كتاب ومقالات

أسماء بلا ألقاب !

عبدالله عمر خياط

.. يذكر الشيخ إبراهيم الأخضر شيخ مشايخ القراء بالمسجد النبوي وإمام الحرم النبوي بالمدينة المنورة، في مقابلة صحفية أجراها معه الأستاذ بدر الغانمي ونشرتها «عكاظ» في رمضان 1430هـ، أنه زار بعض البلدان وصادف يوم جمعة فقدمه أهل تلك المدينة للخطبة وإمامة المسلمين هناك، وبعد أن انتهت الصلاة سأله بعضهم: هل جمعتهم صحيحة؟ فاستغرب الشيخ وقال: وماذا فيها؟ قالوا: لأنك خطبت بضع دقائق ! فقال: وكم تريدونني أن أخطب؟ قالوا: العادة أن يخطب الخطيب فينا نحو ساعتين.

وعلق الشيخ الأخضر قائلاً: إن هؤلاء قد اعتادوا على مخالفة السنة حتى ظنوا في نهاية الأمر أن السنة هي تطويل الخطبة وتقصير الصلاة وإلا فالجمعة باطلة، في حين أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي تقصير الخطبة فلا تزيد على 5 أو 7 دقائق وتطويل الصلاة.

وقد أصابنا في المملكة ما أصاب بقية المسلمين في أرجاء العالم الإسلامي، فهناك مشايخ هداهم الله يطيلون الخطبة جداً، وفي الوقت نفسه يقصرون صلاة الجمعة، وهذا بلا جدال مخالف لسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أيضا من سلبياته تنفير الناس وخصوصا الشباب من أداء الصلاة في مساجدهم القريبة بسبب التطويل في الخطبة، بل وقد لا يصلون الجمعة أساساً وهو ذنب كبير، يبوء ببعض إثمه هؤلاء الخطباء الذين يجهلون سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم أو يعلمونها ويخالفونها اتباعاً لهوى النفس وشهوة الكلام أمام الميكرفون.

وتتفاقم المشكلة في فصل الصيف، لأن كثيراً من المساجد تمتلئ بروادها المبكرين فلا تكفي مساحتها لمن يأتي متأخراً فيضطر بعضهم أن يصلوا في الشوارع القريبة، وينتظرون الإمام تحت الشمس اللاهبة، وهو لا يلقي لمعاناتهم بالاً، ثم يحضر ويقف في ظل مكيف ويطيل حتى يمل المصلون من التكرار الذي يصيبهم بالسرحان!

ولقد كتب الكاتبون حول هذا الموضوع، ولئن اضطررت لتكرار الكلام فيه فذلك على أمل أن يزدجر الخطباء المطولون في خطب الجمعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والشيء بالشيء يذكر.. فهناك تطويل في أسماء بعض شوارعنا ومعالم مدننا، فقد أخبرني صديق أنه رأى لوحة شارع في مكة المكرمة باسم «إبراهيم العنقري» رحمه الله، لكن اللوحة أضافت ألقاباً كما لو كانت تخاطب المرحوم العنقري فمكتوب عليها: «شارع معالي الشيخ إبراهيم بن عبدالله العنقري»، وقد كان يكفي القول شارع إبراهيم العنقري، وهو رحمه الله قد مضى للقاء ربه ولا يحتاج إلى الألقاب التي نحفل بها في دنيانا الفانية، وقد أحسنت أمانة جدة عندما سمت شارع السبعين شارع الأمير ماجد، ولم تذكر في لوحة التعريف أنه شارع صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز، فهذا لم ينقص منه شيئا رحمه الله، وكذلك شارع الروضة فقد سمته باسم الأمير سعود الفيصل رحمه الله.

السطر الأخير:

«خير الكلام ما قل ودل».

* كاتب سعودي