للشاعر أحمد الصافي النجفي رحمه الله بيت شعر قال فيه:

وكل شخص لست تعرفه

ككتاب لست قاريه

وقد جاء موسم الحج هذا العام واجتذب كمثال 24000 حاج من بريطانيا و2000 حاج من تركمانستان و2000 حاج من الكويت، وقس على ذلك بقية شعوب الأرض من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها في حدود 200 دولة، ودول ليست حتى عضواً في الأمم المتحدة مثل دولة أرض الصومال القريبة منا.

إن ركن الشهادتين ينطقه المسلم في أي مكان ولو في جزر الواق الواق، وكذلك الصلاة فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»، وكذلك الزكاة يؤديها المسلم بغض النظر عن البقعة الجغرافية التي هو فيها، وقل مثل ذلك عن صوم شهر رمضان. إلا الحج، فهو ركن جغرافي مكاني، وقد حاول أبرهة الحبشي بناء بيت في صنعاء يحج إليه العرب فأهلكه الله.

وبقي ركن الحج المعظم وأركانه. فركن النية في ميقات معين من نحو 430 كيلو بالمدينة المنورة إلى الشميسي غرب مكة بـ 20 كيلو إلى غيرها من المواقيت المعروفة، ثم أركان الحج مثل الوقوف يوم التاسع في سهل عرفات على بعد 25 كيلومترا من المسجد الحرام، ثم الركن الثالث وهو طواف الإفاضة سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة التي ليس لها مثيل في العالم، والتي اختارها الله ليحج إليها الأنبياء والمسلمون من بعدهم، ثم سعي الحج وهو الركن الرابع من أركان الحج، وكلها في أماكن معلومة محددة.

والمهيب الجمالي والجلالي في الأمر هو هذه الحشود من كل لون وكل عرق وكل جنس وكل بقعة من كوكب الأرض يأتون سنوياً، وقل مثل ذلك عن نُسُك العمرة، وهؤلاء هم ممثلو مسلمي العالم، جاؤوا إلينا حاجين بيت الله الحرام، وليشهدوا منافع لهم.

هؤلاء علاوة على أنهم جاؤوا للعبادة سيتعرفون إلى المملكة العربية السعودية وإلى مطوفيها ومفكريها، وقد كانت ندوة الحج السنوية كل عام تستضيف زبدة علماء البلدان من وفود الرحمن، وفي هذا العام تم تنظيم «هاكاثون الحج» وقد شارك فيها المئات من مطوري البرمجة فكأنها ندوة معاصرة تعتمد على التلاقي والتلاقح الإلكتروني نحتاً من كلمتي هاكر مع ماراثون.

إننا نشهد منافع لنا وللحجاج بهذه اللقاءات، وكما قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: «لقاء العقول تلاقح الأفكار»، ونتعرف إلى العقول الكبيرة التي يتيحها لنا في كل عام الركن الخامس، ركن الحج.

السطر الأخير:

ومتى تُصِبْك خصاصة فارجُ الغنى

وإلى الذي يعطي الرغائب فارغبِ

* كاتب سعودي