كرة القدم.. وشعار الوطنية !
الأحد / 17 / شوال / 1439 هـ الاحد 01 يوليو 2018 01:44
محمد آل سلطان
كرة القدم بالنسبة للسعوديين على الأقل ليست مجرد لعبة رياضية تنافسية كما تبدو، بل كانت في عقود مضت الوسيلة الكبرى وربما الوحيدة للترفيه والتنفيس التي صمدت في مواجهة كل التيارات الفكرية والاجتماعية التي حاولت أن تنحيها جانباً عن ذاكرة السعوديين، ولكن هذه التيارات رغم كل جهودها المحمومة لأجل التشويه والاستهزاء بالرياضة عموماً وبكرة القدم خصوصاً فشلت في انتزاع شغف وحب كرة القدم من ذهنية ووجدان الشعب السعودي، بل زادوا على ذلك أن انتصارات المنتخب الوطني في منتصف الثمانينات والتسعينات الميلادية كان أيقونة للوطنية التي يجتمع حولها ولها كل السعوديين..
وما زال عالقاً في ذهني عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية كيف خرج الشعب السعودي بأكمله فرحاً بانتصارات المنتخب السعودي الأولى، والتي صنعت شعوراً جمعياً بالانتماء والفخر الوطني الذي نتشارك فيه جميعاً، حينها ترسخ شعور طاغ بالفرح والفخر والاعتزاز الوطني، ولكن ذلك لم يسر على كل حال، إذ كانت الأصوات النشاز والمعارضة وقتها لفرح السعوديين أيضاً مسموعة في المدارس والمنابر وأشرطة الكاسيت، التي تشبعت بالمنهج الإخواني المتطرف وما تفرع عنه من جماعات أخرى أكثر تطرفاً، وكانت تدرك في مجموعها خطورة ترسيخ المشاعر الوطنية على منهجها وتيارها المتطرف واستثمارها في مشروع وأد هوية السعوديين الوطنية ومسخها، حتى لا نرى في وطننا إلا ممرات آمنة تؤدي بنا وقتها إلى مهالك بيشاور وقندهار !
توالت الأحداث السياسية في المنطقة في السنوات اللاحقة، ورفعت الأحداث الكبرى الشعور الوطني الجمعي لدى السعوديين الذي لم يعد مرمزاً بالمنتخب الوطني لكرة القدم الذي غاب منذ مونديال عام 2006 تقريباً عن تحقيق أي إنجاز رياضي يذكر، لكن السعودية والسعوديين وإن غاب منتخبهم الوطني لم يغيبوا عن الإنجازات بل تصاعدت القوة السعودية في كل المجالات سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وتنموياً وعلمياً، وأصبحت تحتوي على أكبر القدرات الشابة كماً ونوعاً في شتى المجالات العلمية ومن أعتى الجامعات في العالم غرباً وشرقاً، وأصبح الفخر الوطني عاماً وشاملاً ومحتفياً بالقوة السعودية المتزايدة في كل المجالات وعلى كل المستويات.
لم يعجب ذلك أعداء السعودية، فبالقدر الذي وقفت فيه ضد كل المشاريع التخريبية التي كانت تستهدف أمنها وأمن المنطقة العربية، وبالقدر الذي خذلها الكثير من حولها إلا أنها لم تنس ولو للحظة واحدة رهانها على شعبها ووطنها في البناء والتنمية والتقدم والازدهار.
عاد المنتخب الوطني السعودي على غير المتوقع لشيء من بريقه، وتأهل لمونديال 2018، في الوقت الذي كانت السعودية للتو قد دفنت في غيابة الجب كل المؤامرات والمشروع القطري الخبيث واستثماراته المليارية في محاولة تفتيت المنطقة العربية والسعودية لأكثر من 20 عاماً، لم ترعو محاولات الأقزام الجهلة حتى وهي تصطدم بجدار من الحلم والصبر السعودي المتين حتى أخذته على قول المتنبي «يد فراسة وفم !!»
وفي لحظات تم هدم المشروع الذي اشترك في بنائه «الملالي والإخوان وعضو الكنيست الإسرائيلي» في كل وسائل الإعلام الفضائي والاجتماعي ببساطة شديدة وبمنتهى السهولة بالقدر الذي يعبر عن فارق القوة الخشنة والناعمة الذي تتمتع به السعودية متى ما نفد صبرها !
