مُدارَاة المُدير
الثلاثاء / 18 / ذو القعدة / 1439 هـ الثلاثاء 31 يوليو 2018 01:16
محمد بن طلال سمسم
إن كفاءة العمل ترتبط بشكل وثيق بكفاءة العاملين، وأخلاقيات التعامل والتواصل بين أفراد منظومة العمل والتي من أهم مكوّناتها هي ضوابط علاقة المسؤول الأول (القائد أو المدير) بالمرؤوسين (المُنتسِبين أو الموظفين)، حيث يتوجب أن تكون العلاقة منضبطةً بالمهنيّة ومصلحة العمل، مع مراعاة واجب الاحترام والتقدير.
إن تقدير واحترام المرؤوسين لرئيسهم أمرٌ مهم، إلا أنه يجب أن يكون في إطار الاحترام المتبادل ووفق ضوابط المقبول اجتماعياً وفي حدود مصلحة العمل، ولا ينبغي أن يُتجاوز ذلك إلى اعتبار المدير صاحب فضلٍ وولي نعمة على المرؤوسين، ومن ثم يبرز التملّق والتزلّف والنفاق ويُجبَر الموظف حينها على «مُدارَاة» المُدير وتتبّع مواطن رضاه وتجنّب مواطن غضبه.
أحياناً، نرى أن الموظفين (المُدَارِين) يُضطَرون إلى «مُدارَاة» المُدير وتجنّب مصارحته في إظهار بعض الحقائق عن التحديات والمشاكل (والتي هي حتماً موجودة في أي منظومة عمل) مما قد لا يُناسب ذلك المُدير (ولا نقول القائد) خوفاً من ردة فعله، ويغدو حينها الموظف الواضح (الصريح) عضواً مشاغباً وغير مرغوب فيه لاختلافه عن المُحيطين بالمدير ممن يُغدقون له التبجيل والثناء (فقط).
إلّا أن القائد الموفّق يُقدّر ويُثمّن، بل ويَبحث، عن الموظف الواضح، وحبّذا لو كان أميناً أيضاً، لكي يرى من خلاله حقيقة الأمور من الزاوية التي لا يتيسر له في رأس الهرم النظر من خلالها.
إن الشفافية والوضوح في التواصل بين أفراد منظومة العمل، بمن فيهم المسؤول الأول، ضرورة أكيدة لصلاح المنظومة ونموّها تحقيقاً لديمومة الترقي، وتقول الحكمة: صديقك من يُصارحك بأخطائك لا من يُجمّلها لك ليكسب رضاك، ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي، ويقول ستيفن كوفي مؤلف الكتاب الشهير (العادات السبع للناس الأكثر فعالية): دائماً عامِل الموظفين كما تُحب أن يعاملوا هُم أفضل العملاء، فيما يؤكد بيل غيتس (مؤسس شركة ميكروسوفت): جميعنا نحتاج أن نستمع إلى آراء الآخرين، بهذه الطريقة نتحسّن. ويُنقل عن العالم فولفغانغ باولي (الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء) أنه ذهب إلى حدٍ أبعد من المُعتاد في تحفيز من حوله لإبداء الرأي حيث قال للفيزيائيين العاملين كمساعدين له: «لن تكون مهامكم ثقيلة؛ فوظيفتكم هي أنه في كل مرة أتفوَّه فيها بشيء، عليكم أن تعارضوني بأقوى الحجج».
تزخر السيرة النبوية الشريفة لأعظم قائدٍ عرفته البشرية صلى الله عليه وسلم بمواقفٍ كثيرةٍ من حُسن القُرب والتواصل. «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»، والحرص على الرأي والمشورة «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، ومن ذلك الحادثة المعروفة عندما أخذ عليه الصلاة والسلام برأي أحد أصحابه (الحُباب بن المنذر رضي الله عنه) بتغيير موقع نزول الجيش في معركة بدرٍ الكبرى تحقيقاً للمصلحة.
الميزان في التواصل الفعّال بين أفراد منظومة العمل، بمن فيهم المسؤول الأول، هو مصلحة العمل، فلا يجب أن يجد المُدير غضاضةً إذا ما لفت أحد الموظفين انتباهه إلى أمرٍ لا يسير على ما يُرام أو أبرز ملاحظةً تستوجب المعالجة أو نوّه إلى تعارض بعض التعليمات والتوجيهات مع مصلحة العمل.
