كتاب ومقالات

بيع المبيدات بوصفة من البلدية

مفتاح ضائع

أنمار مطاوع

تتكرر قصص تسمم الأطفال من المواد الكيميائية المستخدمة كـ(مبيدات للحشرات) في مناطق ودول متعددة، خصوصا الدول التي تكثر فيها العمالة السائبة. فهي -أي هذه العمالة- تعمل بطريقة غير رسمية؛ وإن كانت في الأساس هي تعمل تحت مظلة شركة مصرح لها حسب النظام بالعمل في هذا المجال، ولكنها في الواقع الفعلي وهمية.. فهي لا تمارس العمل حسب الأنظمة واللوائح والقوانين التي تفرضها اللائحة التنفيذية لنظام استيراد المواد الكيميائية وإدارتها.. وفي أحسن حالاتها تكون عبارة عن عمالة تخلط مواد كيميائية (سامة) بكميات غير محسوبة بدقة، وتستخدمها كمبيدات حشرية في المنازل.. وتروج لنفسها عن طريق إعلانات (وهمية أيضا) تلصقها على المنازل والشقق. وفي النتيجة، تؤدي تلك المبيدات إلى مآس تصل حد الوفاة خصوصا للأطفال.. فهي تؤثر على عضلة القلب مباشرة وتتسبب في التهابها لدرجة لا يمكن علاجها في أحيان كثيرة. فبعض تلك المبيدات -المواد السامة- لا يوجد ترياق خاص بها.. خصوصا أن بعض أعراضها قد لا تظهر دفعة واحدة كما لو كانت مركزة.. بل تظهر لاحقا إثر التعرض لها بكميات أقل من السموم.

اللائحة التنفيذية لنظام استيراد المواد الكيميائية وإدارتها غطت كافة التفاصيل الخاصة بالسلامة فيما يتعلق باستيرادها وتخزينها واستخدامها.. حتى أنها لم تترك مسألة المواد الخاصة بالاستخدام المنزلي؛ مثل المنظفات ومعطرات الجو وملمعات الأسطح.. إلا في حالة أن تكون معبأة في عبوات جاهزة للاستخدام المنزلي تحديدا. علما أن بعض تلك المواد؛ كمعطرات الجو على سبيل المثال، ينظر لها على أنها (لا تستأصل الروائح الكريهة ولكنها تطغى عليها) حسب «رسالة العافية» التي أصدرتها جامعة كاليفورنيا.

لائحة المواد الكيميائية تدخل تحتها عدة جهات: وزارة الداخلية، وزارة الصحة، وزارة التعليم، وزارة التجارة، الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة.. لكن الجهة المسؤولة عن بيع واستخدام المبيدات الحشرية؛ وهي الأكثر طلبا واستخداما لكل منزل، هي الأمانات والبلديات.. وهي المسؤولة عن الرقابة والتفتيش على المنشآت والمرافق التي تتعامل مع المواد الكيميائية بيعا واستخداما، خصوصا شركات المبيدات الحشرية التي تترك عناوينها على المنازل والشقق.. فمعظم تلك الشركات وهمية.. وتديرها عمالة سائبة يغلب عليها الجهل.

استخدام هذه المواد يحتاج إلى مهنية عالية ومعقدة ومتشعبة.. والاستهانة بها يؤدي إلى كوارث وفقد في الأرواح. الحل السريع هو أن لا يتم بيع تلك المواد سواء لأفراد أو شركات من المحلات الخاصة بهذه المواد الكيميائية إلا بوصفة من البلدية التي يتبع لها المحل، بإجراء نظامي واضح ومتابعة مستمرة.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com