صوت المواطن

غربة المعلم تقضي على الإنتاج!

سلبيات تعيين المعلم بعيداً عن أسرته.

حمزة عصام بصنوي HamzahBasnawi@

الإنتاج يرتبط بـ«الراحة النفسية»، ويبدو أن وزارة التعليم لا تدرك ذلك، فكيف نطالب المعلم - المعلمة، الذي يعين في أرض نائية بعيدة عن أسرته بالإنتاج، وهو يعاني مشقة السفر ومصروف السكن الباهظ والطريق الوعر والغربة، ويحتاج للم شمله بأسرته.

هنا سأسرد دواما كاملا لمعلمة تبعد عن أهلها ١٢٠ كيلو فقط، وليس أكثر، لنرى بعدها المصائب التي تكمن خلف «غربة المعلم»، فالمعلمة تخرج من بيتها في ساعة متأخرة من الليل قبل الفجر، قد يكون لديها رضيع تتركه أو أبناء يحتاجون إليها في هذا الوقت، وتضطر عند ركوبها الحافلة بنقلها، (وعلى حسابها الخاص) أن تمر على عدد من المعلمات لنقلهن معها، ونفس الشيء عند العودة.

عند أذان الفجر تضطر المعلمة للوقوف للصلاة إما في مصلى أو في الخلا، لا توجد دورات مياه صالحة للاستخدام لا في المصليات ولا في المدارس، وكثيرا ما تهاجمهن الزواحف السامة في المصليات غير الآمنة، ولا تصل إلى المدرسة إلا وهي منهكة من وعثاء السفر، وبعد أن تؤدي واجبها إلى آخر الدوام، وفي العودة تضطر للنوم في الطريق خشية الوقوع في الحوادث، لأن السائق إما كبير في السن أو منهك من السفر، وذكرت لي تلك المعلمة أنهن كثيرا ما يشهدن مواقف مؤلمة، إذ يرين حوادث في الطريق، وكثيرا ما يفاجأن أن الضحايا من زميلاتهن، يسلكن الطريق ذاته، وتشير إلى أنهن كثيرا ما تعرضن لملاحقة الكلاب والضواري في الجبال وتحت جنح الظلام، ولا يصلن إلى منازلهن إلا مع أذان العصر وقد أخذ منهن التعب كل مأخذ، ولايزال أمامهن مسؤوليات وواجبات يؤدينها لأسرهن، وعلى هذا كل يوم.

وتروي إحدى المعلمات وهي من أصحاب الظروف الخاصة، وتحمل صكا تعول به 4 أيتام، وتدرِّس في هجرة نائية، تبعد عن أسرتها 1300 كيلو متر.

ويروي لي أحد أصدقائي بأنه لاستحالة نقل أبنائه وزوجته معه للحياة بالقرية التي يدرِّس بها على مسافة ٧٠٠ كيلومتر عن مدينته فإنه اضطر للزواج من أخرى من أهل القرية لكي لا يتعرض للحرام، ولتعيين المعلم في منطقة بعيدة عن أسرته كثير من الأضرار منها الإرهاق البدني والشتات النفسي والذي يسبب الأمراض والضعف الذهني لشخص مطالب بالوقوف أمام أكثر من ٤٠ طالبا في الساعة الواحدة بشرح مستمر ومتواصل لدوام كامل، فضلا عن الآثار الاقتصادية منها السكن باهظ الثمن في بعض المدن والهِجَر والذي يسبب استنزافاً للقدرة المالية للمعلم أو المعلمة، التعرّض لأهوال الطريق من وفاة وحوادث ليس لها تأمين أو ضمان من قبل الوزارة، وهناك مشكلة المواصلات الأزلية لدى الوزارة والتي لم ولن تُحَل، مع حجم الألم النفسي السنوي من طول البعاد، إذن كيف نعول عليه في بناء مستقبل الوطن، وهو يواجه هذه الضغوط؛ فالمضار كثيرة والأمل في أن تنظر الجهات المختصة للمعلم الذي يعمل بعيدا عن أسرته، بلم شمله، في ظل الرؤية السعودية التي أنصفت شرائح المجتمع كافة.