ابني المهندس وابنك السباك!
الأربعاء / 29 / رمضان / 1439 هـ الأربعاء 13 يونيو 2018 02:39
محمد أحمد الحساني
بعد أن صحا المجتمع على كونه أصبح مجتمعاً لا يجيد أبناؤه أية مهنة من المهن البسيطة لأن خطط التنمية ومسارات التعلم وجهتهم على مدى عدة عقود للدراسة النظرية في مراحل التعليم العام وقادتهم إلى الجامعات لعدم وجود بدائل كافية راقية أو حتى مناسبة لاستيعاب أصحاب القدرات والمعدلات المنخفضة في المجالات التقنية والمهنية، فاحتاج الوطن لعشرة ملايين وافد للعمل في مجالات البناء والتعمير والصيانة وتنفيذ المشاريع الحيوية من طرق وجسور وأنفاق ومطارات وصناعات خفيفة وثقيلة، وبعد أن أصبحت نسبة البطالة بين خريجي الجامعات أكثر من 12% حسب آخر إحصائية بدأ نفر من المجتمع يتحدثون «بأريحية» عن زمن مضى كان فيه أبناء الوطن يمارسون جميع المهن البسيطة التي أصبح يمارسها الوافدون من أعمال بناء وكهرباء وسباكة وسمكرة سيارات وصيانة معدات وحدادة ونجارة وخياطة ملابس وغيرها من المهن التي أصبحت أسر القائمين عليها تحمل اسمها من حداد وخياط وسمكري ومعلم بناء وكهربائي ونجار، وأخذ كل واحد من المتحدثين يتساءل وبراءة الأطفال في عينيه عن سبب عدم إقدام أبنائنا الشباب على مهن الآباء والأجداد، وأن ذلك يدل على دلالهم وعدم رغبتهم في تحمل المسؤولية واضعين اللوم كله على جيل دفعته خطط التنمية ومسارات التعليم إلى ما وصل إليه وذلك بَدل طرح ومناقشة الأسباب التي أدت إلى عدم تأهيل الأجيال الجديدة لمهن يحتاجها الوطن وكل وطن على وجه الأرض!
أما أطرف وأعجب شيء في أمثال هذه الحوارات والطروحات الاجتماعية فهو أن معظم الذين يتحدثون عن وجوب توجه الشباب إلى المهن المشار إليها يريدون أن يكون أبناء غيرهم من يقومون بذلك التوجه فتراهم يقولون لمن يستمع لحديثهم الفضفاض: وما العيب في أن يصبح ابنك سمكرياً أو حداداً أو معلم بويه «دهان» فإذا سأله جليسه: ولماذا لا تبادر أنت بتوجيه أبنائك وأقاربك إلى هذه المهن الشريفة أم أن المطلوب أن يكون ابنك مهندساً وابن غيرك سباكاً عملاً بقول الشاعر:
[ وإذا تكون كريهة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب ]
وعلى أية حال فلا أحد يلوم رب أسرة على تمنيه أن يكون كل أنجاله متفوقين في دراستهم راقين في تخصصاتهم، ولكن اللوم يقع على من يتجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت بمعظم خريجي التعليم العام إلى الدراسة الجامعية وفي تخصصات قد لا يحتاجها سوق العمل أو تشبع منها حتى القطاع الحكومي، ليكتفي بتوجيه اللوم إلى شباب محبط تخرج من الجامعات فلم يجد عملاً في قطاع عام أو خاص حتى أن بين يدي حالة شاب متخرج في مجال الإدارة المالية من نيوزلندا وعن طريق الابتعاث الحكومي وقد مضى عليه عام لم يجد عملاً في شركة أو بنك حتى قَبِل أخيراً بالعمل موظف سنترال براتب متواضع وساعات عمل طويلة منحياً شهادته «جانباً».. ثم يأتي بعد ذلك من يتهم الشباب بالدلال ويدعوهم لامتهان المهن البسيطة بعد تخرجهم من الجامعات بعد أن انتصفت أعمارهم في الدراسة حتى التخرج من الجامعة شرط ألا يكون أبناؤه أو حتى أقاربه من السباكين أو الحدادين!.
أما أطرف وأعجب شيء في أمثال هذه الحوارات والطروحات الاجتماعية فهو أن معظم الذين يتحدثون عن وجوب توجه الشباب إلى المهن المشار إليها يريدون أن يكون أبناء غيرهم من يقومون بذلك التوجه فتراهم يقولون لمن يستمع لحديثهم الفضفاض: وما العيب في أن يصبح ابنك سمكرياً أو حداداً أو معلم بويه «دهان» فإذا سأله جليسه: ولماذا لا تبادر أنت بتوجيه أبنائك وأقاربك إلى هذه المهن الشريفة أم أن المطلوب أن يكون ابنك مهندساً وابن غيرك سباكاً عملاً بقول الشاعر:
[ وإذا تكون كريهة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب ]
وعلى أية حال فلا أحد يلوم رب أسرة على تمنيه أن يكون كل أنجاله متفوقين في دراستهم راقين في تخصصاتهم، ولكن اللوم يقع على من يتجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت بمعظم خريجي التعليم العام إلى الدراسة الجامعية وفي تخصصات قد لا يحتاجها سوق العمل أو تشبع منها حتى القطاع الحكومي، ليكتفي بتوجيه اللوم إلى شباب محبط تخرج من الجامعات فلم يجد عملاً في قطاع عام أو خاص حتى أن بين يدي حالة شاب متخرج في مجال الإدارة المالية من نيوزلندا وعن طريق الابتعاث الحكومي وقد مضى عليه عام لم يجد عملاً في شركة أو بنك حتى قَبِل أخيراً بالعمل موظف سنترال براتب متواضع وساعات عمل طويلة منحياً شهادته «جانباً».. ثم يأتي بعد ذلك من يتهم الشباب بالدلال ويدعوهم لامتهان المهن البسيطة بعد تخرجهم من الجامعات بعد أن انتصفت أعمارهم في الدراسة حتى التخرج من الجامعة شرط ألا يكون أبناؤه أو حتى أقاربه من السباكين أو الحدادين!.