كتاب ومقالات

تنظيم السبعة!

محمد الساعد

أحدثت قائمة «السبعة» التي أعلن عنها جهاز أمن الدولة قبل يومين صدمة في الشارع السعودي، خاصة أن البيان تضمن معلومات وفيرة عن ارتباط بمنظمات ومؤسسات دولية تعمل على إيجاد موقع قدم لها في المملكة، لطالما فشلت في ذلك طوال عقود.

في مراجعة سريعة للأسماء نجد أن هناك رابطا خفيا بين حقوقيين وإخوان مسلمين وتنظيم ما يسمى بحسم، وهي بالمناسبة شبيهة بالتوليفة التي نشأت خفية في مصر بين منظمات يسارية وإسلاموية وليبرالية وعلمانية ارتبطت عضويا بالغرب من أجل هدف واحد هو إسقاط النظام المصري.

تكمن جريمة التنظيم المعلن عنه في المملكة أنه ارتبط صراحة بمنظمات دولية، ومول أشخاصا وأفكارا في الخارج، كما أنه تلقى هبات مشبوهة من دول ومنظمات ذات أجندات استخباراتية، أضف إلى ذلك سعيه لتقديم واجهة مدنية لمشروعه حتى يتمكن من إحداث قبول وتعاطف في المجتمعات الغربية.

ويبدو أن من عمل على الأسماء أو استطاع استقطابها ودمجها للعمل مع بعضها البعض هدف لخلق تنظيم صلب قادر على المقاومة تحت غطاء الحقوق النسائية، خاصة وهم يرون أن ملف المرأة بدأ بالانحسار وتحقق منجزات حقيقية لها، كما أن من يتابع المنظمات الدولية يدهش من حجم عدم الرضى وكأنهم ينتظرون إنشاء تنظيم قبل أن يسحب البساط من تحت أقدامهم باستكمال منظومة حقوق النساء.

دعونا نعود للعام 2005، لكي نفهم خطورة ما أعلنت عنه أمن الدولة، في ذلك الوقت كانت السعودية ومصر ترفضان الانخراط في المشروع الأمريكي لغزو العراق، وأعلنت السعودية عن ذلك صراحة على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل الذي طلب أيضا عدم حل الجيش العراقي خوفا من انهيار الدولة العراقية، وهو ما حصل بالفعل، المصريون أيضا تجنبوا إرسال قوات إلى العراق على الرغم من الضغط الذي وصل لحد التهديد بقطع المعونات، فقد كانت أمريكا تئن تحت وطأة ضربات المقاومة العراقية وأصبحت في وضع صعب، طالب الأمريكان الرئيس محمد حسني مبارك بالمساهة بعدة آلاف من المقاتلين المصريين، ولأن ذلك يخالف عقيدة الجيش المصري فقد رفض الطلب بصرامة.

أوغر ذلك صدر واشنطن فدعت لاجتماع في المنامة لوزراء خارجية الشرق الأوسط الكبير، ودعونا هنا نتعرف على رواية أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر الأسبق عن ما دار في ذلك المؤتمر، يقول أبو الغيط فوجئت بابنة ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي تقول إن البيان الختامي للمؤتمر سيتضمن إقرارا بتقديم المنح والدعم المالي لمنظمات المجتمع المدني بغض النظر عن القوانين في دول المنطقة، يكمل أبو الغيط أن وزراء الخارجية العرب استشعروا نفس الخطر، وطالبوا برفض الخطة الأمريكية، لأن تلك الخطوة ستهد الدول العربية رأسا على عقب.

الفكرة الأمريكية تقوم على دفع مئات الملايين من الدولارات لدعم منظمات حقوقية دون رقابة حكومية في الدول العربية، وهو ما ظهرت نتائجه في ثورة 25 يناير 2011 في مصر عندما تقدمت 6 أبريل والإخوان المسلمين لتكونا رأس الحربة في مشروع الانقلاب على الحكم المصري.

السعودية ونظرا لوعيها السياسي وقدرتها على التصدي لتلك المشاريع العابرة كانت تعي تماما لعبة المنظمات الدولية والحقوقية التي تحاول إيجاد جسور لها تستطيع العبور من فوقها للتركيبة الاجتماعية والمدنية ومن ثم تحقق غايتها النهائية بالسيطرة على القرار السعودي، وإذا قاوم يتم هدمه من الداخل.

اليوم يبدو أن هناك من لا يزال يعمل في الخفاء ويريد إعادة تدوير ما يسمى بالخريف العربي، ولكن من داخل الرياض هذه المرة فهي الجائزة الكبرى في المنطقة، وصمودها يعني صمود العالم العربي، وانهيارها أو تضعضعها يعني بلا شك انهيار الدولة الوطنية التي عرفناها طوال المئة سنة الماضية.

* إعلامي وكاتب سعودي