خسر المنتخب السعودي مباراتين إحداهما بنتيجة ثقيلة كانت الافتتاحية أمام البلد المنظم وانتصر في مباراة، وتصاعدت عند الخسارة شنشنة الأخزم في قنوات الجزيرة وتوابعها أرادوا أن يختصروا السعودية بعظمتها في خسارة مباراة كرة قدم وأن يستغلوا حنق السعوديين المبرر من الخسارة وأن يبعثوا ذبابهم الإليكتروني كالعادة داخل النقاشات الوطنية التي تخص السعوديين وحدهم في محاولة بائسة تحاول أن تسحب الخسارة الكروية من الملعب إلى أروقة السياسة لكنهم فشلوا كعادتهم ليس لأن المنتخب الوطني أرضى طموح السعوديين المتزايد بل لأن حقدهم والبغضاء التي تبدو من أفواههم تجعلهم مكشوفين ومضحكين ويثيرون الشفقة، فالوطنية عند السعوديين لا يمكن بيعها أو شراؤها بكؤوس العالم كلها، وما لدى السعوديين من معالم ودلائل الفخر الوطني قيادة وشعباً ووطناً يكفي ويغني غيرنا لو أردنا، وإذا كنا حضرنا ولم نوفق كما يرضي طموحاتنا ومكانتنا كإحدى دول العشرين على المستوى الدولي فإن غيرنا غاب ولم يشعر أحد بغيابه ولن يعرفه أحد حتى عند حضوره متى ما حضر ومنتهى حلمه أن يصل لأدنى نقطة حصلنا عليها !
وما أشبه الليلة بالبارحة، فالذين استنكروا فرح السعوديين بانتصارات منتخبهم الوطني في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تعزيزاً للهوية الوطنية هم الذين يريدون تثوير السعوديين لخسارة منتخبهم الوطني في 2018 غضباً وثأراً وانتصاراً للوطنية التي عابوها عليهم طوال عقود !
السعوديون عندما ينتقدون مسؤولاً لديهم فهذا شأن يخصهم وحدهم، فهم ينتقدونه بصدق لمصلحة وطنهم أولاً وأخيراً لا لمصلحة وأجندة الآخرين، ومتى ما تدخل الغرباء في شأننا الداخلي فلن يجدوا إلا صفاً واحداً لا تفرق فيه بين مسؤول أو مواطن، هكذا كنا وهكذا سنكون، أما من لديه عقدة من السعودية وقيادتها وشعبها فلا يسعنا إلا أن نقول له أطال الله أمد عقدتك ولا فرج عنك منها.
* كاتب سعودي
وما زال عالقاً في ذهني عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية كيف خرج الشعب السعودي بأكمله فرحاً بانتصارات المنتخب السعودي الأولى، والتي صنعت شعوراً جمعياً بالانتماء والفخر الوطني الذي نتشارك فيه جميعاً، حينها ترسخ شعور طاغ بالفرح والفخر والاعتزاز الوطني، ولكن ذلك لم يسر على كل حال، إذ كانت الأصوات النشاز والمعارضة وقتها لفرح السعوديين أيضاً مسموعة في المدارس والمنابر وأشرطة الكاسيت، التي تشبعت بالمنهج الإخواني المتطرف وما تفرع عنه من جماعات أخرى أكثر تطرفاً، وكانت تدرك في مجموعها خطورة ترسيخ المشاعر الوطنية على منهجها وتيارها المتطرف واستثمارها في مشروع وأد هوية السعوديين الوطنية ومسخها، حتى لا نرى في وطننا إلا ممرات آمنة تؤدي بنا وقتها إلى مهالك بيشاور وقندهار !
توالت الأحداث السياسية في المنطقة في السنوات اللاحقة، ورفعت الأحداث الكبرى الشعور الوطني الجمعي لدى السعوديين الذي لم يعد مرمزاً بالمنتخب الوطني لكرة القدم الذي غاب منذ مونديال عام 2006 تقريباً عن تحقيق أي إنجاز رياضي يذكر، لكن السعودية والسعوديين وإن غاب منتخبهم الوطني لم يغيبوا عن الإنجازات بل تصاعدت القوة السعودية في كل المجالات سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وتنموياً وعلمياً، وأصبحت تحتوي على أكبر القدرات الشابة كماً ونوعاً في شتى المجالات العلمية ومن أعتى الجامعات في العالم غرباً وشرقاً، وأصبح الفخر الوطني عاماً وشاملاً ومحتفياً بالقوة السعودية المتزايدة في كل المجالات وعلى كل المستويات.
