كتاب ومقالات

«كيكي».. سلوك الزمن الجديد

عبده خال

لم يكن يدور في خلد البنات اللاتي كن يلعبن لعبة (الحبل) وهن يرددن:

كيكي على العالي... كيكي على الواطي.

لم يكن يدور في خلدهن أن كلمة (كيكي) التي كانت تخرج من أفواههن بلحن رتيب ستصبح ظاهرة عالمية يؤديها ملايين البشر على نغمات أغنية النجم الكندي دريك (In My Feelings)، وهي أغنية تحاكي كلماتها خطب عشق قيل إنها إحدى محبوبات المغنى دريك، وأن هذه الأغنية أعجب بها مقدم برنامج (The Shiggy Show) الكوميدي فأخذه الإعجاب في أن يطلق تحدياً على موقع Instagram، لمن يقوم بالرقص على أنغام تلك الأغنية كما فعل هو.. وهي رقصة يؤديها الفرد بعد ترجله من سيارة أثناء سيرها، ويتراقص على أنغام أغنية (In My Feelings)... هذا التحدي استجاب له ملايين من الشباب في جميع أقطار العالم، فظهرت ملايين المشاهد لمن استجاب لذلك التحدي..

وبالرغم من التحذيرات المعممة من إمكانية أن تؤدي الرقصة إلى حدوث مخاطر إلا أن الشباب صموا آذانهم ودخلوا في التحدي.

وهذه الظاهرة ومثيلاتها تؤكد أن العالم يعيش في غرفة واحدة، وما يحدث في هذه الغرفة يتحول إلى سلوك عام يكسب الفاعل الشهرة خلال دقائق، ولأن النزعة الإنسانية قائمة -لدى البعض- على حب الظهور، يتحول أي فعل عجيب الى منصة شهرة.. وحدوث ذلك الفعل ليس له مكان محدد سوى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمم الإعجاب فيكتسب الفاعل الشهرة.

وهناك فرق شاسع بين الشهرة الموزعة هذه الأيام لفعل أي سلوك مستغرب أو مستحدث وبين الشهرة التي يصل إليها المرء من خلال أفعال أو أفكار تفيد الناس وتسهم في تنامي الخبرة الإنسانية.

وإن كان ثمة رسالة أريد قولها فهي أننا لم نعد لوحدنا في العالم، ولم يعد أبناؤنا شبهاً لنا في السلوك، أو فيما أوصلناه إليهم من سلوك وعادات الأجداد، وعلينا مسايرة العصر الذي نعيش فيه كضيوف، فلم يعد بالإمكان استخدام الأقفال... ولكل زمن آليات حياة وقيم وأخلاقيات تكون هي المسيرة لحياة من يعيش في عصره.