ويدخل في قائمة المعاناة.

فلا أحد يقول لنا بأن أكبر الأندية الأوروبية تعاني الديون، لأن الهلال غير، ولا أحد يقول لنا بأن كل ناد معرض، فالهلال من كوكب آخر. دعوا دورتموند الألماني مديونا، واتركوا يوفنتوس يتلطخ في معركة المعاناة، وعادي جدا أن يكون ليفربول مديونا بأكثر من 100 ألف مليون جنيه إسترليني، لكن غير عادي أن يعلن بأن الهلال في نهاية الموسم يخرج بديون تتجاوز الستين مليون ريال، فكل الأندية «غير» والهلال شيء آخر، فمن يملك قائمة أعضاء شرف من العيار الثقيل كيف له أن يعاني، ومن يتربع على صدارة المشروع الجديد «ادعم ناديك» وعلى مدى أكثر من خمسة أشهر منذ انطلاق الدعم الجماهيري والذي أعلنت عنه هيئة الرياضة، كيف له أن يعلن المفاجأة المدوية.

الدين الهلالي كان خبرا ثقيلا علي وعلى كل من تفاءل بالدعم الجماهيري للأندية، فما لنا إلا أن ندعي ونقول «اللهم إنا استودعناك أموالنا في ادعم ناديك»، فهي قد انتقلت بضغطة زر على «الموبايل» من حساباتنا الفقيرة الشاحبة إلى أرصدة الملايين، ولم نعرف بعد مصير ثلاثين ريالا استقطعناها من مصروف أبنائنا لتودع في رصيد العشق الكبير للأندية، مبلغ زهيد لكنه قد يشكل شيئا عند المحبين الذين يعتلون المدرجات في كل مباراة، قد يجمع أسرة على وجبة سريعة، وقد يملأ «تانكي» السيارة ويقضي «مشاوير» خمسة أيام، وقد يشحن بطاقة مسبقة الدفع لمكالمات نصف شهر، فما لا يشكل شيئا عندكم قد يكون كل شيء عند الغير. والأكيد في نهاية المطاف أن حزمة الرسائل الصغيرة تتحول بقدرة قادر إلى ملايين الريالات، وبعد كل هذا تعلن الأندية مديونياتها.

دعونا نخرج من دائرة الفساد والاختلاس لأن الموكلين بمهمة إدارات الأندية مشهود لهم بالصلاح، ولكن لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نخرج من دائرة سوء الإدارة وتبديد الأموال، فالمبلغ الزهيد سيستقر عبثا في جيوب السماسرة الذين أرهقوا الأندية بالديون، وبالمزايدة في الصفقات، والعمولات التي تدفع من تحت الطاولة.

وليتنا نعرف قبل أن نودع مبالغنا آلية واضحة للتدقيق والمتابعة، وأسماء لجان جماهيرية تملك الخبرة المالية لتكشف دور الدعم الجماهيري، كي نطمئن ونزيد من حجم الدعم ويكبر المشروع، لابد من لجان ترصد تحركات الملايين وتعلن مصيرها في نهاية الموسم، فالمشجع لم يعد هامشيا بعد أن أصبح من أكبر أعضاء الشرف دعما للأندية، فله الكلمة، وله الرقابة، والدور القادم للمشجع.