كتاب ومقالات

رسائل صندوق الاستثمارات العامة

ماجد قاروب

بعد مرور أقل من عامين على إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة وحوكمة أعماله بعد منحه صلاحيات ومهام غير مسبوقة للخروج بالاقتصاد والاستثمار من الأطر التقليدية إلى آفاق جديدة، أُعلن عن انتقال ملكية أرامكو إلى الصندوق وإدراج 5% في السوق المالية خلال عام 2018م وربما تتأخر لعام أو أكثر ولا ضرر في ذلك.

لأن الأهم في هذا الطرح المعاني الحقيقية التي تكمن بداخله والتي تعني شفافية أكبر وقضاء على الفساد وتطوير الإدارة من خلال حوكمتها، وهذه هي متطلبات السوق المالية حول العالم، وهذا يعني ثقة عواصم المال العالمية في لندن ونيويورك وطوكيو وغيرها بأن السعودية تملك القدرة على فرض هذه المعايير وأن لديها القدرة على تطوير القضاء والقوانين في مجال الشركات والأعمال التجارية والمالية بالقدر الكافي والضروري واللازم لتحسين بيئة ومناخ العمل والاستثمار وجذب الاستثمارات العالمية، لأنه لن يكون هناك إقبال أو قبول على طرح الشركة في الأسواق العالمية ما لم تكن جميع المعايير العالمية المالية والإدارية والقانونية متحققة ونافذة، وكل هذا يُحتم تطوير الجانب القانوني والحقوقي والعدلي ليكون في مستوى الحدث والتحديات والطموحات.

لقد ساهمت مشاركات الصندوق في عام 2016م في منصة التجارة الإلكترونية نون وصندوق سوفت بنك وشركة أوبر في توضيح رؤية الصندوق للاستثمارات الجديدة المرتكزة على المعرفة والتكنولوجيا، وترسخت مشاركات الصندوق في اتفاقيات لعام 2017م على صعيد المشاريع الوطنية العملاقة أو الشراكات في صناديق استثمار مع أمريكا وروسيا وإطلاق الشركة السعودية للصناعات العسكرية.

وما أُعلن عنه على الصعيد الداخلي رسائل مهمة للقطاع الخاص وبخاصة قطاع المقاولات لأن ما أُعلن عنه يفوق في حجمه مجموع ما أُعلن في ميزانيات الدولة للعقود الخمسة الماضية.

وتجسدت هذا العام الترجمة الحقيقية على أرض الواقع لتحقيق الرؤية في اتفاقية شركة Six Flags وشركة AMC ووضع خادم الحرمين الشريفين حجر الأساس لمدينة القدية ليدشن قطاع الترفيه في الوطن الذي يمكن أن يستوعب عشرات المليارات من الاستثمارات وملايين الوظائف بما يحتويه من تطوير شامل لقطاعات النقل والخدمات والضيافة والتطوير العقاري تمثلت في شراء حصة في شركة أكور الفندقية.

كلها رسائل واقعية من خلال ممارسات فعلية إلى القطاع الخاص لتحديد مسارات الاقتصاد والتنمية للعقود القادمة وتوضح فرص العمل للأجيال القادمة، وكل هذا يحتم على وزارات التعليم والتجارة والعدل والصناعة والإسكان والمالية وهيئات الإعلام والترفيه والسياحة والكهرباء والنقل والاتصالات والمقاولات وهيئة المهندسين والغرف التجارية تسريع الخطى في تنفيذ خطط التحول وتعديل التشريعات وتنقية القوانين وتبسيط الإجراءات وتفعيل الشفافية وترسيخ النزاهة وإقرار سيادة القانون وضمان عدالة المنافسة لتمكين المستثمرين من الإقدام على الدخول بشجاعة إلى الاقتصاد السعودي الجديد.

*كاتب سعودي

majedgaroub@