الدستور السوري بين أيادٍ إيرانية
الأربعاء / 29 / رمضان / 1439 هـ الأربعاء 13 يونيو 2018 02:39
رامي الخليفة العلي
قام مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا بزيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران وأجرى مباحثات مع مسؤولي النظام الإيراني حول الأزمة السورية وسبل حلها، وناقش المسؤول الأممي قضايا الحل السياسي وعلى رأسها مسألة كتابة الدستور، واستمع من مضيفيه إلى اقتراحات بهذا الشأن، وصفها السيد دي ميستورا بأنها بناءة. الخبر بحد ذاته صادما، إذ كيف تعمد الأمم المتحدة إلى إشراك دولة مسؤولة عن الكثير من المآسي للسوريين في كتابة حاضرهم ومستقبلهم وفي تحديد نظامهم السياسي، كيف يمكن أن نتخيل المقترحات الإيرانية ونحن نعرف توجهات نظام الملالي وكم العبث الذي قام به على الأرض السورية.
إذا كان السيد دي ميستورا قد نسي أو تناسى ما فعلته إيران على الساحة السورية، فإن الشعب السوري لا يمكن أن ينسى، خصوصا أن جراحه لا تزال نازفة، القتل والتهجير وعملية التغيير الديموغرافي. منذ بداية الثورة السورية وضعت إيران ثقلها في الدفاع عن نظام الأسد. ولكنها لم تكتف بالدعم الإعلامي والسياسي ولكن سرعان ما تدخلت عسكريا. بدأ ذلك عبر ميليشيات حزب الله اللبنانية التابعة لها. طبقت إيران كل أيديولوجيتها الطائفية على الأرض السورية فكانت الجريمة الكبرى على الأرض السورية هي إشعال الحرب الطائفية، والذريعة التي اتخذتها الميليشيات الطائفية هي حماية المراقد الشيعية. مع أن هذه المراقد بقيت على الأرض السورية قروناً طويلة دون أن يمسها أحد بسوء. ولكن ذلك ديدن إيران وذيولها عبر التلطي بالشعارات الدينية لتحقيق المآرب السياسية. تلاقى ذلك مع جماعات إرهابية متطرفة، وجدت تسامحا وأحيانا مناصرة من قبل أطراف إقليمية، مما زاد من أوار الحرب في سوريا وتحول الصراع بسبب إيران وميليشياتها من جهة والجماعات الإرهابية من جهة أخرى، إلى حروب دينية لا طائل منها. ولولا المواقف الحكيمة من قلب العالم الإسلامي المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجية والإسلامية، لاتسعت الكارثة. ولكن المملكة كما رفضت السياسة الطائفية الإيرانية رفضت بالتوازي الجماعات الإرهابية ودخلت في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وكذا أسست مع جل الدول الإسلامية التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.
لا يمكن أن ينسى الشعب السوري سياسة التهجير والتغيير الديموغرافي التي اتبعتها إيران، ويذكرون جيدا كيف قامت ميليشيات حزب الله بتهجير سكان القصير ورفع الشعارات الطائفية على مآذن الجوامع، وإحلال سكان آخرين من صبغة طائفية معينة، فكانت تلك سياسة لم تسلم منها مدينة أو قرية وطئتها أقدام الميليشيات الإيرانية. من داريا إلى الزبداني مرورا بالغوطة وحمص. عملت إيران حزاما طائفيا يحيط بالعاصمة السورية وكبريات المدن. بينما بلغ النزوح واللجوء السوري حدا أقلق العالم برمته بعد أن اتبعت إيران بالتعاون مع النظام السوري سياسة التجويع والحصار التي أوصلت السكان المدنيين في كثير من المناطق إلى حد المجاعة.