لم يعجب ذلك أعداء السعودية، فبالقدر الذي وقفت فيه ضد كل المشاريع التخريبية التي كانت تستهدف أمنها وأمن المنطقة العربية، وبالقدر الذي خذلها الكثير من حولها إلا أنها لم تنس ولو للحظة واحدة رهانها على شعبها ووطنها في البناء والتنمية والتقدم والازدهار.
عاد المنتخب الوطني السعودي على غير المتوقع لشيء من بريقه، وتأهل لمونديال 2018، في الوقت الذي كانت السعودية للتو قد دفنت في غيابة الجب كل المؤامرات والمشروع القطري الخبيث واستثماراته المليارية في محاولة تفتيت المنطقة العربية والسعودية لأكثر من 20 عاماً، لم ترعو محاولات الأقزام الجهلة حتى وهي تصطدم بجدار من الحلم والصبر السعودي المتين حتى أخذته على قول المتنبي «يد فراسة وفم !!»
وفي لحظات تم هدم المشروع الذي اشترك في بنائه «الملالي والإخوان وعضو الكنيست الإسرائيلي» في كل وسائل الإعلام الفضائي والاجتماعي ببساطة شديدة وبمنتهى السهولة بالقدر الذي يعبر عن فارق القوة الخشنة والناعمة الذي تتمتع به السعودية متى ما نفد صبرها !
خسر المنتخب السعودي مباراتين إحداهما بنتيجة ثقيلة كانت الافتتاحية أمام البلد المنظم وانتصر في مباراة، وتصاعدت عند الخسارة شنشنة الأخزم في قنوات الجزيرة وتوابعها أرادوا أن يختصروا السعودية بعظمتها في خسارة مباراة كرة قدم وأن يستغلوا حنق السعوديين المبرر من الخسارة وأن يبعثوا ذبابهم الإليكتروني كالعادة داخل النقاشات الوطنية التي تخص السعوديين وحدهم في محاولة بائسة تحاول أن تسحب الخسارة الكروية من الملعب إلى أروقة السياسة لكنهم فشلوا كعادتهم ليس لأن المنتخب الوطني أرضى طموح السعوديين المتزايد بل لأن حقدهم والبغضاء التي تبدو من أفواههم تجعلهم مكشوفين ومضحكين ويثيرون الشفقة، فالوطنية عند السعوديين لا يمكن بيعها أو شراؤها بكؤوس العالم كلها، وما لدى السعوديين من معالم ودلائل الفخر الوطني قيادة وشعباً ووطناً يكفي ويغني غيرنا لو أردنا، وإذا كنا حضرنا ولم نوفق كما يرضي طموحاتنا ومكانتنا كإحدى دول العشرين على المستوى الدولي فإن غيرنا غاب ولم يشعر أحد بغيابه ولن يعرفه أحد حتى عند حضوره متى ما حضر ومنتهى حلمه أن يصل لأدنى نقطة حصلنا عليها !
وما أشبه الليلة بالبارحة، فالذين استنكروا فرح السعوديين بانتصارات منتخبهم الوطني في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تعزيزاً للهوية الوطنية هم الذين يريدون تثوير السعوديين لخسارة منتخبهم الوطني في 2018 غضباً وثأراً وانتصاراً للوطنية التي عابوها عليهم طوال عقود !
السعوديون عندما ينتقدون مسؤولاً لديهم فهذا شأن يخصهم وحدهم، فهم ينتقدونه بصدق لمصلحة وطنهم أولاً وأخيراً لا لمصلحة وأجندة الآخرين، ومتى ما تدخل الغرباء في شأننا الداخلي فلن يجدوا إلا صفاً واحداً لا تفرق فيه بين مسؤول أو مواطن، هكذا كنا وهكذا سنكون، أما من لديه عقدة من السعودية وقيادتها وشعبها فلا يسعنا إلا أن نقول له أطال الله أمد عقدتك ولا فرج عنك منها.
* كاتب سعودي