«وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون»
الاثنين / 17 / ذو القعدة / 1439 هـ الاثنين 30 يوليو 2018 01:48
نجيب يماني
أوردت الزميلة بشرى فيصل السباعي في مقال لها في «عكاظ» حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة». وذكرت وجود عديد من النساء اللاتي حكمن وتولين أمر رعيتهن بكل قوة واقتدار، وضربت لنا مثلاً بميركل الألمان في قوتها وحكمتها ورجاحة عقلها.
ويكفي المرأة فخراً أن الإسلام أعطاها حقوقا كثيرة ومن ضمنها حق الشورى لقوله تعالى: «وشاورهم في الأمر»، والخطاب القرآني جاء بصيغة العموم يشمل الذكور والإناث على حد سواء، ولو تم قصره على الرجال دون النساء فهذا يعني أننا قصرنا الصلاة والزكاة والفروض على الرجال وأسقطنا ذلك عن النساء وهذا يتنافى مع الإسلام.
يقول الإمام رشيد رضا، في تفسيره للآية الكريمة «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ»: أثبت الله تعالى للمؤمنات الولاية المطلقة مع المؤمنين، فيدخل فيها ولاية النصرة الحربية والسياسية، كما أورد ابن الجوزي في معنى قوله تعالى «بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ»، في الدين والنصرة والموالاة، وفي هذا يقول ابن حزم: «لما كان رسول الله مبعوثاً إلى الرجال والنساء بعثاً مستوياً، وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه الكريم، للرجال والنساء خطاباً واحداً لم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال من دون النساء إلا بنص جلي أو إجماع، لأن ذلك تخصيص الظاهر، وهذا غير جائز»، فالفقهاء أوضحوا أنهن لا يخرجن من الخطاب القرآني إلا بقرينة.
أجاز الشرع للمرأة أن تتولى الكثير من المناصب التي يتولاها الرجل، يقول الطبري: «يجوز أن تكون المرأة حاكمة على الإطلاق في كل شيء»، ويؤكد عليه الصلاة والسلام بأن المرأة راعية في مال زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها. ويقول لها نبي الأمة لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم. وقال حماد بن سلمة: يجوز لها أن تكون قاضية في الحدود، ويقول الطبري: «لا تشترط الذكورة في القضاء، لأن المرأة يجوز لها أن تكون مفتية فيجوز لها أن تكون قاضية». ويرى الحنفية جواز قضاء المرأة في غير حد ولا قود. ويقول الماوردي في (الأحكام السلطانية): «إن ابن جرير جوّز أن تتولى المرأة القضاء»، وفي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر) أنه يجوز قضاء المرأة في جميع الحقوق. وقد ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ولم يضربه برجل بل استشهد بامرأة ليرفع من شأنها. كما امتدح الله ملكة سبأ في رجاحة عقلها وحكمتها، كما نجى الله المؤمنين من عذاب أليم بمشورة أم سلمة لرسول الله في فتح مكة، والأمثلة كثيرة من القرآن والسنة على رجاحة عقلها.
لقد قرر نبي الأمة بأن النساء شقائق الرجال فارضاً بذلك المساواة بين الجنسين مساواة كاملة تراعي الفوارق الطبيعية بين الأنوثة والرجولة والأحكام المالية التي تلقى على الرجل أعباء لم يثقل بها كاهل المرأة، فليس هناك نص يمنع المرأة من الولاية وتولّي المناصب العامة.
وللحديث الذي أوردته الزميلة بشرى قصة تروى فهذا الحديث رواه أبو بكرة بسند واهٍ أن رسول الله عندما سمع أن بوران بنت كسرى تولت حكم فارس قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، وقد روى الحديث عند مقتل عثمان وقيام السيدة عائشة بقيادة جيش معركة الجمل، وقد طعن المذهب المالكي في هذا الحديث بسبب إقامة الحد على الراوي بعد شهادته على المغيرة بن شعبة.
جاء في كتاب (فيض القدير في شرح الجامع الصغير): «قال الطيبي: وفي هذا الحديث إخبار بنفي الفلاح عن أهل فارس وتنبؤ بأن الفلاح للعرب» ولذلك قال بعض الفقهاء إن الحديث لا يتضمن حكماً شرعياً بل هو خبر مثل آية «غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون»، فالحديث في عمومه هو واقعة حال تخص الملكة بوران ملكة فارس آنذاك وليس حالة عامة. ووقائع الأحوال عندما يتطرق إليها الاحتمال فيكسوها ثوب الإجمال يسقط بها الاستدلال. أما الشيخ الغزالي، فيرجع الأمر إلى نوع الحكم الاستبدادي الذي ساد فارس آنذاك من ملكة مستبدة لا تعرف الشورى، فكان ذلك إيذاناً بزوال الدولة.
وبعض الفقهاء قالوا: لو سلمنا بأن الحديث يراد به التشريع وليس مجرد الخبر، فذلك بقصد الولاية العظمى ومنهم ابن حزم، الذي يرى أن الإسلام لم يحظر على امرأة تولي أي منصب، مثل ولاية القضاء والوزارة والتعليم والفتوى والرواية والإدارة ونحوها، فهذا مما لها ولاية فيه بالإجماع، وقد مارسته على توالي العصور، موافقاً الكاتبة بشرى أن هناك نصوصا لا بد للفقيه أن يزاوج بينها وبين الواقع.
لقد اقتضت المصلحة وواقع الحياة مشاركة المرأة وانخراطها في عجلة التنمية والبناء وكافة أوجه الحياة المختلفة تحت رؤية وطنية عامرة مثمرة وأن تكون لها الولاية؛ لأنها قادرة على الأخذ والعطاء والحوار بمقدار ما تزودت به من العلم والمعرفة، وقدرتها على تولي مناصب الدولة المختلفة وإثبات أهليتها للعمل والذود عن دينها ووطنها بكل قوة واقتدار.
