كتاب ومقالات

بين الحرية والهمجية

مها الشهري

كل عام وأنتم بخير، يأتينا العيد بالكثير من المناسبات والخيارات المختلفة من الترفيه والحفلات الفنية والعديد من الأنشطة، ولكنها تظهر في كل مرة بعض الممارسات الفردية التي يراها البعض أيضا مزعجة ومفسدة للذوق العام، كنتيجة طبيعية يحاول فيها الفرد التعبير عن ذاته، باعتبارها أحد الجوانب السلبية التي لم يفرزها الانفتاح حتى وإن تزامن ظهورها معه.

قد يرى البعض أن الانفتاح سبب رئيسي في ظهور مثل هذه الممارسات، إلا أن هذه المظاهر ليست في الحقيقة ناتجة عن الانفتاح بقدر ما تثبت سوء التنشئة الناتجة عن سلبية القواعد الاجتماعية البائدة والتي كانت تنظم السلوك الاجتماعي وفق رؤاها، عندما قامت على كبت الإنسان وسجنه عاطفيا بعوامل المنع والتحريم ووضعت كل ما هو عادي وغير عادي في حيز الممنوع، فالانفتاح ثمرة من ثمار التطور الاجتماعي ومن الطبيعي أن تظهر بعض السلبيات بالتزامن معه نتيجة التغيير، إلا أنها مظاهر ستزول وتنتهي نظرا لانعدام القيمة والمعنى في ممارساتها وستصبح مع الزمن ضربا من ضروب التخلف كونها لا تتشكل في أي صورة من صور السلوك الحضاري الذي يقود الانفتاح إليه، وسيصبح من المعيب أن تُفعَل.

حرية الإنسان في لباسه وأفكاره وسلوكه مطلب، لكن الحرية قرينة المسؤولية ولا يمكن أن تعزل عنها، فإن تخلى الفرد عنها فستتحول تصرفاته إلى تصرفات همجية مسيئة لشخصه ومؤذية في حقه وحق الذوق العام، وفي هذه الحالة هناك انتقال من حالة الحرية المسؤولة إلى التصرف الهمجي الذي يمارس بمبرراتها، وهنا يكمن الفرق.