يا مغلوث.. خطر الصف الأول أصبح قائما !
الاثنين / 07 / شعبان / 1439 هـ الاثنين 23 أبريل 2018 02:01
محمد الساعد
خلال الأسبوع الماضي تم تداول مقال الكاتب عبدالله المغلوث «خطورة الرجل الثاني» عبر وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة ملحوظة، بالتأكيد المقال كان مؤثراً ولامس عقول ووجدان الكثيرين، ولمن لم يطلع على المقال، فإن المغلوث نبه إلى أهمية إعداد الصف الثاني من القيادات في أي منشأة أو منظمة، مشيراً إلى أن القادة الناجحين في العالم هم من قاموا بإعداد رجل ثان من بعدهم دون خوف أو شك أو تغييب، وإن من طواهم النسيان تعمدوا وضع أرباع وأعشار الموهوبين بجوارهم اعتقاداً أنهم بذلك يكتفون خطر إزاحتهم من مواقعهم، وهي حقيقة يتجاهلها كثير من الأنانيين.
المقال رائع كما كاتبه المغلوث، ووضع بقلمه الرشيق يده على إحدى مشاكل الإدارة التقليدية، خاصة عند حدوث تغيير هائل يتطلب إعادة الهيكلة وتطوير المنظمات، الطريف أن المقال وصلني من أصدقاء ورؤساء سابقين، الكثير منهم ممن كان يعطي من حوله أكتافاً ولكمات لأنه توجس من وقوفهم بجواره، أو كان يقدم الضعفاء وفاقدي الموهبة على حساب الأكفاء.
دعني يا عبدالله أضيف إلى مقالك شيئاً من معاناة الصف الثاني، خاصة مواليد السبعينات الميلادية، فهم إضافة إلى تهميشهم مع سبق الإصرار والترصد لسنوات طويلة بسبب خوف الصف الأول منهم، إلا أنه وعندما غادر الصف الأول مقاعده نتيجة الزمن وجاء موعد الحصاد، فوجئوا بأن فكرة تقديم الشباب للمناصب قد نضجت، وهي فكرة ليست سيئة بل كانوا أكثر من طالب بها، إلا أنه تم تجاوزهم والنظر إليهم كإداريين تقليديين لا يناسبون المرحلة على الرغم من سنهم المعقول ومواهبهم ومهاراتهم وخبراتهم المتراكمة، فإذا بهم وقد سرق زمانهم وتفرقت أحوالهم وتلاشت فرصهم، فلا هم الذين أخذوا حظهم سابقاً ولا هم الذين يحصدون نتائج جهدهم وعملهم ومعاناتهم وتحملهم، في وقت كانت الفرص محدودة وإمكانات النجاح معدومة.
يبدو أن مقاييس الإدارة تغيرت تماماً في زمن طفرة «السوشليون»، فعندما كانت تبحث إحدى المنظمات عن مستشار أو قائد، يتولى بناء إستراتيجياتها ويعيد تنظيم أعمالها ويعطي ما لديه من مهارات الإدارة، كانت أعينها تذهب لمن عركوا المهنة ونضجوا في أرجائها، ولديهم رصيد مكتوب وشبكات علاقات ممتدة تشفع لهم، بينما يتم البحث اليوم عن مشاهير السوشل ممن لديهم أعداد كبيرة من الفلورز فقط لا غير.
لم يعد مطلوباً أن يكون لديهم مهارات العمل المؤسسي ولا الإدارة ولا حتى العلاقات، يمكنك أن تحصل على وظيفة مرموقة وقيادية وبدخول مرتفعة جداً بناء على رصيدك الذي بنيته في هواء تويتر، وحجم التصدر وما ترسله في البريد، غريب كيف أصبحت تغريدات من هواء لا قواعد معرفية راسخة لها تمنح من لا قيمة له «قيمة».
السؤال المهم.. هل سيقوم الشباب الذين تسابقت إليهم المناصب الإدارية بنفس الأخطاء السابقة ويزيحون من بقي من جيل الموهوبين والإداريين المحترفين، نصيحتي لهم أن لا يفعلوها لأنهم سيفقدون المعرفة، وهي على فكرة تختلف تماماً عن التعلم، وأقول لهم ما قاله المغلوث.. قوتك تكمن في وجود قيادات تساندك، تمهد لك الطريق للتفوق والنجاح والتحليق.
لا تخف يا صديقي من وجود شخص قوي بجوارك، لكن اخش من عدم وجوده.
اصعد بالآخرين تصعد. مكنهم تتمكن.