* كاتب سعودي
ويكفي المرأة فخراً أن الإسلام أعطاها حقوقا كثيرة ومن ضمنها حق الشورى لقوله تعالى: «وشاورهم في الأمر»، والخطاب القرآني جاء بصيغة العموم يشمل الذكور والإناث على حد سواء، ولو تم قصره على الرجال دون النساء فهذا يعني أننا قصرنا الصلاة والزكاة والفروض على الرجال وأسقطنا ذلك عن النساء وهذا يتنافى مع الإسلام.
يقول الإمام رشيد رضا، في تفسيره للآية الكريمة «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ»: أثبت الله تعالى للمؤمنات الولاية المطلقة مع المؤمنين، فيدخل فيها ولاية النصرة الحربية والسياسية، كما أورد ابن الجوزي في معنى قوله تعالى «بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ»، في الدين والنصرة والموالاة، وفي هذا يقول ابن حزم: «لما كان رسول الله مبعوثاً إلى الرجال والنساء بعثاً مستوياً، وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه الكريم، للرجال والنساء خطاباً واحداً لم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال من دون النساء إلا بنص جلي أو إجماع، لأن ذلك تخصيص الظاهر، وهذا غير جائز»، فالفقهاء أوضحوا أنهن لا يخرجن من الخطاب القرآني إلا بقرينة.
أجاز الشرع للمرأة أن تتولى الكثير من المناصب التي يتولاها الرجل، يقول الطبري: «يجوز أن تكون المرأة حاكمة على الإطلاق في كل شيء»، ويؤكد عليه الصلاة والسلام بأن المرأة راعية في مال زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها. ويقول لها نبي الأمة لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم. وقال حماد بن سلمة: يجوز لها أن تكون قاضية في الحدود، ويقول الطبري: «لا تشترط الذكورة في القضاء، لأن المرأة يجوز لها أن تكون مفتية فيجوز لها أن تكون قاضية». ويرى الحنفية جواز قضاء المرأة في غير حد ولا قود. ويقول الماوردي في (الأحكام السلطانية): «إن ابن جرير جوّز أن تتولى المرأة القضاء»، وفي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر) أنه يجوز قضاء المرأة في جميع الحقوق. وقد ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ولم يضربه برجل بل استشهد بامرأة ليرفع من شأنها. كما امتدح الله ملكة سبأ في رجاحة عقلها وحكمتها، كما نجى الله المؤمنين من عذاب أليم بمشورة أم سلمة لرسول الله في فتح مكة، والأمثلة كثيرة من القرآن والسنة على رجاحة عقلها.
لقد قرر نبي الأمة بأن النساء شقائق الرجال فارضاً بذلك المساواة بين الجنسين مساواة كاملة تراعي الفوارق الطبيعية بين الأنوثة والرجولة والأحكام المالية التي تلقى على الرجل أعباء لم يثقل بها كاهل المرأة، فليس هناك نص يمنع المرأة من الولاية وتولّي المناصب العامة.
وللحديث الذي أوردته الزميلة بشرى قصة تروى فهذا الحديث رواه أبو بكرة بسند واهٍ أن رسول الله عندما سمع أن بوران بنت كسرى تولت حكم فارس قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، وقد روى الحديث عند مقتل عثمان وقيام السيدة عائشة بقيادة جيش معركة الجمل، وقد طعن المذهب المالكي في هذا الحديث بسبب إقامة الحد على الراوي بعد شهادته على المغيرة بن شعبة.
جاء في كتاب (فيض القدير في شرح الجامع الصغير): «قال الطيبي: وفي هذا الحديث إخبار بنفي الفلاح عن أهل فارس وتنبؤ بأن الفلاح للعرب» ولذلك قال بعض الفقهاء إن الحديث لا يتضمن حكماً شرعياً بل هو خبر مثل آية «غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون»، فالحديث في عمومه هو واقعة حال تخص الملكة بوران ملكة فارس آنذاك وليس حالة عامة. ووقائع الأحوال عندما يتطرق إليها الاحتمال فيكسوها ثوب الإجمال يسقط بها الاستدلال. أما الشيخ الغزالي، فيرجع الأمر إلى نوع الحكم الاستبدادي الذي ساد فارس آنذاك من ملكة مستبدة لا تعرف الشورى، فكان ذلك إيذاناً بزوال الدولة.
وبعض الفقهاء قالوا: لو سلمنا بأن الحديث يراد به التشريع وليس مجرد الخبر، فذلك بقصد الولاية العظمى ومنهم ابن حزم، الذي يرى أن الإسلام لم يحظر على امرأة تولي أي منصب، مثل ولاية القضاء والوزارة والتعليم والفتوى والرواية والإدارة ونحوها، فهذا مما لها ولاية فيه بالإجماع، وقد مارسته على توالي العصور، موافقاً الكاتبة بشرى أن هناك نصوصا لا بد للفقيه أن يزاوج بينها وبين الواقع.
لقد اقتضت المصلحة وواقع الحياة مشاركة المرأة وانخراطها في عجلة التنمية والبناء وكافة أوجه الحياة المختلفة تحت رؤية وطنية عامرة مثمرة وأن تكون لها الولاية؛ لأنها قادرة على الأخذ والعطاء والحوار بمقدار ما تزودت به من العلم والمعرفة، وقدرتها على تولي مناصب الدولة المختلفة وإثبات أهليتها للعمل والذود عن دينها ووطنها بكل قوة واقتدار.
* كاتب سعودي