«الهنداوية» شيخ أعيته همجية المخالفين
روائح نتنة ومبانٍ عشوائية حوّلته لمغناطيس يلتقط «المتسولين»
الثلاثاء / 22 / شعبان / 1439 هـ الثلاثاء 08 مايو 2018 02:57
حسين هزازي (جدة) h_hzazi@
«الشيب وقار» كما نصت المآثر وسرد في الماضي، لكن الوضع في الحي الكائن وسط عروس البحر الأحمر جدة مغاير، فشيخوخة الحال والعمر أعيت «الهنداوية» من خلال تهالك مبانيها، وسوء خدماتها، ما أجبر أهلها الهروب واللجوء إلى الأحياء العصرية، حتى يرتمي الحي في أحضان «المخالفين». «الهنداوية» ذلك الاسم المأخوذ من كلمة (الهندوان) في اللغة الأوردية التي تعني بلغة الهنود «المغناطيس»، يقبع عند الطرف الآخر للداخل إلى مدينة جدة من جهة -شارع الميناء أو شارع الذهب- (عبدالله هاشم)، اكتسب شهرة كبيرة، على مر السنين. «مظلوم» متهم بـ «الشقاوات» وصفه سكانه بالعشوائي والمخيف، بعد أن هجره أصحابه وبات مأوى للمخالفين والخارجين عن القانون.
جولة نفذتها «عكاظ» لرؤية واقع الحال قابلتها مئات المخالفات في الحي، كان من أبرزها غياب التنظيم الحضاري وافتقاره لأدنى مستوى للخدمات، فالنظافة متدنية والروائح الكريهة تعصف بالمكان، والحي يعجّ بمخالفي نظام الإقامة والعمل والخارجين عن القانون. ويعيش مشكلة أخرى من حيث الصعوبة التي تواجهها الأجهزة الأمنية في الدخول إلى أزقة الحي، خصوصا سيارات الدفاع المدني، مما يستوجب تحرك الجهات المعنية لحلّ تلك الأزمة التي تتفاقم يوما تلو الآخر، خصوصا مع تزايد أعداد المجهولين ممن لا يحملون إقامات نظامية والمخالفين، ويمكن أن تؤوي منازل داخل هذا الحي مطلوبين جنائيا للجهات الأمنية في ظل صعوبة الوصول إليهم.
إعادة تأهيل
وطالب مواطنو الحي الجهات المختصة بالتحرك لإعادة تأهيله، لكونه يعدّ من أقدم أحياء منطقة البلد بوسط مدينة جدة، إذ يقول محمد العتيبي، إن حي الهنداوية ينقسم إلى جزأين؛ (حي يقابل البحر وميناء جدة الإسلامي، والحي الشعبي)، ويفصلهما الشارع العام (شارع الذهب)، الممتد طولا بنحو كيلو مترين أو أكثر بقليل، يبدأ من شركة عبدالله هاشم مخترقا تحت الجسر (الكوبري) مرورا بباب شريف وينتهي إلى نهاية باب البنط (باب جديد) الكائن عند المنطقة التاريخية لمدينة جدة. وأضاف العتيبي أن الحي يعج بالمحلات التجارية القديمة المرخصة وغير المرخصة المتراصة بجوار بعضها بعضا من الجانبين، منها صوالين الحلاقة، محلات الساعات، محلات تنجيد الأقمشة والستائر الكثيرة، محلات تأجير مستلزمات الأفراح والزواج، محلات بيع القرطاسية المدرسية ومستلزمات المدارس، الصيدليات، طواحين الحبوب، البقالات، المخابز، الاستديوهات وغيرها، والمتداخلة مع سكان الحي والمزعجة لهم طوال أعوام في حركة البيع والشراء، خصوصا أن الطرق غير مهيأة.
كل الجنسيات
من جانبه، أكد سالم باخشوين أن الهنداوية أكثر امتدادا وحركة عن باقي أحياء جنوب جدة، وهو مكتظ بالسكان والعمران، فيه الحارات الشعبية الكثيرة المتداخلة، والكثير من الدخلات والأزقة المتفرعة عنه التي تمتد إلى حي البخارية وحي السبيل من جهة سوق الخيمة.
وأن الحي يسكنه الكثير من الوافدين اليمنيين، والمصريين، والسودانيين، والهنود، والباكستانيين، والأفغانيين، والتشاديين، والسنغاليين، والنيجيريين وغيرهم. ويكتظ الحي بالكثير من المطاعم القديمة والمخالفة التي تبيع الأكلات الشعبية المختلفة كلا حسب جنسه، والبوفيهات غير المرخصة، ومحلات التسالي كالفصفص والفستق والمكسرات وغيرها على قارعة الطريق، وكثرة بائعي الفواكه والخضراوات على عرباتهم المتجولة، وبائعي البسبوسة، والمنتو الأفغاني، والمنفوش، وبائعي غزل البنات، والكل حسبما يشتهيه، ولا ننسى بائعي الخردوات وألعاب الأطفال المختلفة.
