أخبار

الكشافة السعودية.. من الاجتهادية إلى المهنية الاحترافية في خدمة الحجاج

أحد عناصر الكشافة السعودية يرشد حجاجا إلى مواقعهم في المشاعر

واس (الرياض)

استطاعت جمعية الكشافة العربية السعودية، وخلال 57 عاماً في خدمة حجاج بيت الله الحرام، أن تنقل عملها الذي بدأ عام 1382هـ، من الاجتهادية الى المهنية الاحترافية، في خطوات متسارعة تُجاري فيها تطورات العصر وتقنياته المتسارعة، وهي تتنظر الاحتفاء باليوبيل الماسي بعد ثلاثة أعوام من الآن، حيث عملت خلال العقد الأخير وقبله بخمسة أعوام تقريباً على تطوير كل ما يتعلق بالمعسكرات بدأتها بتأهيل منسوبيها من خلال تزويدهم بالمعارف المتخصصة، والمهارات الضرورية، وممارسة العمل وفق إجراءات مهنية محددة، حتى أصبح لديها محترفون استطاعوا تحقيق القفزة النوعية في كافة شؤون المعسكرات بعيداً عن الاجتهاد غير القائم على المعرفة والمهارة.

وتعود خدمة الكشافة للحجاج إلى أواخر السبعينيات الهجرية بمجموعة اجتهادية من كشافي العاصمة المقدسة بلغ عددهم 100 كشاف كان عملهم مقتصراً حين ذاك على التعاون مع جهاز وزارة الحج بالأراضي المقدسة، ثم شاركهم مجموعة من كشافي محافظتي جدة والطائف إلى عام 1382هـ حيث بدأت الخدمة رسمياً برعاية جمعية الكشافة العربية السعودية، حيث اتسعت دائرة الخدمة لتشمل الإسهام مع جمعية الهلال الأحمر السعودي في تقديم الخدمات الطبية.

وكان من الطبيعي بعد أن اكتسبت الجمعية الصفة الدولية بالاعتراف بها عضواً بالمنظمة الكشفية العالمية عام 1383هـ، وبعد ما امتلكت الخبرة في الخدمة العامة بالحج، أن تتجه بتفكيرها إلى الشباب المسلم الذين ينتمون إلى الحركة الكشفية بمختلف بلاد العالم ليقفوا جنباً إلى جنب مع الشباب السعودي في تنفيذ المشروع لتتوطد أواصر الأخوة بينهم جميعاً، ولحاجة مثل ذلك المشروع إلى الإلمام بعدة لغات، وأهل هذه اللغات من الشباب هم خير من يستطيع التفاهم والتعامل مع مواطنيهم من الحجاج، فكان أن صدرت موافقة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في 1384/4/24هـ بإقامة التجمعات العربية والإسلامية، التي أقيمت من عام 1384هـ إلى عام 1394هـ بواقع تجمع كل سنتين، وقد كان التجمع الأول العربي والإسلامي عام 1384هـ وحضرته 16 دولة، يمثلها 120 جوالا، ثم عقد التجمع الثاني عام 1386هـ وحضرته 19 دولة مثلها 123 جوالا، كما كان التجمع الثالث عام 1388هـ، وحضرته 20 دولة، مثلها 120 جوالا، والتجمع الرابع عام 1390هـ، وحضرته 22 دولة، مثلها 130 جوالا، والتجمع الخامس عام 1392هـ، وحضرته 24 دولة، مثلها 145 جوالا، أما التجمع السادس فكان عام 1394هـ، وحضرته 19 دولة، مثلها 114 جوالا.

وبعد هذه التجربة، رغبت جمعية الكشافة أن يختص بشرف هذه الخدمة أبناء هذه البلاد المباركة، بعد أن انتشرت الحركة الكشفية في المملكة واشتد عودها، وتنوعت المراحل الكشفية فيها، فكانت الانطلاقة سعودية خالصة بشكل سنوي منذ عام 1395هـ حتى الآن، حيث يتوقع أن يُشارك 4500 قائد وكشاف ورائد بمعسكرات الخدمة العامة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، و1500 كشاف وقائد ورائد بالمدينة المنورة، والمنافذ البرية والجوية والبحرية، ومدن الحجاج.

وقد انهت جمعية الكشافة استعداداتها لتنفيذ مهمتها في خدمة الحجاج لتفوز بقصب السبق بين القطاعات التي تقدم الخدمة التطوعية في الحج، حيث تسعى جاهدة لتقديم خدمات أفضل ومستوى أداء أحسن، حيث ستقيم 10 معسكرات فرعية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ومعسكراً بالمدينة المنورة، وتشرف على عددٍ من المعسكرات التي تقيمها كشافة وزارة التعليم في المنافذ.

وعقدت الجمعية عدة اجتماعات مع الجهات التي تسهم معها في خدمة الحجاج، وأبرمت مع بعضها اتفاقيات شراكة، ومن أهم تلك الجهات التي تعمل والجمعية في منظومة واحدة خلال موسم الحج، وزارة الحج والعمرة، ووزارة الصحة، وأمانة العاصمة المقدسة، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ووزارة التجارة والاستثمار، والبنك الإسلامي للتنمية، وبعض مؤسسات الطوافة.

كما أنهت الجمعية ترشيح القيادات الكشفية العاملة بالحج منذ وقت مبكر وعقدت لهم عدة اجتماعات وورش عمل بالرياض، وأقامت دورات للقادة المرافقين للوحدات الكشفية بمكة المكرمة، وأنهت تجهيز عياداتها الطبية، ومقار التموين والتخزين، وستسهم هذا العام وللعام الثالث على التوالي في عملية إدارة حشود أفواج الحجاج من المخيمات إلى الجمرات والعكس، كما ستشهد المعسكرات تعزيز وتطوير في تقنية المعلومات، وتعزيز الاستفادة منها في شتى الخدمات خصوصا في الخرائط الإرشادية الإلكترونية، وإرشاد الأطفال التائهين، والمعاملات الداخلية، وحرصت الجمعية هذا العام على بذل المزيد نحو تهيئة النواحي البيئية المناسبة للمعسكرات في مشعري منى وعرفات، كما ستكون هناك نقلة نوعية في تنفيذ البرامج والفعاليات الثقافية التي تقام خلال الأيام الأولى من تنفيذ المعسكرات.

وتأتي تلك المعسكرات والأعمال التطويرية ضمن منظومة العمل الكبيرة لكافة قطاعات الدولة التي لم تدخر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، جهداً، حيث سخرت كل إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية من أجل تيسير أعمال الحج على الحجاج الذين يفدون إليها من كل فج عميق وتسهيل أداء مناسكهم بيسر وسهولة.