كتاب ومقالات

«الفار» قبل الدار !

أسعد عبدالكريم الفريح

نشرت «عكاظ» تحقيقا في السابع من شعبان الجاري، عن مأساة انتشار الفئران في مدينة جدة، تلك القوارض التي أكاد أجزم أنه لا يخلو أي بيت منها، ويقال إن أحدهم ذهب ليستأجر منزلا، فأول سؤال سأله للمؤجر، هل به فئران، فكذب المؤجر وجاوبه بالنفي، ولا فأر واحد فرد المستأجر أجل ما أبغاها «تطبيع»، وكنت قبل فترة من الزمن كتبت بعنوان «احنا والفئران جيران» عن هذه المشكلة العويصة، فالفئران تتنامى وتزدهر في جدة فلا بكي ينفع، ولا شكوى تفيد، طالما أن الفئران ثبت لدينا أن لها واسطة قوية جعلتها تسرح وتمرح ولا عليها من أحد، وتقول الأخبار العاجلة بـ«الخط الأحمر» إن الفئران دعت إلى اجتماع سري أذيع على التلفزيون، واجتمعوا برئاسة كبيرهم فأر بن زنكي، وتمخضت عنه قرارات سرية وعلنية، من ضمن ما رشح منها أن يسيروا في جماعات لا تقل المجموعة عن مئة فأرة وفأر «lydis first» حتى يكونوا حمية لبعضهم البعض.

ولو فكر أي من ولدته أمه أن يعترض سبيلهم، يا ويله ويا ظلام ليله، فأبدى أحد الحاضرين وجهة نظر، أنه عندما يكونون بهذا العدد ستكون ملاحظتهم سهلة، فقال ابن زنكي: على مسؤوليتي ما عندك أحد، كما قرروا عدم أخذ اللقاحات ضد «الباخ بخ» لأنه هدر للأموال دون داعٍ، فأولا المادة التي تستعمل في «البخبخة» أي كلام وما تسوي شيئا، ثانيا صارت الفئران يا حسرة تتلهف عليها وتبحث عنها!

لكن وين ووين حتى يحصلوا بخة من هنا وبخة من هناك، حتى صار كثير منهم يشكون من عدم العدالة في توزيع البخبخة، وأنها أصبحت حكرا على وجهاء الفئران وسمانهم، كما كان من ضمن القرارات أن يركزوا على البيوت الشعبية والأماكن المشابهة كمرحلة، ثم ينقضوا على البيوت والمواقع الهاي هاي، فرد مدير العمليات أنه ما نحتاج لهذه المرحلة، بعد سيطرتنا على كل المواقع، والهاي هاي أهم لأنها غنية بكل ما نحتاجه.

وبعدين شكلهم كلهم تأقلموا وعرفوا أن الله حق، وأن المقاومة لن تجدي فتيلا، ولا نصف فتيل، حتى وفوق هذا احنا سنقرض كل مواطن ونفكهم من البنوك التي ما تقرض الواحد فيهم، إلا بطلوع الروح، أما القرار الذي حظي بأكبر قدر من التأييد، وبأعلى صوت من الزقزقة بالأسنان والوصوصة بالشفاه الرقيقة، هو قرار الوصول لهدف أن عدد الفئران يكون أكثر من البني آدميين، حتى تكون لهم الغلبة، وذلك في خلال عامين على الأكثر، مع الأخذ في الاعتبار الخسائر في الأرواح، نتيجة المكافحة خلال تلك السنتين والمتوقعة بين فأر إلى فأرين كل شهر، يا ناس يا هو العالم مش بس طلعوا القمر، بل صاروا هم والقمر جيران، واحنا لسه عندنا مشكلة فيران، بلدان فيها الأنهار والأشجار وما تشوف لا ناموسة ولا حشرة والله حاجة تجيب الجنان.

المهم تقدم مجموعة من الميسورين جزاهم الله خيرا باقتراح لعله يساهم في حل هذه المشكلة، وهو أن يشهر شعار على مستوى الوطن، اقتل فأرا بعشرة ريالات، والفأر الكبير بعشرين سمعه أحد التجار الشطار، قال لولده يا الله ما عندنا وقت بلغ مدير المشاريع يقدم لنا دراسة عن مشروع رائد لمزرعة فئران نموذجية، ويا أهل جدة استعدوا لشراء المصيدات قبل ما تغلى على الأقل تطلعوا لكم بقرشين، بما أنكم ستبيعون للمناطق الأخرى، خصوصا أن فيرانهم بالبلا وما تجمل عكس الفيران الجداوية مربربة وآخر كلام على الأقل ريحة أبو علي ولا عدمه.