منذ أن تم تعيين السيد دي ميستورا على رأس عمله وهو ينظر إلى ميزان القوى على الأرض كمنهاج عمل لتحركاته، وكأن ليس هناك من مرجعية قانونية وسياسية فضلا أن تكون أخلاقية هي التي تحكم عمله. صحيح أن دي ميستورا لا يمكن أن يجترح المعجزات وأن تلك التوازنات الموجودة على أرض الواقع هي صاحبة التأثير الأقوى، ولكن ذلك ليس مبررا أن يتجاهل المبعوث الأممي الشعب السوري وآماله وطموحاته، وأن يتجاهل أيضا القانون الدولي والقرارات الأممية، أما عندما لا يستطيع أن يحافظ على تلك المحددات لعمله في الأزمة السورية فعليه أن يقتدي بسابقيه السيد الأخضر الإبراهيمي أو السيد كوفي عنان، اللذين استقالا عندما وجدا أنهما غير قادرين على الاضطلاع بمهامهما. أما تكريس إيران باعتبارها راسما أساسيا للحل في سوريا إضافة إلى حليفها الروسي على الأرض السورية فذلك ليس فقط خيانة للشعب السوري بل خيانة للقيم التي تقوم عليها شرعة الأمم المتحدة برمتها.
ما هي المقترحات التي يمكن أن تقدمها إيران! أن تكون مرجعية سوريا هي سياسات الولي الفقيه؟! أن تعمد سوريا الدولة إلى بناء ميليشيات طائفية؟ أن تدخل سوريا المستقبل في صراعات مع كل جيرانها كما يفعل نظام الملالي؟ أن تكون إيران هي الحاكم الأعلى في النظام السياسي السوري المستقبلي كما هو حادث في لبنان؟ أن تفرض إيران نموذجها الاجتماعي والاقتصادي على سوريا الدولة والمجتمع؟ إذا كان كذلك، فهل هذه هي الدولة التي يحلم بها السوريون، هل هذا هو النظام الذي ضحى من أجله مئات الآلاف من السوريين بحياتهم من أجله؟ الإجابة بالتأكيد لا، وإذا كان السيد دي ميستورا يرى بإيران دولة منتصرة في سوريا على حساب الشعب السوري، فإن هذا الأخير يرى في النظام الإيران دولة احتلال، ولا بد أن ترحل هي وميليشياتها طال الزمن أم قصر. وكما قاوم الشعب السوري الغزاة على مر التاريخ فإنه لن يعجز عن مواجهة إيران وميليشياتها. وإذا كانت إيران تعتقد أن هذه اللحظة هي المناسبة لتمدد نفوذها على حساب تاريخ وحاضر ومستقبل سوريا، وهذه اللحظة لا تمثل سوى انعطافة صغير في تاريخ ثري، سرعان ما يتجاوزها الشعب السوري.
إذا كان السيد دي ميستورا قد نسي أو تناسى ما فعلته إيران على الساحة السورية، فإن الشعب السوري لا يمكن أن ينسى، خصوصا أن جراحه لا تزال نازفة، القتل والتهجير وعملية التغيير الديموغرافي. منذ بداية الثورة السورية وضعت إيران ثقلها في الدفاع عن نظام الأسد. ولكنها لم تكتف بالدعم الإعلامي والسياسي ولكن سرعان ما تدخلت عسكريا. بدأ ذلك عبر ميليشيات حزب الله اللبنانية التابعة لها. طبقت إيران كل أيديولوجيتها الطائفية على الأرض السورية فكانت الجريمة الكبرى على الأرض السورية هي إشعال الحرب الطائفية، والذريعة التي اتخذتها الميليشيات الطائفية هي حماية المراقد الشيعية. مع أن هذه المراقد بقيت على الأرض السورية قروناً طويلة دون أن يمسها أحد بسوء. ولكن ذلك ديدن إيران وذيولها عبر التلطي بالشعارات الدينية لتحقيق المآرب السياسية. تلاقى ذلك مع جماعات إرهابية متطرفة، وجدت تسامحا وأحيانا مناصرة من قبل أطراف إقليمية، مما زاد من أوار الحرب في سوريا وتحول الصراع بسبب إيران وميليشياتها من جهة والجماعات الإرهابية من جهة أخرى، إلى حروب دينية لا طائل منها. ولولا المواقف الحكيمة من قلب العالم الإسلامي المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجية والإسلامية، لاتسعت الكارثة. ولكن المملكة كما رفضت السياسة الطائفية الإيرانية رفضت بالتوازي الجماعات الإرهابية ودخلت في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وكذا أسست مع جل الدول الإسلامية التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.