اتفاق على الإزعاج
من جهته، يصف يوسف القرني الحي بـ «المزعج»، إذ يتسم بالحركة المستمرة، التي لا تهدأ ولا تكل، وإن هدأت إلا سويعات قليلة فقط، وسرعان ما تعاود الكرة بالإزعاج والحركة والسهر، كأن هناك اتفاقا مبرما ومعقودا بين ساكنيه لتناوبهم الحركة، حي يسهر أبناء الحي إلى بزوغ الفجر في الشوارع وبجوار المنازل، خصوصاً إذا حلت عطلة نهاية الأسبوع، أو العطلات الرسمية، وعطلات المدارس الصيفية.
«أبو هادي».. من سائق حافلة إلى متسول تحت «الجسور»!
لم يكن يتوقع أبو هادي (55 عاما)، أن ينتهي به الحال بعد سنوات طويلة من المثابرة والعمل إلى رصيف كبري الخير، إذ لم يجد عملا سوى أن يكون سائقاً لحافلة «خط البلدة»، وانتهى به المطاف إلى «التسول».
يقول أبو هادي إنه مريض بالقلب ومن سكان جنوب المملكة، ولديه مواعيد متباعدة في مستشفى الملك عبدالعزيز، وبسبب عدم وجود أقارب له في مدينة جدة، وقلة دخله وبعده عن عائلته، كان يعمل ليل نهار لتوفير لقمة العيش لأسرته المكونة من 7 أشخاص، ويعمل حتى تم إيقاف حافلات خط البلدة، بعدها لم يجد عملا آخر ولا يملك دخلا كبيرا للحصول على مسكن له، فقرر أن يرسل راتبه في الضمان الاجتماعي لأسرته، وهو يبحث عن عمل، لكن الظروف لم تساعده، فتورط بالتسول والبحث عن مأكل ومشرب حتى يقضي مواعيده في المستشفى طوال 6 أشهر.
بدوره، أكد لـ «عكاظ» مصدر في العمل والشؤون الاجتماعية، أنه يحظر التسول بكافة صوره، وأيا كانت مبرراته، ويجب القبض على كل من ينطبق عليه تعريف التسول، واتخاذ الإجراءات النظامية في حقه وفقا لأحكام هذا النظام، ويؤكد أن النظام ينص على أنه إذا تم القبض على المتسول في المرة الأولى وهو مواطن، يسلم لجهات الاختصاص لفحصه طبيا ونفسيا، ودراسة حالته الاجتماعية، والتثبت من أنه لم يسبق القبض عليه متسولا، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة حالته، وتسليمه لأسرته إن كان طفلا ولا يجوز في كل الأحوال استمرار التحفظ عليه، بينما إذا كان المتسول أجنبيا، فيحال فور القبض عليه إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات النظامية لإبعاده عن المملكة.
جولة نفذتها «عكاظ» لرؤية واقع الحال قابلتها مئات المخالفات في الحي، كان من أبرزها غياب التنظيم الحضاري وافتقاره لأدنى مستوى للخدمات، فالنظافة متدنية والروائح الكريهة تعصف بالمكان، والحي يعجّ بمخالفي نظام الإقامة والعمل والخارجين عن القانون. ويعيش مشكلة أخرى من حيث الصعوبة التي تواجهها الأجهزة الأمنية في الدخول إلى أزقة الحي، خصوصا سيارات الدفاع المدني، مما يستوجب تحرك الجهات المعنية لحلّ تلك الأزمة التي تتفاقم يوما تلو الآخر، خصوصا مع تزايد أعداد المجهولين ممن لا يحملون إقامات نظامية والمخالفين، ويمكن أن تؤوي منازل داخل هذا الحي مطلوبين جنائيا للجهات الأمنية في ظل صعوبة الوصول إليهم.
إعادة تأهيل
وطالب مواطنو الحي الجهات المختصة بالتحرك لإعادة تأهيله، لكونه يعدّ من أقدم أحياء منطقة البلد بوسط مدينة جدة، إذ يقول محمد العتيبي، إن حي الهنداوية ينقسم إلى جزأين؛ (حي يقابل البحر وميناء جدة الإسلامي، والحي الشعبي)، ويفصلهما الشارع العام (شارع الذهب)، الممتد طولا بنحو كيلو مترين أو أكثر بقليل، يبدأ من شركة عبدالله هاشم مخترقا تحت الجسر (الكوبري) مرورا بباب شريف وينتهي إلى نهاية باب البنط (باب جديد) الكائن عند المنطقة التاريخية لمدينة جدة. وأضاف العتيبي أن الحي يعج بالمحلات التجارية القديمة المرخصة وغير المرخصة المتراصة بجوار بعضها بعضا من الجانبين، منها صوالين الحلاقة، محلات الساعات، محلات تنجيد الأقمشة والستائر الكثيرة، محلات تأجير مستلزمات الأفراح والزواج، محلات بيع القرطاسية المدرسية ومستلزمات المدارس، الصيدليات، طواحين الحبوب، البقالات، المخابز، الاستديوهات وغيرها، والمتداخلة مع سكان الحي والمزعجة لهم طوال أعوام في حركة البيع والشراء، خصوصا أن الطرق غير مهيأة.
