كتاب ومقالات

لمن نشكو شركة المياه؟

عبدالعزيز النهاري

التذمر المتصاعد من شركة المياه أصبح ظاهرة ومعاناة تمس شريحة كبيرة من المستهلكين الذين تمتلئ بهم فروع شركة المياه الوطنية لتقديم شكاواهم من فوضى التسعير وتقلب مبالغ الفواتير واضطرابها، ولا يجد الموظفون المساكين غير تحمل تلك «التجهمات» ورفع الأصوات من قبل من يشعرون بالغبن مما يواجهونه من هذه الشركة الوطنية التي لم تستقر أحوالها حتى الآن، ولم تسوّ مشاكل فوترتها لاستهلاك الماء حتى هذه الساعة.

المستهلكون الضحايا تتنوع تذمراتهم بين المبالغ «الفاحشة» والمبالغ فيها للفواتير، وبين أسلوب التسعير، ولا يجدون حلا غير ما يطرحه الموظفون من رفع اعتراضاتهم على المبالغ التي احتوتها فواتيرهم وينتظرون الرد الذي غالبا ما يكون الرفض مع التهديد والوعيد بإيقاف تدفق الماء، بمعنى أنه «إما تدفع أو تدق رأسك في أقرب جدار» وتستغل الشركة في ذلك إطلاق يدها دون حساب أو رقابة أو متابعة من أي جهة على ما تفعل، برغم تفاقم مشكلة فواتير الماء وما يتطلبه ذلك من تدخل سريع لجهات عليا، فالقضية بكاملها تمس حاجة أساسية للإنسان وهو «الماء» عصب الحياة، ولا يمكن أن يُستغنى عنه، حتى وإن ظُلم المستهلك من قبل هذه الشركة، التي لم تجد -فيما أعتقد- من يثني عليها أو يرضى بعملها سواء في مجال المياه وتوزيعها، أو في مجال المياه الجوفية وتسربات الشبكة في العديد من الأحياء، وأنا أتحدث هنا عن «جدة». ولا أعلم عن بقية مدن المملكة.

تصوروا أن يكون متوسط استهلاك عميل «ما» خلال فترة متواصلة في حدود (100 ريال) شهريا ثم يقفز المبلغ في شهر آخر إلى (1800 ريال) ثم يعود للانخفاض، وعلاوة على اضطراب الفواتير والتسعير وانعدام العدالة أو وجود معيار دقيق لتحديد قيمة الاستهلاك، نجد أن مسكنا يتلقى مالكه فاتورة بمتوسط (100 ريال) شهريا وجاره الذي يشاركه نفس المساحة وربما نفس أفراد العائلة يتلقى فاتورة بمبلغ يتجاوز (1500 ريال)، بمعنى أن هناك فوضى حقيقية في التسعير ربما يكون للحاسب الآلي دور فيها، وربما لانعدام المتابعة الدقيقة للفواتير واحترام المستهلك. لقد رضينا بتسعير الكهرباء واحترمنا التغييرات التي طرأت على التعريفات الجديدة لها، ولم نعان من هذه الفوضى التسعيرية التي عليها فواتير المياه وما تسببه من معاناة لعدد كبير من المستهلكين الذين حفيت أقدامهم من مراجعة فروع الشركة ولا يجدون جوابا شافيا أو حلا منطقيا لشكاواهم.

أتمنى هنا من وسائل الإعلام أن تسلط الضوء على هذه المشكلة التي تتفاقم يوما بعد يوم، ولم تجد من يتصدى لها من إدارة الشركة، أو من وزارة البيئة والمياه والزراعة، التي أرجو أن لا تكون قد اكتفت بتأسيس شركة المياه الوطنية وتركت لها مسؤولية كبيرة وهي «الماء» لتغرق في مشاكلها التي لابد من حلها، وعدم تركها لمن لا يقدرون على تحمل مسؤولية مرفق من المرافق المهمة ذات العلاقة بحياة المواطن والمقيم على حد سواء.