أما أحبتنا من جيل السبعينات وربما من منتصف الستينات ممن بقي في زوايا المنظمات والوزارات والهيئات، ممن تعلموا بجهودهم الذاتية وأسر محدودة الدخل والإمكانات بلا فرص للابتعاث ولا للتعليم الأجنبي..
قوتكم في مهاراتكم التي تمتلكونها وفي رصيدكم المعرفي الهائل الذي تختزنونه في عقولكم وصدوركم، يكفيكم أنكم «السر» المخلص الذي عبر عليه الوطن إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم من مكانة مرموقة.
* إعلامي وكاتب سعودي
المقال رائع كما كاتبه المغلوث، ووضع بقلمه الرشيق يده على إحدى مشاكل الإدارة التقليدية، خاصة عند حدوث تغيير هائل يتطلب إعادة الهيكلة وتطوير المنظمات، الطريف أن المقال وصلني من أصدقاء ورؤساء سابقين، الكثير منهم ممن كان يعطي من حوله أكتافاً ولكمات لأنه توجس من وقوفهم بجواره، أو كان يقدم الضعفاء وفاقدي الموهبة على حساب الأكفاء.
دعني يا عبدالله أضيف إلى مقالك شيئاً من معاناة الصف الثاني، خاصة مواليد السبعينات الميلادية، فهم إضافة إلى تهميشهم مع سبق الإصرار والترصد لسنوات طويلة بسبب خوف الصف الأول منهم، إلا أنه وعندما غادر الصف الأول مقاعده نتيجة الزمن وجاء موعد الحصاد، فوجئوا بأن فكرة تقديم الشباب للمناصب قد نضجت، وهي فكرة ليست سيئة بل كانوا أكثر من طالب بها، إلا أنه تم تجاوزهم والنظر إليهم كإداريين تقليديين لا يناسبون المرحلة على الرغم من سنهم المعقول ومواهبهم ومهاراتهم وخبراتهم المتراكمة، فإذا بهم وقد سرق زمانهم وتفرقت أحوالهم وتلاشت فرصهم، فلا هم الذين أخذوا حظهم سابقاً ولا هم الذين يحصدون نتائج جهدهم وعملهم ومعاناتهم وتحملهم، في وقت كانت الفرص محدودة وإمكانات النجاح معدومة.
يبدو أن مقاييس الإدارة تغيرت تماماً في زمن طفرة «السوشليون»، فعندما كانت تبحث إحدى المنظمات عن مستشار أو قائد، يتولى بناء إستراتيجياتها ويعيد تنظيم أعمالها ويعطي ما لديه من مهارات الإدارة، كانت أعينها تذهب لمن عركوا المهنة ونضجوا في أرجائها، ولديهم رصيد مكتوب وشبكات علاقات ممتدة تشفع لهم، بينما يتم البحث اليوم عن مشاهير السوشل ممن لديهم أعداد كبيرة من الفلورز فقط لا غير.
لم يعد مطلوباً أن يكون لديهم مهارات العمل المؤسسي ولا الإدارة ولا حتى العلاقات، يمكنك أن تحصل على وظيفة مرموقة وقيادية وبدخول مرتفعة جداً بناء على رصيدك الذي بنيته في هواء تويتر، وحجم التصدر وما ترسله في البريد، غريب كيف أصبحت تغريدات من هواء لا قواعد معرفية راسخة لها تمنح من لا قيمة له «قيمة».
السؤال المهم.. هل سيقوم الشباب الذين تسابقت إليهم المناصب الإدارية بنفس الأخطاء السابقة ويزيحون من بقي من جيل الموهوبين والإداريين المحترفين، نصيحتي لهم أن لا يفعلوها لأنهم سيفقدون المعرفة، وهي على فكرة تختلف تماماً عن التعلم، وأقول لهم ما قاله المغلوث.. قوتك تكمن في وجود قيادات تساندك، تمهد لك الطريق للتفوق والنجاح والتحليق.
لا تخف يا صديقي من وجود شخص قوي بجوارك، لكن اخش من عدم وجوده.
اصعد بالآخرين تصعد. مكنهم تتمكن.
أما أحبتنا من جيل السبعينات وربما من منتصف الستينات ممن بقي في زوايا المنظمات والوزارات والهيئات، ممن تعلموا بجهودهم الذاتية وأسر محدودة الدخل والإمكانات بلا فرص للابتعاث ولا للتعليم الأجنبي..
قوتكم في مهاراتكم التي تمتلكونها وفي رصيدكم المعرفي الهائل الذي تختزنونه في عقولكم وصدوركم، يكفيكم أنكم «السر» المخلص الذي عبر عليه الوطن إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم من مكانة مرموقة.
* إعلامي وكاتب سعودي