أخبار

أريحية أم نسف للمؤسساتية؟

متحدثون رسميون لوزارات يتواصلون مع المستفيدين بحساباتهم الشخصية!

فاطمة آل دبيس (الدمام) fatimah_a_d@

فيما سجلت الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية حضوراً متزايداً الأعوام الماضية في مواقع التواصل الاجتماعي، دخلت وظيفة المتحدث الرسمي على خط التواصل بين الجهات ومستفيديها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ما يثير الجدل في دوائر الاختصاص، توجه عدد من المتحدثين الرسميين باستخدام حساباتهم الشخصية في العملية، الأمر الذي يعتبره متخصصون في الاتصال الجماهيري «غياباً للاحترافية وتهميشاً للعمل المؤسسي»، ويراه آخرون «خياراً إضافياً لحسابات الوزارة والهيئة الحكومية المعنية أصلاً بالتواصل مع المستفيدين». وأحالت وظيفة المتحدث الرسمي «مغردين» إلى هوامير في أعداد متابعيهم، رغم أن بعضهم ترك الوظيفة، إلا أن غنيمة «الشهرة والانتشار» بسبب منصبه السابق، حملها معه عند مغادرة مكتبه. فمتحدث أكبر الوزارات الحكومية من حيث عدد العاملين والمستفيدين (وزارة التعليم) الزميل مبارك العصيمي يستخدم حسابه الشخصي، الذي أنشأه في سبتمبر 2011 ويتابعه 716 ألف متابع، في عملية التواصل مع مستفيدي الوزارة، كما أن حسابه المتخم بأخبار الوزارة والشحيح في الرد على المتابعين يتضمن جوانب شخصية، تتناول مسيرة العصيمي العملية البعيدة عن وزارة التعليم! والأمر يتكرر عند متحدث وزارة الصحة الزميل مشعل الربيعان، إذ يستخدم في عملية التواصل مع مستفيدي الوزارة حسابه، الذي أنشأه في نهاية ديسمبر 2010، أي قبل تعيينه متحدثاً رسمياً في أحد أكثر الوزارات مساساً بحياة السعوديين اليومية، بيد أنه يؤكد لـ«عكاظ» استعداده تسليم حسابه للوزارة بعد انقضاء عمله كمتحدث رسمي إذا كانت تحتاجه «رغم أنه حساب شخصي»، لافتاً إلى أنه يرى ضرورة أن يكون للوزارة حساب باسم المتحدث الرسمي لا يتغير مهما يتغير شاغل المنصب. «عكاظ» طرحت السؤال عن مدى احترافية أن يستخدم المتحدث قنواته الشخصية في عمله الرسمي، على متحدثين حكوميين، وخبراء في الاتصال والقانون.

من جهته، يؤكد المتحدث الرسمي للمديرية العامة للسجون العميد الدكتور أيوب بن نحيت، أنه مع إنشاء حساب باسم المتحدث الرسمي لا يتغير مهما تغير شاغل المنصب، على أن يكون العمل بذلك محكوما بمعايير وضوابط تتوافق مع خصوصية عمل كل جهة، وكذلك بما يتناسب مع ضوابط وسياسات النشر لدى الجهة، حتى يكون الحساب سهل الوصول إليه من قبل المستفيد، ولا يضطر للبحث عن حساب المتحدث الجديد في حال تغير منصب الأول أو اعتذاره. ويشير العميد أيوب بن نحيت إلى أن حسابه في موقع التواصل الاجتماعي حاليا شخصي لكون المديرية العامة للسجون تملك حسابا خاصا في منصة «تويتر»، مضيفاً «أصرح من خلاله متى دعت الضرورة لذلك».

تشتت الجمهور

في المقابل، يرى المتحدث الرسمي للهيئة العامة للإحصاء تيسير بن محمد المفرج، أن الحسابات الرسمية للمتحدث الرسمي قد تشتت الجمهور وتوزع الجهد بين الحساب الرسمي للمنظمة وحساب المتحدث، فضلاً عن أهمية وجود فريق عمل متكامل لإدارة الحساب، ما سيؤخذ عليه في حال تأخره في الإجابة، معتبراً أن وجود هذه الممارسة لا يعني بالضرورة أنها ممارسة غير صحيحة.

ولفت إلى اختلاف آليات التواصل بين الجهات، نظراً لاختلاف أنشطتها، معتبراً أن تجربة إنشاء حساب مستقل للمتحدث الرسمي في «تويتر» لا تزال تجربة ناشئة جديرة بالتقييم ثم الحكم عليها.

وأكد اعتماده في عمله على حساب الهيئة الرئيسي، فيما يبقي التواصل مع الإعلام وممثلي وسائله المختلفة على الطريقة الكلاسيكية كـ«الاتصال الهاتفي أو البريد الإلكتروني أو المؤتمرات الصحفية أو الظهور التلفزيوني والإذاعي».

