كتاب ومقالات

في وداعة الله

أسعد عبدالكريم الفريح

يتزاور الأهل والأصدقاء، وعندما يحين وقت المغادرة، يقول الضيوف: «هيا في أمان الله»، فيرد عليهم أهل الدار وغالبا يكن النساء مبادرات فيقلن «في وداعة الله»، هكذا وبهذه الكلمة المختصرة الجميلة التي تخرج من القلب ويتحرك بها اللسان إلى مشاعر الطرف الآخر، يودعون ضيوفهم الذين يلتقونهم بامتنان، وكأنها دعوة تشمل كل مناحي الحياة، وكيف لا، وأنت تُترك في وداعة الرب القادر الرحيم، وهل هناك أجمل وأضمن من رعاية الله، لقد قالها المودعون دون كلفة، فهي الطبيعة الجزلة، التي تمنح هؤلاء الناس البلاغة العفوية.

ونحن في هذا البلد العظيم يقول خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وأركان حكومته والعاملون على راحة الحجيج كافة، ومعهم شعب المملكة، في وداعة الله الرحمن يا حجاج بيت الله، لقد كنتم ضيوفا كراما بين أهلكم ومحبيكم، من أهل هذا البلد الذي كرمه الله بأن يكون الحرمان الشريفان بين أضلعه، وفي وسط قلبه، وأن قيض لهذا الوطن قادة حكماء رشيدين كراما يعرفون قيمة هذا الشرف فأحسنوا أداء المهمة على خير وجه، وتراهم وشغلهم الشاغل كيف يضيفون إلى ما تحقق من مشاريع وإنجازات أخرى، تضيف إلى سجلهم الناصع صفحات أحرفها تكاد تضيء لما تحمله من فكر وعمل جاد، ليكرموا الحجاج والمعتمرين، لما يستحقونه في نظرهم من أمن وراحة وسلام، لقد أنفقت قيادة هذا البلد مئات المليارات على مشاريع الحج دون منة أو تفاخر، فهم يرون أن كل ما يقدمونه ما هو على كثر ما أنجز وصرف، ما هو إلا قطرة في بحر خططهم وأمانيهم، قيادة وحكومة رشيدة تعمل في صمت دون جعجعة ومباهاة لا تلتفت إلى ما يقوله زيد أو عبيد، من الموتورين الذين ملأ الحقد قلوبهم، والذين منذ بدء الموسم وهم يعدون بحبات الرمل الثواني لعلها تأتيهم بخبر من جهينتهم ومراسليهم الكذوبين، خبر يبرد كبودهم ولو حتى كان نبأ كاذبا، إنهم ينتظرون أي خطأ أو حادث عابر ليعلنوا الأفراح والليالي الملاح، ومع أن الأخطاء جزء من جسم العمل، لكن إرادة الله، وحكمة قادة هذا الصرح العظيم، والعمل المنظم الرشيد الذي أثمر عن موسم فريد في نجاحه خيب ظنونهم، وزاد أكبادهم حرقة، وكأني بهم وهم يذرفون الدمع على خيبة أملهم، وهذه الزمرة الجاهلة الحاقدة هي من يقودها الملالي، وقادة قطر، وحزب الشيطان في لبنان، والزعران المطبلين في زفة اللطم على الخدود، لعدم تحقق حلمهم المنشود الحواثية ذوي الفكر المحدود، والأمل المفقود، كما أضيف لهم بعض المتنبئين وهم أصلا إخوان الشياطين، الذين روجوا عن أحداث تقع في موسم الحج، ورغم أننا نعرف أن المتنبئين هم من الغاوين، ولكن أضيف أن تنبأهم ما كان بالنجوم على خطئه وحرمته، بل كان بالأماني، وليحققوا أحلام سادتهم الملالي، وبقية فرقة حسب الله، لقد رد الله كيدهم في نحورهم، وقد يحلو لهم الآن اللطم على الخدود وشق الجيوب وحثو التراب على الرؤوس، ولا عزاء لكل من أراد شرا وشقوة لهذا البلد، فللبيت رب يحميه، أما الحجاج ضيوف الرحمن فنقول لهم «لقد حللتم أهلا ووطئتم سهلا، وفي وداعة الله».