كتاب ومقالات

حماية سجناء التحرش

أشواك

عبده خال

أخيرا وافق مجلس الشورى على قانون التحرش في نسخته المبدئية.. وإذا طال انتظارنا لخروج مثل هذا القانون إلى حيز الوجود إلا أن مسودته التي نشرتها جريدة «عكاظ» يوم أمس تدعو إلى التريث، فثمة مواد تحتاج إلى تفصيلات محددة وإلا فإن مواد القانون ستُدخل ثلاثة أرباع البلد إلى السجون.. وهذا ليس إشارة إلى كثافة التحرش وإن كان متواجدا فإنه لم يصل إلى حد الظاهرة، والقول بدخول ثلاثة أرباع البلد إنما إشارة إلى التباس بعض المواد وعدم انجلائها، ومعلوم أن القانون هو جملة من المواد أو الفقرات من يقترفها يكون مباشرة تحت العقوبة، فليس ثمة روح تستل من أفعال المتهم النوايا الحسنة أو السيئة..

بداية نحن كمجتمع لدينا أمية قانونية ولم نصل بعد إلى سن الرشد في هذا الجانب، ومواد قانون التحرش صارمة ولو طبقت مباشرة من غير تثقيف وتوعية لربما وجدنا أنفسنا نمسك طوابير لدخول السجن وتسديد العقوبة المالية، خاصة أن ثمة مادة من مواد القانون تنص أن العقوبة سوف تُطبق مهما كان الوضع حتى لو تنازل الشخص المتحرش به عن شكواه، إذ لن تسقط العقوبة لوجود حق عام.

والممارسات اليومية التي نحياها تؤكد أننا جهلة قانونيا، ولا نلقي بالا بالحقوق والواجبات التي لنا أو علينا، وهناك نماذج كثيرة في الممارسات المالية أو القضائية أو المرورية، نقع فيها يوميا بينما الجهة المنفذة للقانون تتباهى (أن القانون لا يحمي المغفلين).

ولأننا نجهل كثيرا من القوانين سوف يكون قانون التحرش هو المصيدة التي يقع فيها الكثيرون لأسباب كثيرة أهمها الجهل بما تنص عليها المواد وأي منها يعد تحرشا أو منها يعد فعلا طبيعيا..

وقد ألِف البعض على ممارسة كثير من الألفاظ كمسلك لفظي يمارس في العلاقات اليومية.. كيف يمكن تقييم هذه المفردات، وأيضا هناك ألفاظ تودد هل ستدخل إلى نوع من أنواع التحرش إذا تلفظ بها أحد؟

الآن ونحن نستقبل هذه القانون بفرح يجب إجلاء مواده قبل تنفيذه، ويستوجب الأمر البث والتوعية اليومية لكي يتبين للناس الفروقات والمعاملات التي يستوجب على المرء الحذر منها أو فعلها..

كما أن القانون فتح فمه إلى الشدق حتى أن القارئ له لا يعرف هل فتح الشدق تلك تعبر عن فرح أو تشفٍ!

الأوروبيون -مثلا- لم يصلوا إلى التطبيق التام لقانون التحرش إلا بعد سنوات من التجريب ودراسة الواقع الاجتماعي والتحذير المتلاحق بأن هذا الفعل أو اللفظ أو الإشارة يجرمه القانون، حتى إذا وصلت الرسالة للمجتمع وأخذ كل فرد الحيطة في عدم اقتراف أي فعل من أفعال التحرش.

وإلى أن تدخل التعديلات على قانون التحرش، على الجهات المعنية البث والتوعية الحرفية لهذا القانون.. وإلا فإن الأول سوف يرحب بالقادم إلى مصيدة التحرش.

كل المقالة تتحدث عن التحرش اللفظي الذي سيقع فيه الكثيرون، أما التحرش البدني فاالله لا رد من يفعله لا دنيا ولا آخرة.