لا حاجة للإنشاء

ويذهب المتحدث الرسمي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان، الذي يملك حساباً شخصياً في «تويتر»، إلى عدم الحاجة لإنشاء حساب باسم المتحدث الرسمي في «أمانة الشرقية»، كونها تمتلك حساباً رسمياً وموثقاً. ويضيف «الحساب الرسمي المعتمد هو الذي يجب متابعته كونه ينشر الأخبار ويتفاعل مع المواطنين».

مكمل لا أساس

ويصف المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية سلطان الظاهر حسابه في موقع التواصل «تويتر» بـ«الشخصي»، لافتاً إلى أنه وبالرغم من إنشاء بعض الجهات حسابات للمتحدثين الرسميين إلا أنه يعتقد أن دور المتحدث الرسمي مُكمّل وليس أساسا؛ فالأصل أن المعلومات الصحيحة والموثقة متاحة في حسابات التواصل الرسمية للجهات. وأكد عدم وجود حساب ثابت مخصص للمتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية حالياً.

غير مجد

من جهته، كشف المتحدث الرسمي لوزارة العدل منصور القفاري، الذي يملك حسابا على منصة موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عن دراسة الوزارة إنشاء حساب للمتحدث الرسمي للوزارة في مواقع التواصل، بيد أن الوزارة خرجت بالتأكيد على أن تعتمد الوزارة على حسابها الرسمي الذي تشرف عليه الإدارة المختصة، إضافة إلى حساب للتواصل والدعم. ما يعني أن الوزارة لا تجد حاجة في وجود لحساب المتحدث الرسمي.

الأساس والأصل

ويرى المتحدث الرسمي لوزارة التجارة عبدالرحمن الحسين في حساب الوزارات والهيئات الحكومية «الأساس والأصل في نشر أي رسالة أو توضيح أو إعلان»، معتبراً أن ذلك يعطي صيغة العمل المؤسسي. ويلفت إلى أن المتحدث عبارة عن مكمل لذلك ومنصة نشر إضافية، لأنه من المفترض أن يستمر حساب الوزارة أو الجهة في الردود على الاستفسارات والتوضيح والإجابات عن كل الاستفسارات.

مرجع رسمي

من جهته، يرى المتحدث لهيئة الاتصالات عادل أبو حيمد أن يكون لكل جهة حساب ثابت للمتحدث الرسمي، عازياً الأمر إلى أنه من حق الجمهور والمتابعين للحساب الرسمي أن يبقى الحساب أحد أهم المراجع الرسمية الموثوقة التي يعتمدون عليها في تلاقي البيانات التفصيلية، وأن يكون الحساب على تواصل دائم مع الجمهور بغض النظر عن من هو المتحدث الرسمي.

ويؤكد أبو حيمد أن حسابه على «تويتر» يعتبر حسابا تابعا للجهة التي يمثلها (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات)، مضيفاً «يوجد لدي حساب آخر على «تويتر» ومنفصل تماماً عن حسابي كمتحدث رسمي، وهو الحساب الشخصي الذي يتناول فيه المشاركة في العديد من الموضوعات بعيداً عن نطاق العمل الرسمي».

ولفت إلى أنه سيسلم الحساب لجهة العمل بعد ترك المنصب، إذ قال «رغبت أن يكون الحساب الرسمي تابعا للجهة التي أعمل بها».

قانوني: التفريط يقع من المؤسسات لا الموظفين فيما يصر كثير من المتحدثين الرسميين على هامشية التغريد من حسابهم الشخصي لأغراض التواصل مع مستفيدي الجهة التي يتبعونها، يحمل المحامي والمستشار القانوني الدكتور يوسف الجبر مسؤولية التفريط على الجهة المسؤولة التي يمثلها المتحدث الرسمي، كونها لم توجهه بعمل يحمل صيغة الرسمية كـ«حساب المتحدث الرسمي». في المقابل، اعتبر نائب رئيس لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات بغرفة الشرقية هيثم أبو عايشة أن إنشاء حساب باسم المتحدث الرسمي للوزارة أو الجهة تكرار غير مبرر، لافتاً إلى أن الأهم أن يكون لدى الجهة حساب رسمي للأمور الإعلامية وبعضهم يخصص حسابا آخر للأمور المتعلقة بالخدمات والإجابة عن استفسارات العملاء، مضيفاً «الأفضل الاستقلالية،إذ إن هذه الحسابات تكون باسم الجهة، أما في ما يخص الحسابات الشخصية التابعة لمن يملك وظيفة متحدث تكون باسم الشخص وشخصية، ويمكن أن يشير فيها إلى منصبه ولكن لا يستخدمه في أغراض الجهة ولا يجيب فيها عن الاستفسارات أو غيره».