صوت المواطن

الثقافة السعودية.. كيان وتطوير

فيصل بن صالح المرزوقي

فيصل بن صالح المرزوقي Faisal_Almrzogi@

بقيت الثقافة ملحقة بالعديد من القطاعات الأخرى، ففي بعض الدول يتم ربطها بالتعليم وأحيانا مع الشؤون الاجتماعية، وهناك من ربطها بالتراث والآثار، بسبب طبيعتها المتداخلة في أكثر من قطاع، ولكن مع التحول الإنساني للمجتمعات ودخولنا في عصر المعرفة، وتحول العالم لقرية صغيرة ظهرت الحاجة مرة أخرى للتركيز على الثقافة، واعتبارها ركنا أساسيا ومهما في خصوصية كل شعب ومكوناته الثقافية، ولأن المملكة دولة محورية وذات ثقل ديني وسياسي واقتصادي، ومع مواكبتها لتطوير أجهزتها الحكومية بما يتفق وأحدث التجارب الدولية، فقد استشعرت قيادة المملكة، أهمية الثقافة كعنصر فاعل ومهم في حياة المجتمع السعودي، وصدر الأمر الكريم القاضي بإنشاء وزارة بمسمى وزارة الثقافة، وفصلها عن وزارة الإعلام، وذلك لإيمان القيادة الحكيمة بأهمية الثقافة وتعزيز الهوية الوطنية للشعب السعودي، وترتبط تلك الأهمية بمحورين داخليا وخارجيا، داخليا لا يخفى على أحد أهمية بلورة الشخصية السعودية المنبثقة من قيم ديننا الإسلامي السمح وعاداتنا العربية الأصيلة، ونبذ كل مفهوم دخيل على مجتمعنا وتطوير سلوك المجتمع وفق معايير متعددة تمكنه من الاعتزاز بماضيه وتطوير مستقبله، كما أن الثقافه كمفهموم علمي مستقل ستؤدي لرفع الكفاءات المعرفية والخبرات المتنوعة للمواطن السعودي، فمن غير المعقول أن يبقى الشخص أسيرا لتخصصه العلمي وعدم معرفته بمعلومات خارج تخصصه، فمن الجميل أن يصبح فكر المواطن السعودي واسعاً بالتجارب والمعارف، هذا من ناحية أهمية الثقافة على الصعيد الداخلي، أما خارجيا فلا يخفى على أحد أن قوى الدول لم تعد تقاس بالقوى الاستراتيجية والعسكرية، ولكن أصبحت القوى الناعمة والمتمثلة بالإرث الثقافي والفكري للمجتمعات، عاملا مهما في إبراز قوة النظم السياسية المختلفة، وبلادنا تمتلك العديد من المقومات التي تجعلها في طليعة الدول في العالم، لما تتمتع به من إرث إسلامي، فهي مهد الإسلام ومنبع العروبة ومحور ربط القارات الثلاث، وتلك إحدى أهم مرتكزات رؤية 2030، وتمتلك المملكة العديد من المواقع السياحية والأثرية التي تستطيع من خلالها تعزيز صورتها على المشهد الدولي، وإيمانا بأهمية المكون التراثي ودوره في المسيرة الثقافية للوطن.

اختير الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود ليكون أول وزير للثقافة السعودية، واختياره يعكس توجه الدولة لاختيار الكفاءات من الشباب، إذ يمتلك العديد من الخبرات في المجال الثقافي والتراثي، إذ تسلم قيادة الهيئة الملكية بمحافظة العلا وعمل على تطوير مقوماتها التراثية وعقد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تعنى بتطوير الإرث الحضاري للعلا، والعمل على تأسيس عدد من الشراكات مع المتاحف والمعاهد الثقافية الدولية، كل تلك الحراكات الثقافية والفكرية خصوصا تلك التي رافقت زيارات ولي العهد الدولية في الفترة الماضية، أثبتت أن المملكة تخطو بخطى قوية وثابتة لإعادة حضورها وبقوة نحو المشهد الثقافي العالمي.