كتاب ومقالات

المتحف الإسلامي في مكة قبلة المسلمين

عبدالله صادق دحلان

إنجازات عظيمة في العهد السعودي من أبرزها عمارة الحرمين الشريفين وتوسعتها والعناية بتطوير المشاعر المقدسة، ولكل ملك من ملوك الدولة السعودية كانت له مساهمة في عمارة وتوسعة الحرمين وارتبطت التوسعات بكل عهد من عهود ملوك آل سعود، والحقيقة أن هناك إنجازات يصعب سردها لخدمة المسلمين القادمين للحج والعمرة وهناك توجه لزيادة عدد المعتمرين إلى حوالي 30 مليونا سنويا، وتعتبر مكة المكرمة مهبط الوحي ومركز اكتمال أركان الإسلام الخمسة وهو الحج الذي لا يكون إلا في بيت الله والمشاعر المقدسة بمكة المكرمة، ولعظمة تاريخ الإسلام على مر العصور منذ عهد النبي إبراهيم عليه السلام الى عهد سيدنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولا أعتقد بل أجزم أنه لا توجد آثار إسلامية أقدس وأهم من تلك التي في الحرم المكي والمشاعر المقدسة.

وتتفاخر دول العالم المتقدم بتسجيل تاريخها وتاريخ قياداتها وحروبها وانتصاراتها وعلمائها والمبدعين فيها، وتسجل هذا التاريخ في المتاحف الدولية لتجمع آثار تاريخ دولهم، ومن أهم عشرة متاحف في العالم من حيث موجوداتها وتاريخها وعدد زوارها وأقدمها وأغربها تصميما، متحف اللوفر في فرنسا وهو أهم متاحف الفن في العالم وهو عبارة عن قلعة بناها فيليب

أوغست عام (1190) ثم تحول الى متحف في 10 أغسطس (1793)، يليه متحف الفاتيكان وهو مجموعة من المتاحف وتعتبر أكبر متاحف في العالم تأسست عام (1506) وهو متحف يعنى بأهم الفنون التي أنتجتها الكنيسة من الأيقونات واللوحات، ثم المتحف البريطاني تأسس عام (1753) اعتمادا على مجموعات العالم الفيزيائي (السيد هانزسلون) وافتتح عام (1959) ويحتوي على 13 مليون قطعة أثرية، ثم متحف المتروبوليان للفنون أكبر متاحف الولايات المتحدة وهو أكبر متحف في نيويورك وتبلغ مساحته أكثر من مليوني قدم مربع ويضم أكثر من ثلاثة ملايين قطعة من جميع أنحاء العالم، ثم متحف (أوفيزي) في فلورنس إيطاليا أقدم وأشهر المتاحف في أوروبا ويستقبل أكثر من مليون ونصف زائر في السنة ويحتوي على أكثر من (100) ألف لوحة فنية، ثم المتحف المصري الذي بدأ تأسيسه عام (1835) ويحتوي على (136) ألف أثر فرعوني، ثم متحف الفن الحديث في نيويورك وهو أكثر متحف له تأثير في الفن في العالم، ثم متاحف (سيمثونيان) في واشنطن الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مؤسسة تعليمية وبحثية مع مجموعة متاحف تمولها وتديرها وتشغلها الحكومة الأمريكية، ثم متحف (الأرمتاج) في سان بطرسبرج في روسيا وهو أحد أفضل متاحف العالم وبه ثلاثة ملايين قطعة، ثم متحف (ريجكس) في هولندا افتتحته ملكة هولندا في أمستردام في أبريل عام (2013) بعد إغلاقه عشر سنوات لإعادة ترميمه، وهناك متاحف متواضعة في بعض دول العالم، وهناك متاحف بجهود فردية من بعض المواطنين المحبين لوطنهم.

إلا أنه يغيب عن الصورة وعن التاريخ وعن متاحف العالم (المتحف الإسلامي) الذي يضم جميع التراث الإسلامي، وإن وجدت بعضها في تركيا ومصر وغيرها، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى طموحنا لأن يكون المتحف الإسلامي في قبلة المسلمين مكة المكرمة ليكون موقعه مميزا عن جميع مواقع المتاحف الإسلامية، على أن يكون هو الأكبر والأحدث والأكثر احتواء للآثار الإسلامية العظيمة من عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام.

نعم إن المملكة هي الأولى أن تنشئ متحفا إسلاميا يليق بمكانة الحرمين وبمكانة المملكة راعية الحرمين وبمكانة الآثار الإسلامية في مكة والمدينة وبقية الدول الإسلامية ومنها العراق وسوريا ومصر وغيرها.

متمنيا أن يقام هذا المتحف الإسلامي بمكة المكرمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير الشاب محمد بن سلمان، وأجزم أنه لو تبنت المملكة إنشاء المتحف الإسلامي سوف تبادر جميع الدول الإسلامية للمشاركة بعرض بعض الآثار الإسلامية لديها في المعرض الإسلامي لينضم إنجاز المتحف الإسلامي إلى بقية الإنجازات العظيمة في توسعة الحرمين، كما أتمنى أن يضم المتحف مكتبة مكة المكرمة التي تعتبر من أقدم المكتبات الإسلامية والتي بها مخطوطات إسلامية نادرة.

إن طرحي اليوم ينبثق من فكر اقتصادي أيضا وهو إنشاء متحف إسلامي يستقطب جزءا من الزوار القادمين للعمرة والحج الذي يتوقع أن يصل عددهم إلى 30 مليونا سنويا، وإذا جاز لي الاقتراح فإن تخصيص مساحة كافية للمتحف بجانب محطة قطار مكة ليسهل الوصول لها وتكون معلما من معالم مكة عند وصول أي زائر معتمر أو حاج.

* كاتب اقتصادي سعودي