كل الجنسيات
من جانبه، أكد سالم باخشوين أن الهنداوية أكثر امتدادا وحركة عن باقي أحياء جنوب جدة، وهو مكتظ بالسكان والعمران، فيه الحارات الشعبية الكثيرة المتداخلة، والكثير من الدخلات والأزقة المتفرعة عنه التي تمتد إلى حي البخارية وحي السبيل من جهة سوق الخيمة.
وأن الحي يسكنه الكثير من الوافدين اليمنيين، والمصريين، والسودانيين، والهنود، والباكستانيين، والأفغانيين، والتشاديين، والسنغاليين، والنيجيريين وغيرهم. ويكتظ الحي بالكثير من المطاعم القديمة والمخالفة التي تبيع الأكلات الشعبية المختلفة كلا حسب جنسه، والبوفيهات غير المرخصة، ومحلات التسالي كالفصفص والفستق والمكسرات وغيرها على قارعة الطريق، وكثرة بائعي الفواكه والخضراوات على عرباتهم المتجولة، وبائعي البسبوسة، والمنتو الأفغاني، والمنفوش، وبائعي غزل البنات، والكل حسبما يشتهيه، ولا ننسى بائعي الخردوات وألعاب الأطفال المختلفة.
اتفاق على الإزعاج
من جهته، يصف يوسف القرني الحي بـ «المزعج»، إذ يتسم بالحركة المستمرة، التي لا تهدأ ولا تكل، وإن هدأت إلا سويعات قليلة فقط، وسرعان ما تعاود الكرة بالإزعاج والحركة والسهر، كأن هناك اتفاقا مبرما ومعقودا بين ساكنيه لتناوبهم الحركة، حي يسهر أبناء الحي إلى بزوغ الفجر في الشوارع وبجوار المنازل، خصوصاً إذا حلت عطلة نهاية الأسبوع، أو العطلات الرسمية، وعطلات المدارس الصيفية.
«أبو هادي».. من سائق حافلة إلى متسول تحت «الجسور»!
لم يكن يتوقع أبو هادي (55 عاما)، أن ينتهي به الحال بعد سنوات طويلة من المثابرة والعمل إلى رصيف كبري الخير، إذ لم يجد عملا سوى أن يكون سائقاً لحافلة «خط البلدة»، وانتهى به المطاف إلى «التسول».
يقول أبو هادي إنه مريض بالقلب ومن سكان جنوب المملكة، ولديه مواعيد متباعدة في مستشفى الملك عبدالعزيز، وبسبب عدم وجود أقارب له في مدينة جدة، وقلة دخله وبعده عن عائلته، كان يعمل ليل نهار لتوفير لقمة العيش لأسرته المكونة من 7 أشخاص، ويعمل حتى تم إيقاف حافلات خط البلدة، بعدها لم يجد عملا آخر ولا يملك دخلا كبيرا للحصول على مسكن له، فقرر أن يرسل راتبه في الضمان الاجتماعي لأسرته، وهو يبحث عن عمل، لكن الظروف لم تساعده، فتورط بالتسول والبحث عن مأكل ومشرب حتى يقضي مواعيده في المستشفى طوال 6 أشهر.
بدوره، أكد لـ «عكاظ» مصدر في العمل والشؤون الاجتماعية، أنه يحظر التسول بكافة صوره، وأيا كانت مبرراته، ويجب القبض على كل من ينطبق عليه تعريف التسول، واتخاذ الإجراءات النظامية في حقه وفقا لأحكام هذا النظام، ويؤكد أن النظام ينص على أنه إذا تم القبض على المتسول في المرة الأولى وهو مواطن، يسلم لجهات الاختصاص لفحصه طبيا ونفسيا، ودراسة حالته الاجتماعية، والتثبت من أنه لم يسبق القبض عليه متسولا، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة حالته، وتسليمه لأسرته إن كان طفلا ولا يجوز في كل الأحوال استمرار التحفظ عليه، بينما إذا كان المتسول أجنبيا، فيحال فور القبض عليه إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات النظامية لإبعاده عن المملكة.