لا يمكن أن ينسى الشعب السوري سياسة التهجير والتغيير الديموغرافي التي اتبعتها إيران، ويذكرون جيدا كيف قامت ميليشيات حزب الله بتهجير سكان القصير ورفع الشعارات الطائفية على مآذن الجوامع، وإحلال سكان آخرين من صبغة طائفية معينة، فكانت تلك سياسة لم تسلم منها مدينة أو قرية وطئتها أقدام الميليشيات الإيرانية. من داريا إلى الزبداني مرورا بالغوطة وحمص. عملت إيران حزاما طائفيا يحيط بالعاصمة السورية وكبريات المدن. بينما بلغ النزوح واللجوء السوري حدا أقلق العالم برمته بعد أن اتبعت إيران بالتعاون مع النظام السوري سياسة التجويع والحصار التي أوصلت السكان المدنيين في كثير من المناطق إلى حد المجاعة.
منذ أن تم تعيين السيد دي ميستورا على رأس عمله وهو ينظر إلى ميزان القوى على الأرض كمنهاج عمل لتحركاته، وكأن ليس هناك من مرجعية قانونية وسياسية فضلا أن تكون أخلاقية هي التي تحكم عمله. صحيح أن دي ميستورا لا يمكن أن يجترح المعجزات وأن تلك التوازنات الموجودة على أرض الواقع هي صاحبة التأثير الأقوى، ولكن ذلك ليس مبررا أن يتجاهل المبعوث الأممي الشعب السوري وآماله وطموحاته، وأن يتجاهل أيضا القانون الدولي والقرارات الأممية، أما عندما لا يستطيع أن يحافظ على تلك المحددات لعمله في الأزمة السورية فعليه أن يقتدي بسابقيه السيد الأخضر الإبراهيمي أو السيد كوفي عنان، اللذين استقالا عندما وجدا أنهما غير قادرين على الاضطلاع بمهامهما. أما تكريس إيران باعتبارها راسما أساسيا للحل في سوريا إضافة إلى حليفها الروسي على الأرض السورية فذلك ليس فقط خيانة للشعب السوري بل خيانة للقيم التي تقوم عليها شرعة الأمم المتحدة برمتها.
ما هي المقترحات التي يمكن أن تقدمها إيران! أن تكون مرجعية سوريا هي سياسات الولي الفقيه؟! أن تعمد سوريا الدولة إلى بناء ميليشيات طائفية؟ أن تدخل سوريا المستقبل في صراعات مع كل جيرانها كما يفعل نظام الملالي؟ أن تكون إيران هي الحاكم الأعلى في النظام السياسي السوري المستقبلي كما هو حادث في لبنان؟ أن تفرض إيران نموذجها الاجتماعي والاقتصادي على سوريا الدولة والمجتمع؟ إذا كان كذلك، فهل هذه هي الدولة التي يحلم بها السوريون، هل هذا هو النظام الذي ضحى من أجله مئات الآلاف من السوريين بحياتهم من أجله؟ الإجابة بالتأكيد لا، وإذا كان السيد دي ميستورا يرى بإيران دولة منتصرة في سوريا على حساب الشعب السوري، فإن هذا الأخير يرى في النظام الإيران دولة احتلال، ولا بد أن ترحل هي وميليشياتها طال الزمن أم قصر. وكما قاوم الشعب السوري الغزاة على مر التاريخ فإنه لن يعجز عن مواجهة إيران وميليشياتها. وإذا كانت إيران تعتقد أن هذه اللحظة هي المناسبة لتمدد نفوذها على حساب تاريخ وحاضر ومستقبل سوريا، وهذه اللحظة لا تمثل سوى انعطافة صغير في تاريخ ثري، سرعان ما يتجاوزها الشعب السوري.