وخلاصة القول: فإنه من المهم تبنّي الشفافية في التواصل والمهنيّة في التعامل بين كافة أفراد منظومة العمل، بمن فيهم القائد، ويجب أن تكون مصلحة العمل هي الأولوية دوماً، ونعوذ بالله من «مُدارَاة المُدير».
* وكيل وزارة الحج والعمرة لشؤون نقل الحجاج والمعتمرين
إن تقدير واحترام المرؤوسين لرئيسهم أمرٌ مهم، إلا أنه يجب أن يكون في إطار الاحترام المتبادل ووفق ضوابط المقبول اجتماعياً وفي حدود مصلحة العمل، ولا ينبغي أن يُتجاوز ذلك إلى اعتبار المدير صاحب فضلٍ وولي نعمة على المرؤوسين، ومن ثم يبرز التملّق والتزلّف والنفاق ويُجبَر الموظف حينها على «مُدارَاة» المُدير وتتبّع مواطن رضاه وتجنّب مواطن غضبه.
أحياناً، نرى أن الموظفين (المُدَارِين) يُضطَرون إلى «مُدارَاة» المُدير وتجنّب مصارحته في إظهار بعض الحقائق عن التحديات والمشاكل (والتي هي حتماً موجودة في أي منظومة عمل) مما قد لا يُناسب ذلك المُدير (ولا نقول القائد) خوفاً من ردة فعله، ويغدو حينها الموظف الواضح (الصريح) عضواً مشاغباً وغير مرغوب فيه لاختلافه عن المُحيطين بالمدير ممن يُغدقون له التبجيل والثناء (فقط).
إلّا أن القائد الموفّق يُقدّر ويُثمّن، بل ويَبحث، عن الموظف الواضح، وحبّذا لو كان أميناً أيضاً، لكي يرى من خلاله حقيقة الأمور من الزاوية التي لا يتيسر له في رأس الهرم النظر من خلالها.
إن الشفافية والوضوح في التواصل بين أفراد منظومة العمل، بمن فيهم المسؤول الأول، ضرورة أكيدة لصلاح المنظومة ونموّها تحقيقاً لديمومة الترقي، وتقول الحكمة: صديقك من يُصارحك بأخطائك لا من يُجمّلها لك ليكسب رضاك، ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي، ويقول ستيفن كوفي مؤلف الكتاب الشهير (العادات السبع للناس الأكثر فعالية): دائماً عامِل الموظفين كما تُحب أن يعاملوا هُم أفضل العملاء، فيما يؤكد بيل غيتس (مؤسس شركة ميكروسوفت): جميعنا نحتاج أن نستمع إلى آراء الآخرين، بهذه الطريقة نتحسّن. ويُنقل عن العالم فولفغانغ باولي (الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء) أنه ذهب إلى حدٍ أبعد من المُعتاد في تحفيز من حوله لإبداء الرأي حيث قال للفيزيائيين العاملين كمساعدين له: «لن تكون مهامكم ثقيلة؛ فوظيفتكم هي أنه في كل مرة أتفوَّه فيها بشيء، عليكم أن تعارضوني بأقوى الحجج».
تزخر السيرة النبوية الشريفة لأعظم قائدٍ عرفته البشرية صلى الله عليه وسلم بمواقفٍ كثيرةٍ من حُسن القُرب والتواصل. «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»، والحرص على الرأي والمشورة «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، ومن ذلك الحادثة المعروفة عندما أخذ عليه الصلاة والسلام برأي أحد أصحابه (الحُباب بن المنذر رضي الله عنه) بتغيير موقع نزول الجيش في معركة بدرٍ الكبرى تحقيقاً للمصلحة.
الميزان في التواصل الفعّال بين أفراد منظومة العمل، بمن فيهم المسؤول الأول، هو مصلحة العمل، فلا يجب أن يجد المُدير غضاضةً إذا ما لفت أحد الموظفين انتباهه إلى أمرٍ لا يسير على ما يُرام أو أبرز ملاحظةً تستوجب المعالجة أو نوّه إلى تعارض بعض التعليمات والتوجيهات مع مصلحة العمل.
وخلاصة القول: فإنه من المهم تبنّي الشفافية في التواصل والمهنيّة في التعامل بين كافة أفراد منظومة العمل، بمن فيهم القائد، ويجب أن تكون مصلحة العمل هي الأولوية دوماً، ونعوذ بالله من «مُدارَاة المُدير».
* وكيل وزارة الحج والعمرة لشؤون نقل الحجاج والمعتمرين